بخروج عمار بلحيمر، عضو لجنة الحوار والوساطة بمعية رئيس طلائع الحريات، علي بن فليس، للدعوة إلى تنحية الوزير الأول نور الدين بدوي، تكون السلطة قد قررت طرح هذا الأخير ل "المقايضة" لتمرير موعد 12 ديسمبر المقبل بعدما عجزت عن كسب رهان موعدي 18 أفريل و4 جويلية الفارطين. يؤشر توالي الدعوات لترحيل حكومة بدوي بعد استدعاء الهيئة الناخبة، خصوصا من طرف أعضاء سابقين في لجنة الحوار أو من قبل أحزاب سياسية قريبة من السلطة الفعلية، أن السلطة بصدد إطلاق بالونات اختبار لجس نبض المكاسب التي ستجنيها من وراء إسقاط ورقة التوت "بدوي"، في الدفع بمشروعها الانتخابي بالشكل الذي يوفر له الحد الأدنى من المشاركة لدى المترددين والمشككين من الأحزاب السياسية في المقام الأول، في ظل استمرار تصلّب موقف الحراك الشعبي الرافض لهذه الانتخابات طالما لم تتوفر له لحد الآن الضمانات الكافية من الشفافية والحياد. وبغض النظر عن أحزاب الموالاة التي رحبت كالعادة بموعد 12 ديسمبر المقبل، فإن عودة بعض الأحزاب المحسوبة على المعارضة لتبني طرح مطلب ترحيل حكومة بدوي الذي ظلت ترفضه السلطة منذ شهر أفريل الماضي، يعطي الانطباع بأنه ليس رغبة ذاتية منها بقدر ما يوحي بأنها تلقت "إيعازا" بذلك في مؤشر أن السلطة حسمت موقفها إزاء رحيل الحكومة. وتريد السلطة من وراء التخلي عن بدوي إرسال رسالة طمأنة على أنها قدمت "تنازلات" تستجيب لما يطالب به الشارع، حتى وإن كانت تنحية الحكومة في هذا التوقيت بالذات بعدما كان مطلبا مرفوضا من طرفها منذ أفريل الماضي في كون مهمة الحكومة انتهت عمليا بتنصيب سلطة تنظيم الانتخابات التي يرأسها وزير العدل الأسبق شرفي، وأيضا بتمريرها لكل القرارات في مشروع قانون المالية لسنة 2020 الذي تضمّن الكثير من الإجراءات التي سترهق القدرة الشرائية للجزائريين وتحدّ من تحركات الرئيس المقبل! كما أن الدفع من جهة بورقة بدوي نحو بوابة الخروج من قصر الدكتور سعدان، والذي تزامن مع زيادة وتيرة الاعتقالات في صفوف النشطاء بعدما كان هناك توافق في لجنة الحوار على شروط التهدئة وإطلاق سراح الموقوفين، يحمل في طياته بشكل أو بآخر، رغبة السلطة مسك مزيد من الأوراق للضغط على معارضيها. فالسلطة مثلما احتفظت ببدوي حتى آخر لحظة كبارشوك لمنع وصول مطلب الرحيل إلى بن صالح، فإنها تستعمل ورقة الموقوفين للحصول على تنازلات من الطرف الآخر، وخصوصا في مجال القبول بقواعد اللعبة الانتخابية الذي يبقى الخوف من مقاطعته هاجس للسلطة خصوصا بعد فشل موعدين سابقين.