لا مكان للحل العسكري في ليبيا وجب الفصل بين ما تقوم به إيران في المنطقة وبين الصفقة النووية تسميم سكريبال اعتداء روسي على المملكة المتحدة
جدد سفير بريطانيا في الجزائر، باري لوين، اتهام روسيا بتسميم عميل المخابرات سيرغي سكريبال، واصفا الحادثة ب “الاعتداء البشع على المملكة المتحدة”. وأكد السفير، في حوار مع “الخبر”، على أن “خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، سيمنح فرصا جديدة لتحسين وتوسيع العلاقات البريطانية الجزائرية في مجال التجارة مستقبلا”.
ما هي حيثيات الأزمة الدبلوماسية ما بين بريطانياوروسيا، والتي حدثت على خلفية تسميم العميل الروسي سيرغي سكريبال؟
ما حدث هو بمثابة الاعتداء البشع من قبل روسيا على المملكة المتحدة، من خلال استخدام مواد مؤثرة على الأعصاب ضد المواطن سيرغي سكريبال، وهي مادة مصنوعة في روسيا،.. الأمر غير مقبول، ونشكر دعم المجتمع الدولي لنا والوقوف إلى جانبنا فيما يحدث، وهو أمر إيجابي جدا، وقد كانت هناك مناقشات مع كل الدول حول ما حدث، لأنه أمر غير مقبول ومرفوض وقوعه في أي بلد كان.
وجّهتم أصابع الاتهام مباشرة إلى روسيا التي تنفي الأمر جملة وتفصيلا، فهل من إثباتات على أنها من تقف وراء تسميم سيرغي الحامل للجنسية الروسية، والمقيم على الأراضي البريطانية؟
نحن لدينا مؤسسات متخصصة، وحسب تحليلاتها لما حدث في مسرح الجريمة، فإن المواد المستعملة ضد الضحية المؤثرة على الأعصاب مصنوعة في روسيا. وأعتقد أنه من الضروري على روسيا، أن تشرح كيف وصلت هذه المواد من عندها وتسميم سيرغي، من الواضح أن هناك عدم سيطرة على هذه المواد المؤثرة على الأعصاب من قبل الحكومة الروسية.
كان هناك تاريخ لهذا النوع من الاعتداءات الروسية على مواطنيها في الخارج، كما أن لروسيا تاريخ من السياسات العدوانية نحو الخارج، لهذا نحن نرى أن ما حدث جزء من حملة تقوم بها ضد مواطنيها وكذا ضد الدول القريبة من روسيا.
إلى جانب طرد الدبلوماسيين الروس من بريطانيا، هدّدتم بمقاطعة الحدث الكروي العالمي الذي تحتضنه موسكو بعد أشهر قليلة، على خلفية هذا التسميم..
بمعنى أنه لن يكون هناك ممثلين من مستوى عال في هذا العرس الكروي العالمي.
ما تأثير خروجكم من الاتحاد الأوروبي على علاقات بريطانيا الاقتصادية والجزائر؟
أنا متفائل جدا، فبقدر ما ستكون هناك علاقات تجارية مع الاتحاد الأوروبي، ستكون هناك فرص جديدة لتطوير التجارة بين المملكة المتحدةوالجزائر، فالاعتبارات ستختلف بعد خروجنا من الاتحاد الأوروبي عما هو سائد حاليا.
ألا يمكن أن يفتح خروج بريطانيا إشكاليات جديدة، فالحدود بين إيرلنداالشمالية التي تنتمي إلى المملكة المتحدة وجمهورية إيرلندا، لا تزال مفتوحة إلى حد الآن، ومسألة انفصال اسكتلندا يمكن أن تعود إلى السطح؟ وماذا عن مصير اتفاق السلام في إيرلندا، خاصة أن رئيسة الحزب الجمهوري أبدت مخاوف من إمكانية تأثير الخروج البريطاني على اتفاق السلام الموقّع سنة 1998؟
الحدود مفتوحة الآن، ومن المهم جدا الحفاظ عليها كما هي عليه حاليا وتركها مفتوحة، نودّ أن يستمر الوضع القائم مع إيرلندا، ومن المهم أن نعرف بأن الحفاظ على السلام مع هذه الأخيرة أمر أساسي ولا يمكن مطلقا وفي أي حال من الأحوال أن يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اتفاق السلام. كما نودّ الإشارة إلى أنه وخلال استفتاء انفصال اسكتلندا من عدمه، قرّر الناخبون الاسكتلنديون، أن تظل اسكتلندا جزء من المملكة المتحدة، لذا لا أعتقد أنه من الممكن أن تعود المسألة لنطفو على السطح، أو أن تتم المطالبة بالقيام باستفتاء ثاني من جديد.
