انطلقت الاحتجاجات بمختلف القطاعات من أسلاك خاصة ومؤسسات صناعية، فيما ستباشر أخرى احتجاجها قريبا بعد ضبطها لتواريخ وأشكال الاحتجاج، وهي الحركات التي أبانت عن "غليان" واضح في الشبكة الاجتماعية يهدد الوضع العام بالانفجار إذا لم تتدخل المصالح المباشرة لتسوية الوضعيات العالقة وتهدئة الطبقة الشغيلة. فقطاع التربية سجل الأسبوع الماضي احتجاجين متتالين لكل من المقتصدين ومساعدي التربية، وتسبب هذان الأخيران في هز القطاع بعد أكثر من شهر من الدخول المدرسي لهذه السنة، وقد ضرب عمال المصالح الاقتصادية موعدا لوزارة التربية يومي 7 و8 نوفمبر، حسب ما أفاد به المنسق الوطني لهذه الفئة، مصطفى نواورية، الذي قال إن اليوم الأول سيكون متبوعا باعتصامات أمام مديريات التربية، وهي الاحتجاجات المرشحة للتصعيد أيضا، حسب المتحدث ذاته، بعد عقد الجمعية الوطنية للجنة فور انتهاء إضراب نوفمبر المقبل، والمعطيات الحالية، حسبه، تشير إلى أنه الخيار الوحيد لهم، تزامنا مع صمت وزارة التربية وتجاهلها لمطالبهم، وتوعد وزارة التربية بتكرار سيناريو 2014 الذي أجبر هذه الأخيرة على التفاوض معهم بسبب الضرر الذي ألحقوه بالقطاع وافتكوا بعدها جزءا من مطالبهم. التصريحات نفسها أدلى بها رئيس اللجنة الوطنية لمساعدي ومشرفي التربية، الهاشمي سعيدي، ل"الخبر"، الذي أكد أنهم تمكنوا من تحقيق التفاف حولهم بعد احتجاج الأسبوع الماضي، ووجدت الوقفات صدى عند المساعدين الذين شاركوا في هذه الأخيرة بقوة، رغم التضييق الذي مارسه مسؤولو المؤسسات التربوية ومديريات التربية، متوعدا وزارة التربية بالتصعيد خلال المرحلة المقبلة إذا لم تفتح أبواب الحوار للتفاوض على أرضية المطالب. التعليم العالي والتكوين المهني على خطى التربية من جهتها، انطلقت الحركات الاحتجاجية بقطاع التعليم العالي، حيث تشهد عدة جامعات عبر الوطن احتجاجات رفع بموجبها الطلبة انشغالات بيداغوجية واجتماعية، وهي الحركات التي دفعت بالتنظيمات الطلابية إلى عقد جمعيات عامة حددت بموجبها تواريخ للاحتجاج ونددت بياناتها بسياسة وزارة التعليم العالي في تسوية المطالب العالقة، حيث كشف الأمين العام للمنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين، فارس بن جغلولي، عن وجود احتقان واسع في أوساط الطلبة خاصة ما تعلق بالتحويلات لهذه السنة، وبموجب هذه الأوضاع دعت المنظمة وزير التعليم العالي إلى انتهاج سياسة جديدة وفتح قنوات الحوار مع ممثلي التنظيمات من قبل رؤساء الجامعات الذين لا يزالون يتجاهلون الشركاء الاجتماعيين ويساهمون في تأجيج الأوضاع في كل مرة، وهو ما ذهب إليه المكلف بالإعلام بالرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين، محمد الأمين سالمي، بالقول إن معظم الولايات خرجت في احتجاجات متعددة ومختلفة وعلى رأسها التحويلات التي ساهمت بقوة في تذمر شريحة واسعة من الطلبة، حيث وجد هؤلاء أنفسهم تائهين في تخصصات لا تتناسب مع رغباتهم، الأمر الذي يرشح إلى وضع القطاع على فوهة الاحتجاجات الوطنية في المرحلة المقبلة، وهي القرارات نفسها التي خرج بها الطلابي الحر الذي أعلن الدخول في احتجاج وطني منتصف نوفمبر المقبل. بدورهم، توعد الأساتذة الجامعيون وزارة التعليم العالي، حسب آخر بيان لتنظيم "الكناس"، بعد عقد مجلسهم الوطني، وتمسكوا بمجموعة من المطالب منها ضرورة إعفاء حملة الدكتوراه علوم من عقبة التأهيل للانتقال لرتبة أستاذ محاضر أسوة بزملائهم حملة شهادة الدكتوراه دولة الذين يقاسمونهم نفس المسار العلمي، وعدم تقييد طلبة دكتوراه علوم بأي أجل للمناقشة، مع رد الاعتبار لتخصص العلوم السياسية، وغيرها من المطالب الاجتماعية التي تتعلق بالأجور والسكن. من جهته، خرج المجلس الوطني لعمال التكوين المهني المنعقد مؤخرا بالإعلان عن عقد دورة استثنائية للإعلان عن تواريخ الإضراب؛ إذا لم تتحرك الوزارة وتفتح أبواب الحوار للتفاوض على أرضية المطالب التي تتعلق بمراجعة القانون الخاص وحق العمال في عدد من المنح. المنطقة الصناعية للرويبة تنتفض وعرش الجوية يهتز الاحتجاجات امتدت أيضا إلى المنطقة الصناعية للرويبة، حيث احتجت ثلاث مؤسسات على التوالي، إذ دخل عمال مؤسسة النشاط الصناعي في إضراب لثلاثة أيام الأسبوع الماضي، وصرح أمينها العام، رزقي بوعظمي، بأن الأجواء متوترة وحالة "الغليان" لا تزال في أوساط العمال، الأمر الذي يرجح العودة إلى الاحتجاجات في أي لحظة، وهذه المرة قد يكون وقع الاحتجاج أكبر، وعلى الجهات المعنية، حسب المسؤول ذاته، التدخل قبل انفلات الوضع، كما نقل عمال السيارات الصناعية "سوناكوم" احتجاجهم إلى الفرع المحلي للمنطقة، وطالبوا بحقهم في التقاعد دون شرط السن وكذا التقاعد النسبي، وهو الوضع الذي حذر منه الأمين العام للفرع المحلي، مقداد مسعودي، وقال ل"الخبر" إن استمراره قد يشل المنطقة الصناعية ككل خاصة مع نقص المشاريع الموجهة للمؤسسات وتدهور القدرة الشرائية. الأجواء المتوترة نفسها يشهدها قطاع النقل، حيث تطالب فئة الناقلين وزير النقل بضرورة التدخل العاجل بسبب المشاكل التي تتخبط فيها هذه الفئة، وطرح هؤلاء مجموعة من المطالب التي هي عبارة عن امتيازات لصالحهم تتماشى والمستجدات التي رافقت الوضع الاقتصادي، وهدد الناقلون بشل حركة النقل إذا لم تتحقق مطالبهم. وفي سياق النقل دائما، عادت الأجواء المتشنجة إلى الشركة الوطنية للخطوط الجوية الجزائرية بعد إضراب مفاجئ شنه تقنيو ومهندسو الصيانة إثر انسداد بينهم وبين الإدارة، وعاد المعنيون إلى العمل في انتظار تجسيد هذه الأخيرة لوعودها وهم في حال ترقب، مع أن إضرابهم يبقى قائما في حال التراجع عن هذه الوعود.