أرسلت المديرية العامة، الأسبوع الماضي، تعليمة مستعجلة إلى مديرياتها عبر كامل التراب الوطني، طالبت فيها مصالحها بتكثيف الرقابة على عمليات تحويل أموال الشركات الخدماتية نحو الخارج، قبل تمكينهم من الحصول على وثيقة شهادة تحويل الأموال إلى الخارج، وهي الوثيقة المطلوبة من البنوك التي توطن عمليات استيراد هذه الشركات في إطار استكمال ملف تحويل الأموال نحو الخارج. ركزت التعليمة على ضرورة تسليط الضوء على الشركات التي تقوم بتحويل أموال نحو الخارج “مقابل الخدمات غير المادية التي تؤديها المؤسسات التي تربطها علاقات مع شركات أجنبية مستفيدة من التحويل”، لا سيما إذا لاحظت مصالح الضرائب أنها “تجاوزت المبالغ” المعتاد تحويلها أو عدد مرات التحويل المسجل في الإطار العادي. ويفهم من هذه التعليمة، أن الشكوك تحوم حاليا حول أصحاب شركات خدماتية يسارعون إلى تهريب مبالغ هامة من العملة الصعبة، في ظل الوضع الحالي للبلاد، بعد أن كان الأمر يقتصر على مستوردي السلع والبضائع والفائزين بالصفقات والمشاريع الكبرى خلال العشرين سنة الماضية. وجاء تشديد الرقابة على الشركات الخدماتية، كإجراء احترازي من مديرية الضرائب لمنع تحويل مبالغ معتبرة من العملة الصعبة إلى الخارج، لا سيما في إطار الوضع السياسي غير المستقر الذي تشهده الجزائر منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي. وكانت الضبطية القضائية للدرك الوطني قد راسلت الجهات المختصة في مراقبة تحويل الأموال إلى الخارج من بنوك وطنية وبنك مركزي وجمارك وحتى إدارة الضرائب للتحقيق في تعاملات عدد من رجال الأعمال المتهمين من طرف المؤسسة العسكرية بتهريب أموال باهظة من الأموال نحو الخارج بطرق ملتوية وغير قانونية. ووجهت التعليمة التي جاءت على شكل مذكرة ، إلى مدير كبريات المؤسسات وجميع المديرين الجهويين للضرائب والمفتشين الجهويين للمصالح الجبائية، تحت موضوع “طلب شهادة تحويل الأموال إلى الخارج- حالة المؤسسات المرتبطة”، مما يؤكد أن الأمر يتعلق بالشركات الخدماتية الجزائرية التي تحوّل أموالا نحو شركات أجنبية متواجدة بالخارج. وتهدف المذكرة المرسلة بتاريخ 9 أفريل الماضي “إلى توجيه تعليمة للمصالح الجبائية بغرض إيلاء اهتمام هام خاص فيما يتعلق بتسليم شهادات تحويل الأموال إلى الخارج”. ونبّهت التعليمة إلى ضرورة تشديد الرقابة على تحويل أموال الشركات الخدماتية “في الوضع الحالي”. وحذّرت مديرية الضرائب مصالحها من الثغرات القانونية التي يمكن استغلالها من طرف أصحاب الشركات الخدماتية في الجزائر لتهريب الأموال نحو الخارج بطرق ملتوية وغير شرعية، حيث صنفتها في شقين. الأول يرتبط بالعلاقات القانونية، وذلك عن طريق حيازة الشركة الأجنبية لأسهم أو حصص اجتماعية في شركة جزائرية. أما الجزء الثاني، فيتعلق بالعلاقات الواقعية بوجود نفس المسيّر بالنسبة للشركة الجزائرية والشركة الأجنبية، حيازة شركة ثالثة أو تابعة لنفس المجمع للشركة الجزائرية والشركة الأجنبية، أو حيازة هذه الشركات من طرف أشخاص لهم قرابة عائلية. في الإطار ذاته، دعت المديرية مصالحها في حال اكتشافات ثغرات ذات طبيعة مماثلة ل “إطلاق رقابة مصوبة بصفة تلقائية، طبقا للإجراءات الجبائية المعمول بها، حيث تشمل هذه الرقابة العقود والوثائق التي كانت مصدر طلبات تحويل الأموال إلى الخارج واللجوء إلى فرض الرقابة على أسعار التحويل. للتذكير، فإن أكثر من 100 مليار دولار أنفقت على استيراد الخدمات ما بين 2010 و2018، استنادا للأرقام الرسمية لبنك الجزائر، حيث تشكل واردات الخدمات عبئا إضافيا غير بارز على ميزان المدفوعات، مقارنة بإبراز واردات السلع والبضائع، حيث تظل الجزائر مستوردا كبيرا لمختلف أصناف وأنواع الخدمات من الخارج، بالاستعانة بمكاتب الخبرة والدراسات الأجنبية من قبل الهيئات والمؤسسات العمومية، إلى جانب شركات التأمين وإعادة التأمين ومكاتب المحاماة التي غالبا ما تلجأ إليها مؤسسات الدولة والشركات الكبرى في مختلف المنازعات التي ترفع على مستوى الهيئات النزاعية والمحاكم الدولية. وكشفت مصادر مالية ل “الخبر”، أن فاتورة واردات الخدمات خلال سنة 2018 تجاوزت 10.6 مليار دولار وقدّرت خلال النصف الأول من السنة ب5.450 مليار دولار.