يشكل العامل الأمني تحديا للدول، كيف يتم التعامل مع هذا المعطى، خاصة وأن بريطانيا تساهم في عمليات ضد تنظيم “داعش” في الشرق الأوسط؟
من المهم جدا أن نبذل جهودا حثيثة لمكافحة الإرهاب، والجزائر لديها دور مهم جدا ضمن هذه الجهود الدولية، وهناك تعاون بيننا وبين الجزائر في هذا المجال، من خلال تبادل التجارب والخبرات وكذا تبادل المعلومات، ونحن نحترم حقيقة خبرة الجزائر في محاربة الإرهاب. ومن الضروري دعم جهود الجهات الأمنية، مع تنامي دور المجموعات المسلحة وتكاثف جهود الدول لمواجهة هذا الخطر. ومن الواضح أن الإرهاب لا حدود له، ومنه لا يجب أن تكون هناك حدود ما بين الدول في تعاملنا معه.
وماذا عن التحدي المتعلق بملف الهجرة غير الشرعية التي أخذت أبعادا دراماتيكية؟
سياستنا بخصوص ملف الهجرة غير الشرعية تتمثل في محاول حل المشاكل في البلدان المصدر لهذه القضية، ونبذل جهودا في برامج مثل برنامج الإغاثة الدولي، حيث تدفع المملكة المتحدة فيه 0.7 في المائة من دخلها الوطني، وهو برنامج مهم موجّه إلى الدول التي هي مصدرا للهجرة غير الشرعية نحو الدول الأوروبية كدول الساحل، على غرار مالي، ومن المهم حل المشاكل كما أسلفت في مصدرها، ونحن نلتزم بتقديم ميزانية مهمة، كما نشير هنا ونؤكد على دور الجزائر المهم في ضمان استقرار المنطقة.
الوضع في سوريا حسّاس ومعقد، ما رؤية بريطانيا لمسارات التسوية التي تشرف عليها روسيا وتركيا، وهل من خيارات لعودة الاستقرار في هذا البلد؟
أتفق معك على أن الوضع في سوريا معقّد وحساس، ونحن ندعم مسار السلام تحت مظلة الأممالمتحدة، وعندنا خوف من أن المبادرات الثانية سيكون لها دور في تأزيم وتعقيد هذا الوضع أكثر، وتم الاتفاق مع مجموعات المعارضة على وقف إطلاق النار، لكن من السيء جدا تواصل واستمرار الضربات الجوية رغم الاتفاق، من قبل الدول التي لها نفوذ على النظام السوري، حيث تقوم باستخدام نفوذها مما يعقد المشهد...
الدول التي لها نفوذ على النظام.. وبذلك يجب التخفيف من النزاع والصراع القائم في سوريا، ودعم الحل السياسي بعيدا عن استعمال القوة العسكرية.
على ذكركم للحل السياسي في سوريا، ألا تعتقدون أن الضربات الإسرائيلية والتدخلات الأمريكية أيضا بإمكانها الحيلولة دون استكمال المسار؟
أقصد أنه من الضروري العمل على دعم الحل السياسي، وكما ذكرت الوضع هناك معقّد جدا، وتزامنا مع اتفاق وقف إطلاق النار يجب دعم الحل السياسي..
وكيف تقرؤون الوضع في الغوطة الشرقية؟
منذ أيام، تم اتخاذ قرار في مجلس الأمن، يقضي بضرورة إيصال إغاثة إنسانية إلى الغوطة الشرقية خلال مدة وقف إطلاق النار أي طيلة ثلاثة أيام، والأمر حقا عاجل، ويوجد 400 ألف شخص هناك يعيشون في عذاب، فالوضع الإنساني كارثي، خصوصا الأطفال، أين يتواجد قرابة 200 ألف طفل في الغوطة الشرقية.
كيف ترى لندن مسألة الملف النووي الإيراني وتبعات الاتفاق الذي شاركت فيه بريطانيا، ثم الجدل القائم بشأن موقف واشنطن المتحفظ؟
من الواضح أن هذه الصفقة النووية كانت مهمة جدا، وحققت نجاحا دبلوماسيا بعد سنوات طويلة من المفاوضات، ومن الواجب العمل سويا لاستمرار نجاحها، والشرق الأوسط أضحى أحسن نتيجة لنجاح الصفقة، ونحن نتناقش مع كل شركائنا للعمل على استمرار الوضع على ما هو عليه، وهو ما نشتغل عليه حتى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، فعلى سبيل المثال، نحن ندعم الدور الذي تلعبه وكالة الطاقة النووية الدولية في مراقبة مدى التزام إيران ببنود الصفقة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه وجب الفصل بين ما تقوم به إيران في المنطقة، والذي لا نراه إيجابيا، وبين الصفقة النووية، الأمران منفصلان عن بعضهما البعض.
أثار قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدسالمحتلة ردود فعل غاضبة، كما اعتبر المراقبون أن الخطوة ستقوّض أكثر فرص بعث مسار التسوية، ما هي الخيارات والبدائل المتاحة لإعادة المسار إلى السكة، في ظل الانسداد القائم منذ سنوات؟
نحن لا نوافق على قرار نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وكان هناك بيان واضح صادر عن رئيسة وزرائنا في هذا الشأن، وموقفنا بشأن مسار التسوية واضح وثابت، ندعم حل الدولتين، إسرائيل جنبا إلى جنب مع فلسطين، والقدس عاصمة مشتركة بين البلدين، وهذا هو أساس الحل والسلام في المنطقة، وسوف نستمر في دعمنا للجهود الدولية للبحث عن حل لهذه المشكلة، كما يجب أن تكون هناك مفاوضات بين الجانبين. القرار الأمريكي واضح وهو غير مقبول، لكن يجب على المجتمع الدولي وكذا بريطانيا مواصلة جهوده وبحثه عن الحل.
