ان صحت الاخبار التي تم نشرها فانني أرى بأن ما حدث في المملكة محاولة لتقليص حالة الفساد المستشرية هناك، إذ أنه من الواضح أنه هناك حالة فساد كبيرة جدا، وبالتاكيد المسالة ليست نابعة من الداخل السعودي، وهناك ضغوط أمريكية في ظل الحديث عن تدفقات استثمارية أمريكية على الأراضي السعودية، خاصة فيما يتعلق بالمدينة المزمع إنشاؤها، بما يهدف إلى جذب استثمارات حيث إن يبقى الفساد يعيق مسألة الاستثمار الدولي، ومن هنا تريد المملكة السعودية بعث رسائل لأمريكا في اشارة إلى أنه هناك نية لمكافحة الفساد، بما يساهم في فتح المجال لتدفق الاستثمارت، فضلا عن توجه البعض في الأسرة الحاكمة إلى توسيع صلاحيات ولي العهد.
هل الامر يتعلق بتطهير في صفوف من يمكن ان يكون معارضة داخل القصر الملكي ومحيطه ام هي حملة ضد الفساد كما تم الاعلان عنها؟
لا يمكن إطلاقا الحديث عن وجود "معارضة" في المملكة العربية السعودية، لأن المعارضة تتواجد في ظل نظام سياسي، وفي السعودية هناك بعض الصراعات بين اجنحة الاسرة الحاكمة، وقد تكون التطورات الأخيرة التي تشهدها الرياض محاولة لتكريس نفوذ جماح الملك سلمان وابنائه داخل الاسرة المالكة ضمن الأسرة الحاكمة في مواجهة الاخرين، بالاضافة الى موضوع الاستثمارات وضغوط من دول الغرب، تحديدا امريكا، ومن هنا يمكن القول بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول بشكل او باخر تقديم نفسه للادارة الامريكية باعتباره رجل منفتح ويسعى لتكريس نظام مغاير منفتح في السعودية، ويحارب التطرف ويعطي حقوقا للنساء ويحارب الفساد، وكل هذه الاجراءات تندرج في إطار تقديم اوراق اعتماد سلمان للأمريكان لارضائهم، لأن أمريكا موقفها يكون حاسم من السعودية والوضع نفسه مع معظم دول الخليج، ومن هنا تسعى الاسرة الحاكمة لإرسال رسائل باشكال متعددة صريحة ومباشرة وغير مباشرة من اجل تكريس وضع معين، وتعزيز مكانته لدى الادارة الأمريكية حتى يضمن بقائه في السلطة شانه شان غالبية دول الخليج.
ما تداعيات الحملة لا سيما وانها مست العديد من الشخصيات المفتاحية وجاءت في اعقاب توقيف واعتقال أئمة ورجال دين؟
أعتقد بان هذه المسالة تحتاج إلى الوقت للحكم على مدى جدية الحملة، هل هي رسائل مطلوبة ثم يتم لملمة الاوضاع، أم انها حملة حقيقية تستهدف دوائر اوسع من الدوائر التي طالها الفساد، وهل سيخضعون لمحاكمة حقيقة ام ستوقف الأمر على عقد صفقات واستيرداد بعض الاموال، وبالتالي من الصعب الحكم على السيناريو المتوقع، فالفساد لا يمكن ان ينحصر بين 10 او أقل، لأن العدد اشمل، وإعلان ولي العهد السعودية محاربة التطرف ومنح مزيد من الحريات للمرأة كل هذا بالتأكيد يواجه مقاومة من بعض رجال الدين المعروفين في السعودية، وعلى الرغم من ان السعودية قائمة على النظام الوهابي إلا أنها تؤكد محاربتها التطرف، وترسل بعض الإشارات حول مزيد من الحريات للمرأة والانفتاح قليلا على دور المرأة في المجتمع، والسماح لها بالعمل في بعض الوظائف والمجالات للاختلاط اكثر مما كان موجود، وهذا الوضع جعل الملك سلمان يواجه موجة معاكسة من رجال الدين، لأن الوهابية مسالة رئيسية بالنسبة لهم.