بررت الرباط عودة سفيرها إلى الجزائر بعد انسحابه لأكثر من شهر بأن "أيا من الأطراف لا يريد قطيعة". يأتي هذا التبرير بعدما كانت الخارجية المغربية، مثلما سرّبته وسائل إعلام المملكة، تمني النفس وتنتظر توضيحات بمعية "اعتذار" من الجزائر عن تصريحات رئيس دبلوماسيتها، عبد القادر مساهل، بشأن تبييض المغرب أموال الحشيش في إفريقيا. عاد السفير المغربي، لحسن عبد الخالف، لاستئناف مهامه في الجزائر، الخميس الماضي، وأعلن عن ذلك من قبل الطرف المغربي وليس الجزائري، وفي ذلك رسالة بأن عودته ليست "حدثا" بالنسبة للحكومة الجزائرية. وزعمت مجلة "جون أفريك" المقرّبة من القصر الملكي بأن هذه العودة جاءت لأن المغرب "يريد الحفاظ على الحد الأدنى من الحوار مع جارته". المصدر نفسه قال نقلا عن مصدر دبلوماسي مغربي قوله "لقد عاد السفير فعلا إلى الجزائر، أريد أن أقول بأن أي طرف لا يتمنى وجود قطيعة كلية، بالرغم من استمرار الأزمات الدبلوماسية الدورية". لكن في الوقت الذي كان المغرب ينتظر لأكثر من شهر من سحبه سفيره من الجزائر عودة الصدى على احتجاجاته ضد تصريحات عبد القادر مساهل والتي وصفتها الخارجية المغربية ب"المسيئة" للمملكة، أعلن الوزير الأول والأمين العام للأرندي، أحمد أويحيى، دعم حزب التجمع الوطني الديمقراطي لتصريح وزير الخارجية عبد القادر مساهل، الذي اتهم فيه المغرب بتبييض أموال الحشيش في المغرب. وقال أويحيى في حوار للإذاعة الجزائرية الرسمية الناطقة بالفرنسية: "إننا نؤيد حكومتنا 100 بالمائة". وصرح أويحيى "نحن ندعم الدبلوماسية الجزائرية ونقف وراءها بالكامل، إذا كان هناك غضب من قبل جيراننا، فهذه مشكلتهم وليست مشكلتنا". هذه الرسالة الصادرة عن أويحيى تكون قد عجّلت بعودة السفير المغربي لاستئناف مهامه، بعدما فهمت الرباط أن شرط "الاعتذار" الذي روّجت له بعض وسائل إعلام المغرب لن يأتي مهما طال الانتظار. ولعل ذلك وراء تحدّث المصدر الدبلوماسي المغربي عما أسماه رفض حدوث "القطيعة"، في محاولته كسب ولو نقطة واحدة في هذا الخلاف الجديد مع الجارة الشرقية، بتقديم نفسه حريصا على استمرار العلاقات بين البلدين، عكس الجزائر التي تسعى، وفق منظوره، إلى تأزيمها مجددا. وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في حوار سابق مع "جون أفريك" شهر أوت الماضي، قد حرص على التأكيد أنه "لم تسجل أي زيارة ثنائية بين البلدين (يقصد بين الجزائر والمغرب) منذ أزيد من 7 سنوات، والتنسيق بينهما في نقطة الصفر على كل الأصعدة"، وهي تصريحات تحاول تحميل الجزائر مسؤولية هذه الأزمات المتكررة وإظهار المغرب بصاحب اليد الممدودة. ولكن عندما يسجل المغرب "البرودة" في العلاقات مع جارته الشرقية في السنوات الأخيرة، يتناسى على سبيل الذكر لا الحصر حادثة الاعتداء على القنصلية الجزائرية وتدنيس رايتها الوطنية تزامنا مع احتفال الجزائريين بثورة أول نوفمبر، وهو تعد على ممثلية دبلوماسية محمية بالمواثيق الدولية، وهو أمر لم يحدث مثيله، ومع ذلك لم يسمع إدانة مغربية لذلك.