قررت، أمس، النقابات المستقلة، تشكيل جبهة موحدة تمثل مستخدمي الوظيف العمومي بكل قطاعاته، (التربية، الصحة، التعليم العالي)، من أجل معارضة التدابير التي قررتها الثلاثية الأخيرة، بشأن إلغاء التقاعد دون شرط السن، والتقاعد النسبي، مؤكدة بصوت واحد، بأن “هذه المكاسب الاجتماعية لا يمكن التنازل عنها تحت أي ظرف، ومهما كانت المبررات”. أثارت التدابير التي تمخض عنها لقاء الثلاثية، وأعلن عنها الوزير الأول، وبالتحديد تلك المتعلقة بإلغاء التقاعد دون شرط السن، حالة غضب شديدة في أوساط عامة التنظيمات النقابية المستقلة الممثلة لقطاع كبير من المستخدمين، حيث بدأت هذه الأخيرة إجراءات التنسيق فيما بينها من أجل تشكيل جبهة واسعة، سيتم التنسيق داخلها بين جميع التمثيليات النقابية التابعة لقطاع الوظيف العمومي، وذلك من أجل الضغط على الحكومة لإرغامها على التراجع عن هذا الإجراء الذي وصفوه ب«المجحف وغير العادل”. وفي هذا السياق، أكد السيد مزيان مريان، رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، “سنابست”، في تصريح ل«الخبر”، أمس، بأن “النقابات لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام اغتصاب مكسب اجتماعي خالص للعمال”، مضيفا بأن “تبريرات الحكومة بدواع قاهرة فرضتها الأزمة المالية التي تعانيها البلاد حاليا مرفوضة، لأننا لسنا من كنا وراء هذه الأزمة بالأمس حتى ندفع ثمنها اليوم”. وانتقد ذات المتحدث بشدة الحلول السهلة التي اهتدت إليها الحكومة لمعالجة الأزمة القائمة، بالتضحية بمكاسب اجتماعية حققها العمال بعد نضالات طويلة، مشددا على ضرورة تراجع السلطات العمومية عن هذا القرار” غير العادل، مخافة وقوع انزلاقات غير محمودة العواقب”، خاصة أن “هناك حلولا بديلة كثيرة تسمح بإعادة التوازن المالي لصندوق المعاشات، وذلك من خلال تشديد الرقابة على أرباب العمل الذين يتهربون من التصريح بمستخدميهم، فضلا عن مراجعة مستحقات التأمين التي يدفعها التجار بشكل جزافي”. من جانبه، دعا مسعود عمراوي، الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، جميع التنظيمات النقابية للتنسيق فيما بينها ما دام أن الانشغال واحد، يخص جميع المستخدمين التابعين للوظيف العمومي، وذلك تمهيدا لاعتماد إجراءات موحدة في إطار معارضة إجراء إلغاء التقاعد دون شرط السن الذي يرفضه الجميع جملة وتفصيلا، على حد تعبيره، مضيفا أن “المركزية النقابية التي شاركت في اتخاذ مثل هذا القرار تتحمل المسؤولية، والسواد الأعظم من العمال يتبرأون من قراراتها، لأنها لا تمثلهم وليست ناطقا رسميا باسمهم”. ومن الناحية العملية، أكد ذات المتحدث أنه “من المستحيل أن يؤدي الأستاذ دوره داخل القسم وهو في سن الستين من عمره”، متسائلا بالقول: “نحن أبناء قطاع الوظيف العمومي، ساهمنا في إحداث التوازن المالي للصندوق الوطني للتقاعد، بينما استفادت قطاعات أخرى من هذا التوازن، فهل هذا هو جزاؤنا اليوم؟”. أما بشير حاكم، القيادي في نقابة “الكلا”، فيعتبر مكسب التقاعد “خطا أحمر ضحى لأجله العديد من أبناء القطاع، ولا يمكن التفريط فيه”، مضيفا بأن نقابته لا تزال تناضل من أجل إقرار التقاعد بعد 25 سنة من الخدمة لصعوبة مهمة التدريس، مستغربا اتخاذ الحكومة قرارا بهذا الحجم دون استشارة الشركاء الاجتماعيين الحقيقيين. من جهته، أكد رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، إلياس مرابط، أن تمديد سن التقاعد إلى 65 سنة شيء غير مقبول وغير وارد حاليا لأسباب مختلفة، منها معدل سن الجزائريين اليوم في حدود 75 سنة، بينما يصل في بلدان متقدمة في أمريكا وأوروبا وآسيا إلى 85 سنة، ومع هذا فإن سن التقاعد لم يرفع في هذه البلدان. أما إدراج التقاعد النسبي قبل سن 60 سنة فهو مكسب للعمال والموظفين، مؤكدا أن هناك مهنا عديدة وقطاعات بأكملها تحتاج إلى تكييف للإطار القانوني الذي يضمن حق التقاعد للجميع، ويأخذ بعين الاهتمام عوامل مهنية مختلفة مثل الشروع في العمل مبكرا، والعمل في قطاعات حساسة وذات مخاطر صحية تتطلب مجهودا بدنيا ونفسيا، ومن هذا المنطلق تؤكد النقابة رفضها المساس بهذا المكسب للعمال والموظفين، وستعمل بالتنسيق مع أطراف أخرى لحمل الحكومة على العدول عن الإلغاء.