فتحت كتل الأموال الضخمة التي تدرها تبرعات المحسنين في المساجد، شهية الحكومة بهدف استغلالها في تدابير التقشف التي ستطبقها على الجزائريين، خصوصا بعد إعلان سلال قرب نضوب الاحتياطيات المالية للجزائر. وعمدت وزارة الداخلية إلى تأطير جميع التبرعات من أجل ضخها في مشاريع بناء مدارس ومستشفيات وتوجيهها إلى صناديق لمراكز ودواوين اجتماعية تدعمها الحكومة، مثلما أفاد مصدر حكومي ل”الخبر”، قائلا إن “قرار وزارة الداخلية بوضع تدابير جديدة لتأطير عملية جمع التبرعات في المساجد، جاء بناء على تعليمات أفرزها اجتماع حكومي جمع وزارات الداخلية (في عهد الطيب بلعيز) والشؤون الدينية والتضامن، فتقرر إلزام الولاة، عند تلقيهم طلبات لجمع الأموال في المساجد، بتحويلها إلى الداخلية لإعطائهم رأيها حول الموضوع”. وأوضح المصدر أن “الكتل النقدية التي تجمع من تبرعات المحسنين في المساجد، كانت تنفق فقط في ترميم المساجد وتجديد الأفرشة وشراء مكيفات الهواء ولوازم غير ضرورية، فيما كان من الممكن استغلال تلك الأموال في بناء مدارس ومراكز صحية وتمويل جمعيات خيرية وشراء أدوية، وغيرها من التكاليف التي كانت تقتطع من خزينة الدولة، وهو ما تم فعلا خصوصا مع تدابير التقشف الجديدة”. وأبرز المصدر أن “الحكومة لم تستطع توقيف نفقات التجهيز، فمنحتها الأولوية لإتمام المشاريع، لذلك لجأت إلى تبرعات المحسنين في المساجد، بهدف إطلاقها في آجالها المحددة وضمن التكاليف المقررة، خصوصا المستشفيات والمدارس، وإتمام جدولة تسلسلها قصد القيام بعمليات إعادة الهيكلة الضرورية وفق الأولوية وحسب الحاجيات المحددة الحقيقية واللازمة”. وذلك موازاة مع “تأجيل المشاريع غير الضرورية”، حسب المصدر، فيما أجبر “التقشف” الحكومة على “استخراج، فقط من مجال الميزانية، المشاريع ذات الطابع التجاري التي لم يتم الانطلاق فيها أو المزمع تسجليها وتوجيهها نحو تمويلها جزئيا أو كليا من السوق المالية وفق حصة تبعية الخدمة العمومية المنوطة بالدولة”. وفي السياق، صرح المدير العام للحريات والشؤون القانونية في وزارة الداخلية، في حوار سابق مع “الخبر”، أن “الوزارة لم تمنع جمع الأموال في المساجد وإنما تهدف إلى حسن تأطير وشفافية عملية الجمع، مهما كان المقصود أو الغاية منها، حماية للمساجد والمحسنين والجمعيات الدينية في ذاتها، فقد بلغت قيمة التبرعات، السنة الماضية، أكثر من 4 ملايير دينار، (أي أزيد من 400 مليار سنتيم)، ومن المفروض أن يظهر لهذه الأموال الضخمة أثر في الميدان ومعرفة وجهتها الحقيقية”.