أعلن قضاة مجلس المحاسبة أمس التحاقهم بالهبّة الشعبية المطالبة بتغيير النظام وانسحاب رئيس الجمهورية وجماعته نهائيا من الحكم. وفي نفس الوقت خرج قضاة مجالس غرب وجنوب ووسط وشرق البلاد في مظاهرات، تعبيرا عن رفض التدابير التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة. سجل قضاة مجلس المحاسبة بمقره بالجزائر العاصمة أمس وقفة احتجاج داخل ساحة المبنى، بحضور الكوادر النقابيين الذين يواجهون منذ سنين طويلة أشكالا من الترهيب يمارسها عليهم رئيس المجلس عبد القادر بن معروف الموجود بمنصبه منذ 22 سنة، أي قبل وصول بوتفليقة إلى الحكم، ويعاني هؤلاء أيضا من ضغط وابتزاز الأمين العام للمجلس. وقرأ ممثل عن القضاة بيانا جاء فيه أن هذه الفئة المهنية المكلفة بالرقابة على المال العام جزء من هذا الشعب، وينضمون إلى حراكه ويتبنون مطالبه. من جِهة أخرى خرجت مجموعة من القضاة من مجالس قضاء وهران، معسكر، تلمسان وعين تموشنت إلى ساحة المجلس القضائي الجديد لوهران، أمس، في وقفة تضامن مع الحراك الشعبي الحاصل في الجزائر منذ 22 فيفري الماضي. وكان من المفروض أن يخرج قضاة وهران وحدهم مساء أول أمس، إلا أنهم تراجعوا لينظموا وقفتهم هذا الصباح. وقد انضم القضاة القادمون من مختلف المحاكم المذكورة، والذين قارب عددهم الأربعين، إلى كتّاب الضبط الذين سبقوهم إلى ساحة المجلس القضائي وخرجوا في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، معلنين انضمامهم إلى الحراك الشعبي الوطني الرافض للتمديد والمطالب بتغيير النظام. قرأ قاض بيانا باسم زملائه أكد فيه أن هذه الوقفة تطالب بتكريس دولة القانون، ”ولن نرضى باعتبارنا حماة الحقوق والحريات بخرق الدستور. ونضم صوتنا لصوت زملائنا في كل المجالس القضائية والمطالب بضرورة احترام قواعد الدستور وقواعد الفصل بين السلطات، والتي لن تتحقق إلا بتكريس استقلالية القضاء”. وانصرف القضاة مباشرة بعد الوقفة، لينطلق كتّاب الضبط في مسيرة راجلة من المجلس القضائي الجديد إلى مقر محكمة وهران القريب في حي جمال. ورافق مواطنون ومواطنات هذه المسيرة التي ارتدى فيها بعض المشاركين جببهم. وكان قضاة من مجلس قضاء وهران قد عاشوا ضغطا كبيرا في الأيام الماضية عندما تسرب خبر انضمامهم إلى منتدى القضاة، وعزمهم على الخروج إلى الشارع للتعبير على موقفهم من الحراك الشعبي، حيث تم استدعاؤهم من طرف الوصاية، قبل أن تعرف الاحتجاجات الوطنية الأبعاد التي أخذتها في الأيام الأخيرة بانضمام مختلف المهن والأسلاك إلى مطالب الشارع. من جهتهم نظم قضاة المحاكم بولاية بسكرة وقفة احتجاجية أمام مجلس القضاء تضامنا مع الحراك الشعبي ورفضا لخرق الدستور وتمديد العهدة الرابعة ومطالبةً برحيل رموز النظام الحالي. وأحاطت قوات الأمن الوقفة الاحتجاجية، وشارك فيها كتّاب الضبط والعديد من المحامين، ورُفعت فيها عدة شعارات ترجمت راهن البلاد، منها ”أحكام القضاء غير قابلة للقياس”، ”لا لخرق الدستور وقوانين الجمهور”، ”استقلالية القضاء مطلب شعبي”. كما هتف المتظاهرون طويلا بعبارات صارخة، منها ”القضاء يحمي الدستور”، ”تحيا الجزائر وشعب الجزائر”، ”لا مساس للدستور ونعم للحراك السلمي، نعم لحرية التعبير”. وفي كلمة ألقاها أمام الحضور، قال محادي الطاهر رئيس محكمة بسكرة إن قضاة المحاكم التابعة لمجلس قضاء بسكرة مع إرادة الشعب التي تتجسد بالتطبيق الصحيح للدستور. وقال إن واجب التحفظ لا أصل ومكانة له مقابل خرق مبادئ الدستور، مضيفا أن قضاة محاكم بسكرة ينددون بهذا الخرق الصارخ للدستور الجزائري، لذا فلا مجال لسير كل الإدارات بما في ذلك العدالة بصفتها حامية لمبادئ وقوانين الجمهورية، ولا للمساس بإرادة الشعب، والقضاة مع تطبيق قوانين الدستور دون المساس بها، وهم مع إرادة الشعب ولا صوت يعلو فوق إرادة الشعب. وفي سياق متصل نظم قضاة البليدة بساحة المجلس القضائي احتجاجا نادوا فيه بشعارات مكتوبة باستقلالية القضاء وحريته، وعدم استغلاله، وأن القضاة هم أبناء الشعب. وقد كسر قضاةٌ بالبليدة حاجز الخوف بهذه المظاهرة التاريخية، وجاءت شعاراتهم وهتافاتُهم حادة، تضمنت رسائل مباشرة للنظام، نادوا فيها باستقلالية العدالة، ورفض تأجيل الانتخابات، وشددوا على ”رحيل النظام”، وأن القضاة أبناء الشعب ومصدر السلطة، والعدالة حرة مستقلة، ”صامدون حتى يرحل النظام”، ”لا لانتهاك الدستور”.. وبدورهم تضامن المحامون مع القضاة المحتجين، وهتفوا بواجب احترام الدستور وقوانين الجمهورية، وأن الدفاع ”حامي القضاة”، ”إرادة الشعب تعلو ولا يعلى عليها”. ويجدر الإشارة إلى أن المحامين بناحية البليدة أعربوا عن موقفهم الرافض للوضع الحالي، وأبدوا مساندتهم للحراك الشعبي الواسع منذ مسيرة 22 فيفري الماضي، وكانوا مع مطلب معارضة العهدة الخامسة ورحيل النظام ورموزه.