أكد رئيس تحرير ”الخبر”، محمد بغالي، أن العلاقات الثقافية هي الضامن الوحيد لاستمرار علاقات مميزة بين الدول والحفاظ على حد أدنى من التناسق والوحدة، في ظل التهديدات والهجمات الحقيقية التي تهدد المنطقة العربية ومحاولات تفتيتها وتقسيمها، وشدد على ضرورة الاهتمام بالقوة الناعمة أكثر من أي وقت مضى، من فن وثقافة وفكر لمواجهة الهجمات الشرسة التي تتعرض لها الأمة. أفاد الإعلامي محمد بغالي، أمس، خلال مشاركته في محاضرة تحمل عنوان ”الإعلام ودوره في دعم العلاقات بين مصر والجزائر”، في إطار فعاليات البرنامج الثقافي الذي سطرته الجزائر ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب، بأن العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجزائر ومصر غير مستقرة، وشهدت في بعض المراحل هبوط وبرودة بالنظر للتهديدات الأمنية التي تواجهها الدولتين، موضحا بأن العلاقات الثقافية هي التي تحافظ على مستوى متميز في العلاقات بين البلدين. ونوه بغالي للدور الذي لعبه الإعلام الجزائري للحفاظ على هذا التميز في العلاقات الثقافية بين البلدين وتسويق الإنتاج الثقافي المصري في الجزائر، وأضاف ”لم يكن التعامل مع المنتج الثقافي المصري من باب الترفيه، بل كان شكلا من أشكال النضال، والإعلام الجزائري السمعي البصري والصحافة اهتمت بالإنتاج الثقافي المصري، ولم يكن مصريا بل كان عربيا، وكان يتعاطى مع الفن المصري من باب النضال وليس الترف، والإنتاج الثقافي في مصر هو الجسر الذي يمكن أن يبقي على الرابطة قوية بين الجزائريين وما كانوا يتعرضون له من هجمات على هويتهم وانتمائهم الحضاري واللغوي والجغرافي”. وتابع ”الإذاعة الوطنية كانت النافذة الأساسية التي كان يطلّ من خلالها الجزائريون على عشاق الطرب الأصيل، في الستينيات والسبعينيات، أحبوا على أنغام سيد درويش والسنباطي وبليغ، وأصوات أم كلثوم ونجات، وأشبعوا عشقهم للغة العربية عبر الإطلاع على نصوص الرافعي وطه حسين وأشعار شوقي وحافظ إبراهيم، وأشبع نظره بأناقة محمود ياسين وجمال فاتن حمامة وشادية وهدى سلطان، ويثور على أنغام الشيخ إمام وأمل دنقل”. وعرج بغالي إلى الدور الذي لعبه المركز الثقافي المصري في إطار استرجاع المنظومة العربية الإسلامية الجزائرية، لافتا إلى أنه كان أكبر ثالث مركز ثقافي في الجزائر في السبعينيات، بعد المركز الثقافي الروسي والفرنسي، وأنه كان كعبة يحج إليها المثقفون والإعلاميون المعربون في الجزائر لتنظيم ندواتهم وحلقات نقاش والتعرف على آخر مستجدات الإبداع في مصر، مجددا النداء لإعادة فتح المركز الثقافي المصري في الجزائر. وفي السياق، تطرّق بغالي إلى مساهمة ”الخبر” في استضافة عدد كبير من الكتّاب والمبدعين المصريين، على غرار إدوارد الخراط وجمال بخيت، ومساهمتها بالتعاون مع مؤسسة ”الأهرام” في صناعة حدث ثقافي كبير جدا باستضافة النجم عادل إمام، الذي قدّم مسرحية ”بودي جارد”، وبالتعاون مع مؤسسات عمومية، ومساهمتهما في إنتاج أكبر مبادرة للتعاون في تاريخ الصحافتين المصرية والجزائرية، والاتفاق على التوزيع المتبادل بين ”الأهرام” و«الخبر” سنة 1999، وأوضح بأنه بفضل هذا الإتفاق تمكّن المصريون الإطلاع على ”الخبر” بطبعاتها المختلفة، وتمكّن الجزائريون من الإطلاع بانتظام على ”الأهرام” بطبعاته المختلفة أيضا، وهي التجربة التي وصفها ب”الفريدة”، داعيا إلى أن تكون دافعة لإنتاج تجارب أخرى ناجحة في هذا المجال.