شكلت عودة بريتيش بتروليوم إلى النشاط الكامل في تيقنتورين بعد الاعتداء الخطير، عدة دلالات، خاصة وأن الاعتداء على المنشأة الغازية بداية 2013 كانت له ارتدادات كثيرة على مستويات عدة، هل وضعت الشركة البريطانية شروطا لعودتها إلى النشاط؟
“بريتيش بتروليوم موجودة في تيقنتورين، وهناك اتفاقية جديدة بينها وبين سوناطراك، وهناك العديد من إمكانيات الاستثمار في المستقبل، وأشير إلى أن الإجراءات الأمنية مهمة جدا، وهو ما تم الاتفاق على توفيره والتأكيد عليه، والتعاون القائم بين الشركتين في مصلحة البلدين.
كيف تقيّمون العلاقات الجزائرية البريطانية على كافة المستويات؟
وصلت إلى الجزائر منذ 3 أشهر تقريبا، والتقيت قرابة 12 وزيرا، إلى جانب عدد من المسؤولين الجزائريين وإعلاميين، واحتككت بالشعب الجزائري في الشوارع وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وأشكر جدا ترحيبكم الودّي وضيافتكم الكريمة، فعلاقاتنا طيبة جدا، وهناك شراكة ما بين الجزائروبريطانيا في مجال الطاقة والتجارة. وقد زرت مدينة تلمسان التي هي مدينة جميلة جدا، أين التقيت السيد الوالي وعددا من المسؤولين المحليين هناك، وشهدت على اتفاق شراكة ما بين شركة بريطانية وأخرى جزائرية، وأنا متاكد أن هناك إمكانية تطوير علاقاتنا في المستقبل، فقد وجدت أن الجزائريين لهم إمكانيات كبيرة في التجارة، خاصة الشركات الناشئة، كما أن هناك بحوث مهمة جدا في مجال التكنولوجيات اطلعت عليها في جامعة تلمسان، هناك طاقة هائلة لدى الشباب الجزائري، ونسبة الشباب في الجزائر مهمة جدا، وأنا متفائل من إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، سواء التجارية أو الثقافية أو الرياضية أو غيرها، وأعتقد أن هناك حب وتعاطف وودّ ما بين الشعبين.
يتساءل الشباب الجزائري عن التسهيلات التي تقدّمها المملكة المتحدة فيما يتعلق بالحصول على التأشيرة، فهل لنا أن نعرف تفاصيل عنها؟
نحن نرحّب بزيارة الجزائريين إلى المملكة المتحدة، سواء من أجل الدراسة أو السياحة أو التجارة. وطبعا من الضروري أن نتأكد من نية الزائر، أي نوع من الزيارة يريد وهل سيعود بعد انتهاء الفترة المجددة إلى البلد، حيث نطالب الراغب في الحصول على التأشيرة بمعلومات ووثائق يجب أن يوفّرها، وفي حال توفّرها يكمن الحصول على التأشيرة في غضون شهر على أقصى تقدير، لكن ممكن تسريع الإجراءات ضمن خدمة خاصة، وبذلك ترتفع الرسوم، وهدفنا الآن هو تقليص المدة إلى 3 أسابيع بدل شهر، والتأشيرات صالحة لمدة مختلفة قد تصل إلى 5 سنوات أو 10 سنوات لتمكين السائح من زيارة المملكة المتحدة عدة مرات.
على ذكركم للجانب الرياضي، ربما الساحرة المستديرة تساهم أيضا في تطوير العلاقات، خاصة أن اللاعبين الدوليين رياض محرز وإسلام سليماني متواجدان في فرق بالمملكة المتحدة...
في مدة 3 أشهر من تواجدي في الجزائر، حضرت 4 مباريات لكرة القدم، خاصة أن كرة القدم حب نشترك فيه، ونحن حقا نستفيد من وجود اللاعبين الدوليين رياض محرز في ليستر، وإسلام سليماني في نيو كاستل، وهي فرق المملكة المتحدة، وشكرا لوجودهما وجهودهما.
وكيف ترون الوضع في ليبيا وحظوظ المصالحة مع تنظيم انتخابات عامة ورئاسية؟
بالنسبة لليبيا، من الواضح أنه لا مكان للحل العسكري للوضع القائم هناك منذ سنوات، ومن الضروري انتهاج سبيل غير ذلك، بمعنى اعتماد الحوار الليبي- الليبي حلا للوضع، ومسار السلام تحت مظلة الأممالمتحدة، ونحن مع المصالحة الليبية، أي أن تكون من خلال الشعب الليبي وحده، وعلى المجتمع الدولي دعم مسار السلام والحوار الليبي، وفي هذه النقطة تحديدا للجزائر تجربة مهمة في مسار المصالحة بهدف إرساء أسس السلام ومكافحة الإرهاب.