أفضت نتائج الجمعية العامة الانتخابية للاتحادية الدولية لكرة القدم، أمس، بزوريخ السويسرية، إلى خروج رئيس “الفاف” محمّد روراوة منتصرا على غريمه الكامروني عيسى حياتو، رئيس “الكاف”، كون فوز السويسري جياني أنفانتينو بكرسي الرئاسة خلفا لمواطنه جوزيف بلاتير، هو فوز روراوة نفسه، الذي راهن على المرشّح “الناجح”، في وقت دعا حياتو الأفارقة علانية للتصويت على الشيخ سلمان. خدمت فضائح “الفيفا” المتلاحقة بشكل كبير رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، ومنحت قضايا الفساد التي أطاحت بالرجل القوي جوزيف سيب بلاتير، فرصة من ذهب لمحمّد روراوة من أجل الاستثمار في الفرصة الجديدة قصد استعادة هيبته ونفوذه على مستوى الهيئة الكروية القارية، وقلب توازناتها بعدما “ابتلعها” الكامروني حياتو وجعلها مملكة حقيقية لا مكان لمن يطمح لأخذ مكانه، كون وقوع اختيار المصوّتين على المرشّح الوحيد الذي زار الجزائر من بين المرشّحين الخمسة، له دلالات قوية على أن روراوة كان أحد الشخصيات التي استند عليها جياني أنفانتينو من أجل “كسب المعركة” واستمالة عدد من أصوات الأفارقة، رغم أن رئيس كونفدراليتها أعلنها صراحة بدعوته للتصويت على البحريني الشيخ سلمان، من باب أن إفريقيا تزن دوما ذهبا خلال كل جمعية عامة انتخابية بأكبر عدد من الأصوات المقدّرة ب54 صوتا. روراوة يُنقذ مصالح إفريقيا ويعتبر انتخاب أنفانتينو، الأمين العام للاتحاد الأوروبي ورجل ثقة الفرنسي ميشال بلاتيني، عدوّ الكامروني عيسى حياتو على رأس الهيئة الدولية لكرة القدم، بعد 17 عاما من حُكم بلاتير، هو منعرج مهمّ للجزائر في خارطة الكرة الإفريقية، كون التحالفات والتكتلات التي سبقت موعد الانتخابات أثبتت نتائجها بأن عيسى حياتو خسر كل شيء، وبأن مستقبل الكرة الإفريقية اليوم لا يضمن مكانة للكامروني ويجعل مصيره محتوما، من باب أن جياني أنفانتينو فهم منذ البداية بأن الجزائروجنوب إفريقيا هما قطبا الكرة في القارة السمراء، وبأن الارتكاز على روراوة في شمال القارة، وعلى المرشح المنسحب يوم الانتخابات، الجنوب إفريقي ماسيمو غابريال سيكسوال المعروف باسم “طوكيو”، في جنوب القارة، يضمن له لا محالة تحقيق النجاح في النهاية. نتائج انتخابات الاتحادية الدولية لكرة القدم هو مكسب لإفريقيا عامة وللجزائر خاصة، لأن الأفارقة سينتفضون حتما على عيسى حياتو بسبب مراهنته على المرشح “الخاسر”. وسيكون بمقدور محمّد روراوة اليوم، بالتحالف مع الجنوب إفريقي سيكسوال وبتزكية من الرئيس الجديد ل “الفيفا”، وبتأييد من عدة اتحادات إفريقية، إحداث التغيير الذي طال انتظاره على رأس “الكاف” خلال الجمعية العامة الانتخابية في 2017، وسيكون الطريق مفتوحا أمام سيكسوال من أجل التبوؤ لمنصب رئيس “الكاف”، ما يعني إحداث ثورة حقيقية على رأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم التي طالها الفساد، غير أن فضيحتها لم “تنفجر” بعد، وهي الثورة التي انتظرها روراوة بفارغ الصبر حتى يثأر من الرجل الذي عمل على تحييده و«سرقة” حق بلاده (الجزائر) عنوة في تنظيم دورة 2017 القارية. وسيشهد انتخاب أنفانتينو على رأس “الفيفا” عهدا