يوقع المجلس العسكري الذي يتولى الحكم في السودان وقادة حركة الاحتجاج السبت اتفاقا مهما تمّ التوصل إليه بعد أشهر من التظاهرات المطالبة بتسليم الحكم إلى المدنيين في البلاد. وسيضفي التوقيع الطابع الرسمي على الوثيقة الدستورية التي وقع عليها المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير في 4 أوت. وينهي الاتفاق ثمانية أشهر من الانتفاضة التي شهدت خروج مئات الألوف ضد الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما قبل أن يطاح به في 11 أفريل الفائت. وتم التوصل للاتفاق بواسطة من الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا، واحتفل المحتجون به وعدّوه انتصارا "للثورة" فيما تباهى جنرالات الجيش بأنهم جنبوا البلاد حربا أهلية. وفيما يستجيب الاتفاق للعديد من المطالب الرئيسية لحركة الاحتجاج، فإنّه يترك سلطات واسعة في أيدي المجلس العسكري وتحديات هائلة أمام الحكومة المدنية. ومع التوقيع الرسمي على الاتفاق السبت، ستطلق السودان فورا عملية تتضمن خطوات أولى مهمة من أجل إطلاق الحكم المدني بالبلاد. فسيعلن في اليوم التالي عن أعضاء المجلس العسكري المدني الحاكم، ثم الثلاثاء يعلن اسم رئيس الوزراء. وسيتم الإعلان عن تشكيل الحكومة في 28 أوت، ثم يلتقي الوزراء مع المجلس السيادي في 1 سبتمبر لأول مرة. وستجرى انتخابات عامة بعد المرحلة الانتقالية البالغة 39 شهرا والتي بدأت 4 أوت. وحتى إجراء هذه الانتخابات، ستحكم السودان البالغ سكانها 40 مليون نسمة بواسطة مجلس سيادي مكوّن من 11 عضوا وحكومة نص الاتفاق على أنّ المدنيين سيهيمنون عليها. وسيختار الأعضاء العسكريون في المجلس السيادي وزيري الداخلية والدفاع. وقد يدفع المضي نحو الحكم المدنيّ الاتحاد الإفريقي لرفع قرار تعليق عضوية السودان الذي اتخذه في 3 جوان بعد فض دام لاعتصام للمحتجين في الخرطوم. واتفق الطرفان أنّ تذهب 40 بالمئة من مقاعد البرلمان الذي سيشكل خلال ثلاثة أشهر للنساء، في تقدير للدور البارز الذي لعبته المرأة السودانية في حركة الاحتجاج. وسيتم إخضاع القوات شبه العسكرية مثل قوات الدعم السريع وجهاز المخابرات اللذين يواجهان اتهامات بممارسة انتهاكات واسعة خلال عهد البشير لسلطة الجيش والمجلس السيادي. ومع عدم حسم عدد من المسائل، حذّر مراقبون من أنّ وصف الأحداث الأخيرة بالتغيير الناجح للنظام قد يكون سابقاً لأوانه.