طرح إعلان وزير الطاقة، مصطفى ڤيطوني، الذي تضمن الكشف عن مستوى استيراد الوقود برسم عام 2017، التناقضات التي عرفتها السياسة الطاقوية في الجزائر والتي جعلت البلاد رهينة السوق الخارجي رغم عشرية من الوعود بأنها ستتمكن بفضل برامج إقامة خمس مصاف جديدة وإعادة تأهيل المصافي الخمس من تغطية حاجيات السوق الوطنية بالمواد البترولية وتصدير الفائض من الوقود والمواد المشتقة. وبعد إعلان ڤيطوني أمام المجلس الشعبي الوطني أن الجزائر قامت باستيراد 2.96 مليون طن من الوقود سنة 2017 بقيمة بلغت 1.583 مليار دولار، كشف الواقع محدودية التدابير المعلن عنها مرارا، فمستوى الواردات يفوق ما استوردته الجزائر خلال سنوات 2011-2012 و2013، في وقت كانت الجزائر تنتظر تغيرا محسوسا للواردات على خلفية إنجاز المشاريع الخاصة بتأهيل المصافي وإنجاز المصافي الجديدة. ولكن ما حصل منذ 2014 بالخصوص هو التأخر المسجل في عمليات تأهيل المصافي من جهة ولكن أكثر من ذلك مراجعة برامج إنجاز المصافي الخمس التي تقلصت إلى مصفاتين فحسب، هما تيارت وحاسي مسعود، مع تأخر في مشروع تيارت، في وقت أشار وزير الطاقة إلى ارتقاب دخول مصفاة حاسي مسعود مرحلة الإنتاج في آفاق 2022. وقد عرفت عملية تأهل أكبر مصافي الجزائرسكيكدة لانتقالها من قدرة إنتاج ب15 مليون طن إلى 16.6 مليون طن تأخرا، كما عرفت أشغال تأهيل مصفاة العاصمة تأخرا أيضا بعد إقدام الجزائر على فسخ عقد الشركة الفرنسية "تكنيب" وإسناد المشروع مجددا لشركة صينية، على أن تعود المصفاة للإنتاج قبل نهاية السنة الحالية، لتعزز قدرة إنتاج المحطة من زيت الوقود، حيث سترتفع من 737.000 طن/سنويا إلى 1.18 مليون طن/سنويا، أما قدرة الإنتاج للبنزين فستنتقل من 400.000 طن/سنويا حاليا إلى 3ر1 مليون طن، في حين ستقفز قدرة إنتاج المصفاة من غاز البترول المميع من 88.700 طن/سنويا إلى 270.000 طن/سنويا، كما ستتعزز قدرات تخزين الوقود لترتفع ب73 بالمائة. وبعد أن حددت رزنامة بلوغ الاكتفاء الذاتي في غضون 2016-2017، أضحت الرزنامة الجديدة في حدود 2021-2022. وتبلغ طاقة إنتاج الجزائر حاليا من الوقود 11.5 مليون طن سنويا، مقابل استهلاك إجمالي يقدر ب15 مليون طن سنويا، في حين يتم سد العجز المقدر ب3.5 مليون طن عن طريق الاستيراد. ولم تنجح الجزائر رغم عمليات العصرنة والتحديث في تلبية حاجيات السوق المحلية من مختلف المواد البترولية والوقود، إذ تبلغ قدرات التكرير لأهم المصافي الجزائرية ''سكيكدة وأرزيو والجزائر وحاسي مسعود وأدرار'' قرابة 27.6 مليون طن وظلت الجزائر تستورد كميات هامة خاصة من مادة المازوت، ولم تتجاوز قدرات تكرير الجزائر بفضل الهياكل الموجودة 550 ألف برميل يوميا إلى 600 ألف برميل يوميا، أي أن أكثر من نصف النفط المنتج محليا يوجه للخارج كمادة خام لغياب بدائل متاحة، لتقوم الجزائر بتعويض النقص من خلال استيراد المادة بسعر السوق الدولي. وكان آخر قرار للجزائر هو الاتفاق على تكرير جزء من النفط في إيطاليا لاستيراد وقود بكلفة أقل. وباشرت الجزائر عمليات تدعيم قدرات إنتاج المصافي، على غرار مشروع توسيع مصفاة الجزائر من قبل الشركة الفرنسية ''تكنيب'' بعقد بلغت قيمته 692 مليون أورو للرفع من إنتاج المصفاة