بدأت لجنة تحقيق أمنية شكلها الرئيس بوتفليقة في التحقيق حول أسباب التقصير الأمني الخطير الذي أدى في النهاية إلى عدم توقع خروج الآلاف من عناصر الوحدات الجمهورية للأمن إلى الشارع، وقال مصدر عليم للغاية إن ضباطا كبارا في لجنة التحقيق التي يرأسها مستشار الرئيس للشؤون الأمنية، استمعوا إلى مسؤولين في المديرية العامة للأمن الوطني حول تفاصيل وظروف انتفاضة 13 أكتوبر. فحص خبراء من لجنة تحقيق وطنية، مئات الوثائق والمراسلات السرية الخاصة بالمديرية العامة للأمن الوطني، والتي تتعلق بالحالة العامة للوحدات الجمهورية للأمن وظروف عمل هذه الوحدات في غرداية تحديدا. وتنقل خبراء لجنة التحقيق الذين تم اختيارهم على مستوى رئاسة الجمهورية، عدة مرات إلى مقر المديرية العامة للأمن الوطني وإلى ديوان المدير العام للأمن الوطني، وقال مصدرنا إن الرئيس بوتفليقة حدد للجنة التحقيق الوطنية عدة مهام، أولها الإجابة على السؤال الأهم وهو: هل تقف جهة ما خلف ما حدث أيام 13 و14 و15 أكتوبر، وكيف تم ذلك؟ أما السؤال الثاني فهو سبب فشل منظومة الاستعلامات في الأمن الوطني في التنبؤ باحتجاج الشرطة؟ والسؤال الثالث هو سبب فشل منظومة القيادة والسيطرة في الوحدات الجمهورية للأمن في منع الاحتجاج. وقد بدأ المختصون في نشاطهم، منذ عدة أيام، حيث تم فحص مئات الوثائق والمراسلات الخاصة بالمديرية العامة للأمن الوطني، بالإضافة إلى الإطلاع على محاضر اجتماعات ولقاءات على أعلى مستوى، كما استمع المحققون لإطارات ومسؤولين كبار في المديرية العامة للأمن الوطني. وقد تولى مستشار الرئيس للشؤون الأمنية التحقيق بنفسه في بعض الحالات الخاصة، وقال مصدرنا إن هدف التحقيق الحالي هو رسم صورة واضحة أمام صناع القرار حول الأسباب التي أدت في النهاية إلى خروج الشرطة إلى الشارع، ثم الظروف التي منعت من التنبؤ بما وقع في الوقت المناسب. ويعمل المحققون أيضا على ملف أحداث غرداية وسبب تفاقمها وتأثيرها المباشر على الضبط والربط والسيطرة في صفوف الأمن الوطني. وفي السياق ذاته، أوفد اللواء عبد الغني هامل مجموعة من المختصين في علم النفس إلى غرداية، طلب منهم توفير رعاية نفسية لعناصر الوحدات الجمهورية للأمن في غرداية وإعداد تقارير حول الظروف النفسية الجماعية للوحدات خلال الأشهر العشرة التي سبقت احتجاج الشرطة. وكشف مصدر من المديرية العامة للأمن الوطني أن أحد أهم نتائج التحقيق الداخلي في المديرية العامة للأمن الوطني، كشف أن ما تعرض له عناصر الوحدات الجمهورية للأمن يشبه كثيرا ما يصاب به الجنود في الجيوش في الحروب الطويلة أو بعد الهزيمة، حيث تتكرر حالات العصيان والفرار، إلا أن الفرق هنا هو أن العناصر قرروا الدخول في حركة احتجاجية، كما أكدت التقارير الأولية أن قرارا اتخذ قبل عدة سنوات يمنع إعداد تقارير حول الحالة النفسية الجماعية لوحدات الشرطة، والمثير أكثر هو أن الشرطة الجزائرية لا توفر تدريبا نفسيا لعناصرها، وهو التدريب الذي يعطي للشرطي حصانة ضد أي هزة أو حرب نفسية قد تشن ضده. كما تغيب مصالح الشؤون المعنوية عن الشرطة، وهي المصالح التي تعمل على رفع الروح المعنوية في الوحدات. وفي موضوع ذي صلة، أوفد اللواء عبد الغني هامل لجنة تحقيق برئاسة مدير الموارد البشرية إلى ورڤلة للتحقيق حول ظروف وفاة ضابط الشرطة الذي أصيب في حادث إطلاق نار في مكتبه بالأمن الحضري الخامس.