ما معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم “إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنّة حتّى ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النّار فيدخلها”؟ قال الله تعالى: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} غافر:40، فوعد الله عباده المؤمنين بالحياة الطيبة وبالجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، والله لا يخلف الميعاد، ومعنى الحديث أن من عمل الصالحات دون إخلاص فأعماله لا تقبل، وسيختم له بسوء، ويدل على هذا الحديث الآخر: “إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس”، أي لا يظهر لهم فساد نيته وعدم إخلاصه لله تعالى فيه. قال النووي في شرح هذا الحديث “فإن قيل: قال الله تعالى {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} الكهف:30. ظاهر الآية أن العمل الصالح من المخلص يقبل، وإذا حصل القبول بوعد كريم آمن مع ذلك من سوء الخاتمة، فالجواب على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك معلّقًا على شروط القبول وحسن الخاتمة، ويحتمل أن مَن آمن وأخلص العمل لا يختم له دائمًا إلاّ بخير، ثانيهما: أن خاتمة السوء إنّما تكون في حق مَن أساء العمل أو خلّطه بالعمل الصالح المشوب بنوع من الرياء والسمعة، والله أعلم. هل ترث المرأة المطلّقة الّتي مات زوجها وهي ما تزال في فترة العِدّة؟ الطّلاق إمّا أن يكون رجعيًا أو بائنًا، أما الرجعي فهو ما كان للمرّة الأولى أو الثانية بعد الدخول، ومن غير مقابل تدفعه للمرأة، وفي هذه الحالة ترث المطلّقة زوجها، كما أنّها تنتقل من عدّة الطّلاق وهي ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر لليائسة من المحيض أو الصّغيرة، إلى عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيّام، وتبقى في بيت زوجها أثناء العِدّة. أمّا الطّلاق البائن كالطّلاق الثلاث أو الطّلاق مقابل عوض تدفعه المرأة، أو انقضاء العِدّة على الطّلاق الرّجعي، ففي هذه الحالة لا ترث المرأة، ولا تنتقل إلى عدّة الوفاة، لأنّها صارت أجنبية عن زوجها بعد ذلك، إلاّ إذا طلّقها زوجها في مرض موته الطّلاق الثلاث، فإنّها ترث منه ولو انتهت العِدّة وتزوّجت بعد ذلك، كما حكم بذلك أمير المؤمنين عثمان بن عفّان في حقّ عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه. هل تستحق المرأة المهر بعد وفاة خطيبها الّذي عقد عليها عقدًا شرعيًا ولم يدخل بها؟ بإجراء العقد الشّرعي فإنّها تصير زوجة له وتترتّب مجموعة من الأحكام على هذا العقد، من بينها ما ذكر في السؤال وكذا العدّة والتوارث، أمّا العدّة فبعموم قوله تعالى: {والّذينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكم ويَذَرُونَ أزواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أرْبَعَةَ أشهُرٍ وَعَشْرًا} البقرة:234. أمّا المهر فإن سمّي فتأخذه لأنه حقّ لها كما لو بنى بها، فإن لم يكن مسمّى فلها صداق المثل، بخلاف لو طلّقت قبل الدخول فعندئذ تستحقّ نصف الصّداق المسمّى، أمّا في حالة الوفاة فإنّها تعامَل معاملة المبني بها فتستحقّ الصّداق كلّه أو صُداق المِثل إن لم يسمّى.