فسح سقوط الرئيس بلاز كامباوري من الحكم، في بوركينا فاسو، المجال لصراع الأجنحة في الجيش على كرسي الرئاسة. فأمام شغور منصب رئيس الجمهورية وحل البرلمان الذي يخول لرئيسه القيام بدور الرئيس بالنيابة حتى إجراء انتخابات رئاسية في ظرف شهرين، بإيعاز من ضباط الجيش، دخل العسكريون في صراع مفتوح على منصب الرئيس. وطفت على السطح المنافسة المفتوحة بين رائد وعميد، ما يؤكد أن الرتبة في الجيوش الإفريقية، مرة أخرى، لا تعبر عن الكفاءة ولا الخصال. وقد أعلن قائد الأركان للجيش، الجنرال نبيري هنوري تراوري، تحمّل مسؤولية “رئيس الدولة”، وفق النص الدستوري. وأعلن، من جهته، الرائد إسحاق زيدا، نائب رئيس الأمن الرئاسي، هو الآخر تحمّل المسؤولية. وبدا هذا الأخير مبادرا أكثر من الأول وقد برز في المظاهرات، حين نصب نفسه ناطقا باسم الجيش في إدارة الأزمة. إذ قام مع مجموعة من الضباط بالتعبير أمام المحتجين، تارة معلنا استقالة الرئيس وتارة أخرى معلنا تعليق الدستور، فغلق الفضاء الجوي، فالاستحواذ على الحكم من طرف “القوات الحية” و”القوات المسلحة”. وأدلي بالتصريح تلو الآخر للتقليل من شأن الجنرال المنافس، والذي قال عنه إنه محسوب على الرئيس المخلوع. وتجاوز الخصمان جنرالا ثالثا متقاعدا، كوامي لوغي، الذي كان المتظاهرون يهتفون باسمه. وفي اجتماع حاسم لقيادة الجيش، تقرر تسليم مهام رئاسة المرحلة الانتقالية إلى الرائد إسحاق زيدا، وفق بيان صدر عن قائد الأركان الجنرال نبيري هنوري تراوري الذي اعترف بفوز منافسه في استشارة ضباط الجيش. والتزمت فرنسا (الدولة المستعمرة لهذا البلد سابقا) “الحياد”. وحيا قصر الإليزي استقالة الرئيس ودعا إلى “إقامة انتخابات ديمقراطية”. لكن فرنسا قامت بوساطة لإخراج الرئيس المخلوع من الجحيم. وكشف مصدر دبلوماسي فرنسي، لوكالة الأنباء الفرنسية، أن كامباوري توجه إلى الجنوب، في اتجاه بو، القريبة من الحدود مع غانا، في وقت أكد الرائد زيدا أن الرئيس “يوجد في صحة جيدة”. وفي الظهيرة تبين أن الرئيس موجود بكوت ديفوار. ونقلت الوكالة، عن موظف بفندق رئاسي بمدينة يامو سوكرو، أن الرئيس المخلوع تناول العشاء وفطور الصباح بالفندق الفاخر. فيما أكد شاهد آخر أن رتلا من 30 سيارة توجه نحو إقامة الضيوف “جيسكارديون”، التي ارتبطت باسم الرئيس الفرنسي السابق جيسكار ديستان، الذي نزل فيها في أول زيارة في السبعينات. وأكدت رئاسة كوت ديفورا أخيرا خبر تواجد الرئيس كامباوري على ترابها.