ألقت أزمة انتشار الأمراض الحيوانية، على غرار طاعون صغار المجترات والحمى القلاعية، بظلالها على تسويق اللحوم التي ارتفعت أسعارها بمبالغ تراوحت بين 200 و300 دينار، وهي مرشحة للزيادة أكثر في حال لم يتم احتواء المرض في أقرب الآجال، في حين حذرت منظمة حماية المستهلك من مخاطر تسويق لحوم مجهولة المصدر وغير مختومة من قبل البياطرة ناتجة عن ذبح مواشي قد تكون مصابة بالأمراض. من خلال الجولة التي قادتنا إلى الأسواق وبعض القصابات بالعاصمة، وقفنا على تفاوت في عرض هذه اللحوم، حيث تراوح سعرها بين 1400 و1500 دينار للنوعين معا، سواء لحم الغنم أو البقر، ووصل السعر في بعض الأماكن، على غرار الأبيار وحيدرة، إلى 1600 دينار، وحسب تصريحات أصحاب القصابات، فإن الأسعار لم ترتفع كثيرا مقارنة بما كانت عليه، والزيادة المسجلة يدفعونها هم أيضا عند اقتنائهم للحوم من المذابح الوطنية وباقي المموّنين. المنظمة الوطنية لحماية المستهلك هي الأخرى تتابع الوضع منذ تسجيل أولى حالات المرض، وحسب تصريحات المنسق الوطني لولايات الشرق بالمنظمة، تميم فادي، ل"الخبر"، فإن الثروة الحيوانية في خطر، لأن الأمراض المسجلة حاليا أمراض معدية وسريعة الانتشار، ومخاوفهم كبيرة أن يدفع المستهلك الثمن باستمرار الارتفاع الذي وقفوا عليه وطنيا وتأثيره على المدى المتوسط والبعيد، لأن استمرار النفوق يمكن أن يلهب الأسعار في شهر رمضان، يضيف ذات المسؤول، "ونحن نعلم أن سعر اللحوم يرتفع في هذا الشهر من دون وجود عوامل مؤثرة"، أما إذا كانت هناك مسببات كالأمراض، فالقادم سيكون الأسوأ، حسبه، والأمر نفسه بالنسبة للأضاحي، لأن النفوق سيؤدي إلى تراجع رؤوس الغنم، وكفة الطلب ستكون أكثر من العرض. وبالعودة لمرض طاعون صغار المجترات والحمى القلاعية، قال ممثل منظمة حماية المستهلك إنهم يقومون بحملات تحسيسية لتفادي استهلاك اللحوم التي لا تحمل ختما من البياطرة، لأنه في عز انتشار المرض هناك أسواق فوضوية لاتزال تسوّق اللحوم، كما يسارع بعض أصحاب الماشية إلى نحر المريضة منها وتسويقها في هذه الأسواق دون أن يعلم المستهلك بذلك، على الرغم من ضرورة دفن الماشية ورش مادة الجير عليها بعد النفوق، لأنه بإمكانها إلحاق العدوى بالماشية الحية، وهنا طالب المتحدث المسؤولين في قطاعي الفلاحة والتجارة بتشديد الرقابة لمحاربة هذه التصرفات التي بإمكانها إلحاق ضرر واسع بصحة المستهلكين.
28 مليون رأس غنم تثير حفيظة الخبراء
من جهته قلّل رئيس الفيدرالية الوطنية للموّالين، جيلالي عزاوي، من تأثير نفوق المواشي على توفير مادة اللحم، والسبب، حسبه، أن رؤوس الماشية في الجزائر تقدر ب28 مليون رأس غنم، وهي تحقق الاكتفاء وطنيا لو تم استغلالها وتوفير المذابح الكبرى التي سبق ووعدت بها وزارة الفلاحة، والمرض إذا تم احتواؤه لن يؤثر على المدى الطويل، حسبه. تصريحات شكك فيها الخبير الاقتصادي حميد علوان الذي ذكر ل"الخبر" أن هذا الرقم يفترض أن يعكس مستوى استهلاك الجزائري للحوم، ونحن نعلم أن هذا الأخير ليس بإمكانه ذلك، لأن سعر الكيلوغرام يكون عند شريحة واسعة أقل من المقابل المالي الذي يتلقاه عن اليوم الواحد للعمل، كما أن الاستهلاك بعيد عن توصيات المنظمة العالمية للصحة، وأشار المتحدث إلى أن الأمراض الحيوانية المسجلة ستؤثر سلبا، لأن النفوق سيدفع الموّالين إلى العزوف عن التربية، خاصة إذا لم تتوفر الحلول السريعة، وهو ما يجعل بورصة الأسعار مرشحة للارتفاع، ويُعاب على وزارة الفلاحة تركها الموّالين بمفردهم، لأن مستواهم وإمكانياتهم محدودة ويحتاجون إلى مرافقة دائمة للحفاظ على الثروة الحيوانية، يضيف علوان.
يعيش العديد من مربي المواشي بالشلف حالة رعب بعد تسجيل إصابة قطعان من الماشية عبر خمس بلديات بطاعون صغار المجترات. وأكد مصدر بيطري عن نفوق بعض رؤوس الماشية، حيث قامت المصالح البيطرية بأخذ عينات دم من الماشية النافقة لإجراء التحاليل بالمخبر الجهوي لمستغانم. ورجحت مصادرنا أن هذه الإصابات جاءت نتيجة نقل المواشي من خارج الولاية، ويحتمل أنها كانت مصابة بهذا الداء. وحسب مصدر مسؤول، فإن والي الشلف أصدر منذ أسبوعين قرارا يقضي بغلق أسواق الماشية بالولاية، كما تم تفعيل إجراءات منع نقل الماشية للحيلولة دون انتشار هذا الطاعون في انتظار حصول المربين على لقاح فعال للقضاء على الداء الذي قد يقضي على مصدر أرزاق العديد من العائلات. في سياق متصل، حجزت مصالح دائرة الزبوجة أكثر من قنطار من اللحوم الحمراء كان صاحبها متوجها إلى السوق الأسبوعي للزبوجة من أجل تسويقها. وكشفت التحقيقات أن هذه اللحوم مجهولة المصدر، كونها لا تحمل الختم الرسمي ولم تخضع للرقابة البيطرية، إضافة إلى انعدام شروط النظافة أثناء نقل هذه اللحوم، ما قد يشكل خطرا على صحة المستهلكين، خاصة وأن بعض الذين عماهم الجشع قاموا بذبح المواشي المريضة وبيع لحمها في الأسواق لتفادي الخسائر التي أصابت قطعان الماشية بسبب طاعون صغار المجترات في بعض مناطق الولاية.