كيف يكون موقف الإنسان بين حزنه على وداع رمضان وفرحته بالعيد؟ رمضان شهر مبارك، جاء بالخير كلّه، بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، ربط المسلمين بكتاب ربّهم وبالصّلاة وبالقيام، وهذه من أجلّ العبادات الّتي ينبغي الحفاظ عليها بعد رمضان، فكأنه مدرسة تكوينية تحضّر لما بعد التخرّج، فيشمّر الدارسون بها سواعدهم للخوض في الحياة العملية، وينبغي على المسلم أن يبقى حريصًا على أداء الصلاة في وقتها مع الجماعة، وعلى قيام الليل ولو بكعتين، وعلى الإنفاق على الفقراء، وعلى صلة الرحم، وعلى ضبط الأعصاب وحسن الخلق ولين الجانب مع إخوانه المسلمين، وصوم ست من شوال وغيرها من أبواب الخير. وحق لمَن وفّقه الله لصيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا أن يفرح، قال صلّى الله عليه وسلّم: “للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربّه” أخرجه البخاري ومسلم، فيفرح يوم العيد لتوفيق الله له، ويفرح أن جعله من أمة الإسلام المباركة الّتي يحسدها غيرها من الأمم تدين بغير دين الإسلام على تلك المناسبات والمحطات المباركة الّتي تجمع شمل المسلمين وتوحّدهم وتربطهم بخالقهم جلّ وعلا، قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدّة ولتُكبِّروا الله على ما هداكُم ولعلّكم تشكرون} البقرة:185. امرأة تسأل عن الترتيب في الصيام بين الست من شوال وبين قضاء دينها المترتب على إفطارها بسبب الحيض؟ الأولى أن تبدأ المرأة في صوم دينها قبل الست من شوال، لأنّ قضاء الصوم على الحائض واجب لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنّها سئلت هل تقضي الحائض الصوم والصّلاة؟ فقالت: “كنّا نؤمر بقضاء الصّوم ولا نؤمر بقضاء الصّلاة” متفق على صحّته. وأمّا صوم ست من شوال فليس واجباً، ولكن مَن صامها يكون كمَن صام الدهر كلّه كما ثبت في الحديث. فعلى المرأة إذن المبادرة إلى قضاء صومها عقب رمضان مباشرة، ولا يفهم من هذا تحريم تأخيره، بل يجوز بشرط أن لا يدركها رمضان آخر وهي لم تقضها، ففي هذه الحالة يلزمها القضاء مع الفدية إطعام مسكين عن كلّ يوم. وإذا شقّ على المرأة القضاء مع صيام شوال وخافت ألاّ يكفيها شوال، فهناك مَن أجاز لها البدء بستة أيّام من شوال ثمّ قضاء الدَّين، غير أنّ القضاء أولى لأنّه واجب. ثمّ إنّ تأخير القضاء قد يورث التهاون والكسل إلى غاية رمضان الموالي، وربّما أدركه الموت وأخذ معه دينه إلى ربّه عزّ وجلّ، والله أعلم.