جديدا لرئيس “الفاف” محمّد روراوة، الذي تخلّى عن عضويته في الهيئة الكروية الدولية مضطرا بسبب ضغوطات حياتو، من باب أن أنفانتينو وعد بمنح منصب الأمين العام ل “الفيفا” لإفريقيا، وهو وعد يضع روراوة وسيكسوال أحد أقوى المرشّحين لتولي هذا المنصب. وحتى وإن وقع الخيار على الجنوب إفريقي، فإن محمّد روراوة يضمن استعادة عضويته في “الفيفا” من خلال اعتماد قرار توسيع المكتب التنفيذي وتحويله إلى مجلس إدارة مستقبلا. وستكون إفريقيا ممتنّة للرئيس محمّد روراوة وللجنوب إفريقي طوكيو سيكسوال على “كسر” قرار حياتو بالتصويت على الشيخ سلمان، لأن الخيار الإستراتيجي المدروس لرئيس “الفاف” محمّد روراوة، والرسالة التي مرّرها قبل أسابيع لكل الأفارقة من خلال زيارة أنفانتينو للجزائر ومتابعته لمباراة “الخضر” أمام تنزانيا، ستجعل منه (روراوة) أقوى بكثير من أي وقت مضى، في نظر الأفارقة جميعا، وهي المكانة التي ستسمح لإفريقيا بفتح صفحة جديدة مع الرئيس الجديد جياني أنفانتينو، مقابل طيّ صفحة عيسى حياتو والتبرّؤ من مواقفه وخياراته، ولن يتم ذلك إلاّ باقتلاعه من كرسي رئاسة “الكاف”. وإضافة إلى استفادة إفريقيا مستقبلا، حسب وعود أنفانتينو خلال حملته الانتخابية، من سبعة مقاعد في نهائيات كأس العالم حين يتم رفع عدد المشاركين في المونديال من 32 إلى 40 منتخبا، فإن أنفانتينو سيمنح كل الاتحادات، خلال فترة رئاسته خمسة ملايين دولار، وهي القيمة المالية التي ستسيل لعاب كل الأفارقة قياسا بحاجة القارة السمراء إلى الدعم من أجل تطوير لعبة كرة القدم. نهاية عيسى حياتو الفصل الجديد من فصول الصراع بين روراوة وحياتو منح الكلمة الأخيرة لرئيس “الفاف”، فكانت فضائح “الفيفا” نقطة تحوّل مهمة وغير متوقّعة للكامروني الذي أمضى على شهادة وفاته من خلال اختياره للشيخ سلمان، وفضح نفسه أمام كل الأفارقة حين تولى منصب رئيس “الفيفا” المؤقت، بحرمان منتخباتها المشاركة في الأولمبياد من لاعبيها الذين ينشطون في الخارج، وهي أخطاء كثيرة في فترة قصيرة، أرادها حياتو أن تكون نهاية له وسقوطا مدوّيا قاريا ودوليا بعدما أفقده تسلّطه البصيرة. ولن يخرج الأمير علي، بالمقابل، خال الوفاض من هذه المعركة، كون الأصوات ال27 التي نالها في الدور الأول، دعّمت أكثر حظوظ أنفانتينو، كون الأردني راهن بدوره على الورقة الرابحة واختار مرشّح أوروبا على مرشّح قارته الآسيوية، وهو موقف يُحسب للأمر الذي كان المنافس الوحيد للسويسري جوزيف سيب بلاتير في الانتخابات السابقة التي شهدت تولي بلاتير ولاية جديدة، قبل أن يعلن بعد خمسة أيام فقط استقالته. ولم يكن للفرنسي جيروم شامباني أي تأثير على مجرى الانتخابات، كونه لم ينل سوى 7 أصوات في الدور الأول مقابل 88 صوتا لأنفانتينو و85 صوتا للشيخ سلمان، قبل أن يُنهي السويسري أنفانتينو السابق بقوة ويفوز برئاسة “الفيفا” في الدور الثاني، بمجموع 115 صوت، مقابل 88 صوتا للشيخ سلمان، الذي لم ينل في النهائية أصوات كل الأفارقة والآسيويين، والمقدرة في مجموعها ب 98 صوتا (منع تصويت الكويت وإندونيسيا من آسيا)، ما يؤكد بأن دعم روراوة للرئيس الجديد أنفانتينو كان مهمّا في الانتخابات.