من 7 ,2 إلى 6 ,3 مليون طن سنويا وجعل البنزين المنتج موافقا للمقاييس المعمول بها أوروبيا، قبل فسخ العقد وإسناد المشروع لشركة صينية والأمر نفسه ينطبق على مصفاة أرزيو المقدر إنتاجها ب8 ,2 مليون طن، حيث توشك عمليات التأهيل على نهايتها، تليها عملية عصرنة أكبر مصفاة في الجزائربسكيكدة التي يقدر إنتاجها ب15 مليون طن من قبل مجموعة "سامسونغ" الكورية الجنوبية، بينما يقدر إنتاج مصفاة أدرار أول المصافي الخاصة في الجزائر ب600 ألف طن.، وبلغت القدرات الإجمالية للمصافي الخمس الرئيسية 6 ,22 مليون طن، تضاف إليها مصفاة المكثفات لسكيكدة ب5 ملايين طن سنويا. وتسعى الجزائر لتجاوز عتبة 30 مليون من لتغطية الحاجيات. وتواجه الجزائر معضلة حقيقية مع زيادة حاجيات سوق المواد البترولية ومشتقات البترول، ويبلغ حجم استهلاك الوقود بمختلف أنواعه في الجزائر حوالي 15 مليون طن، منها قرابة 12 مليون طن للوقود، قرابة 6 ملايين للبنزين، تتضمن حوالي 300 ألف طن فقط من البنزين دون رصاص، وأكثر من 7 ملايين مازوت، 400 ألف غاز بروبان مميع وقود، وكمية قليلة جدا من الغاز الطبيعي المميع وقود، بينما تم تسطير برنامج خاص للاستثمار لرفع قدرة التكرير في الجزائر إلى حدود مليون برميل يوميا بدلا من أقل من 600 ألف برميل يوميا حاليا. وكانت الجزائر تعوّل على مصفاة تيارت لتحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة كبيرة في العديد من المواد البترولية ولكن تعليق المشروع ضاعف من المصاعب التي تواجهها الجزائر وخاصة فيما يتعلق بالمازوت، والتي أجبرتها على استيراد كميات معتبرة.
شكيب خليل وتحقيق الاكتفاء الذاتي في 2014!
في سنة 2009 أعلن وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل أن "تسليم مصفاة تيارت، في طور الإنجاز، يسمح للجزائر بأن تكرر كل النفط الجزائري الخام المنتج في البلاد"، مضيفا "هذه المصفاة ستكون لديها قدرة ب300 ألف برميل يوميا". وفي مارس 2009 وعلى هامش منتدى للطاقة، شدد شكيب خليل على أن "مشروع مصفاة تيارت لم يلغ وأنه في طور الدراسة الهندسية وسيتبعه إطلاق مناقصة لإنجازه" مع برمجة أن تكون المصفاة عملية في غضون 2014 بقدرة 15 مليون طن سنويا. لكن الملاحظ أنه بعد تسع سنوات لا تزال مصفاة تيارت غير عملية مع انخفاض قدراتها إلى نحو 5 ملايين طن سنويا، بل إن البرنامج المسطر لتدعيم الجزائر بخمس مصاف تقلص إلى مصفاتين فحسب هما تيارت وحاسي مسعود وأن هذه الأخيرة يرتقب أن لا تدخل حيز الخدمة قبل نهاية سنة 2020، وهو ما يجعل قدرات الجزائر عاجزة عن تغطية حاجيات السوق المتزايدة سنويا، ومن ثم استبعاد التخلي عن الاستيراد خلال السنتين المقبلتين على أقل تقدير. ويعكس قرار الجزائر اللجوء إلى إيطاليا لتكرير جزء من نفطها واستيراده من هناك إخفاق السياسات المتبعة في مجال تطوير البدائل الخاصة بالمصافي، حيث لا تمتلك الجزائر كدولة نفطية سوى 5 مصاف "الجزائر – حاسي مسعود – سكيكدة – أرزيو – أدرار"، بينما تمتلك مصر 10 مصاف وتمتلك الأرجنتين 8 مصاف مقابل 13 للبرازيل و8 لإندونيسيا، وتحوز ألمانيا 15 مصفاة وإسبانيا 9 مصاف وفرنسا 9، فيما تمتلك إيطاليا 15 مصفاة، وتمتلك العربية ة 10 مصاف، فيما تمتلك إيران 15 مصفاة.