مرت، أمس، الذكرى السابعة لرحيل عثمان سناجقي، رئيس تحرير صحيفة “الخبر” السابق، الذي غادرنا يوم 30 ديسمبر 2010، بعد أن توفي بمستشفى بني مسوس بالجزائر العاصمة، إثر مرض عضال. وكان رحيله المؤلم بمثابة فاجعة كبيرة، لا تزال جاثمة على نفوسنا إلى اليوم. شغل عثمان سناجقي منصب رئيس تحرير صحيفة “الخبر”، في ظروف عصيبة للغاية، مباشرة بعد رحيل عمر أورتيلان في أكتوبر 1995. كرّس حياته لتطوير الجريدة، ومدها بالمهنية التي مكنتها من اعتلاء عرش السحب على المستوى العربي آنذاك، بعد أن تجاوز سحبها ستمائة ألف نسخة يوميا. ويشهد الصحفيون الذين عملوا معه، خلال تلك المرحلة، أنه كان بالفعل رمزا للتفاني في العمل، ونكران الذات من أجل مشروع مهني كان يعتبره جزءا من نجاحه الشخصي، إلى درجة أنه كان يقضي اليوم كله في مكتبه، غير مكترث بأوقات الغذاء ولا الراحة. ما يزال الصحفيون الذين عملوا مع عثمان سناجقي، خلال تلك السنوات التي شهدت ميلاد الصحافة المستقلة، يتذكرون قدرته على ترك قناعاته، وإيديولوجيته جانبا، وتوفير جو من حرية التعبير، والمهنية، والتحلي بالموضوعية، من أجل النجاح. نشهد له اليوم، بعد مرور سبع سنوات عن رحيله المفاجئ، وبسبب هذا الصيت الحسن الذي تركه وراءه، أنه هو من أمدّنا بتلك القدرة الفائقة على تحمّل عبء مهنة الصحافة، حينما كنا نراه يكدّ يوميا في مكتبه، يعمل أكثر منا، ولا ينال سوى قسط هزيل من الراحة. كان عثمان سناجقي من طينة نادرة فعلا. كان إنسانا صارما، لكنه في الوقت نفسه كان صاحب قدرة عجيبة على تحويل لحظة الصرامة المهنية إلى لحظة إنسانية فريدة. كان عثمان سناجقي (أو مصطفى بالنسبة للمقربين منه) من أبرز الصحفيين في الساحة الإعلامية الجزائرية. ولج عالم الصحافة بعد أن تخرج من معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كصحفي في جريدة “الشعب”، بعد أن نجح في المسابقة المنظمة حينها. واستمر في جريدة “الشعب” إلى غاية انفتاح المجال الإعلامي، فأسس رفقة مجموعة من الصحفيين الشباب آنذاك جريدة “الخبر” في الفاتح نوفمبر 1990، فعمل فيها رئيسا للقسم الدولي، ثم نائبا للمرحوم عمر أورتيلان، فرئيسا للتحرير بداية من سنة 1995. اليوم، وبعد مرور سبع سنوات عن هذا الرحيل المؤلم، ستبقى ذكرى عثمان سناجقي راسخة في أذهاننا وفي أذهان القراء الذين كان شديد الاهتمام بمشاغلهم. إذ يحتفظ من عرف، وعمل مع سناجقي عن قرب، بتفانيه في العمل، وميله للعمل الخيري، وقدرته على نسج علاقات إنسانية راقية.