لا تزال تقديرات الهيئات والمنظمات الدولية تصنف مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر ضمن الأعقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ تم تصنيفه عالميا ضمن 190 دولة في الرتبة 157، مع اعتبار عدم تسجيل تقدم كبير في المؤشرات المحددة لهذا المناخ. وتبقى تقديرات البنك العالمي سلبية على العموم وتنم عن عدم تسجيل تقدم ملموس وتغير جوهري في مسار الاستثمار، رغم الوعود والالتزامات المقدمة من قبل الحكومات المتعاقبة، وإبراز عدد من التسهيلات والتنسيق في إطار ما يعرف ب "دوينغ بيزنس الجزائر" منذ سنوات، والإعلان عن كسب بعض النقاط في الترتيب العام الجديد مقارنة بترتيب 2017 الذي صُنفت فيه الجزائر في المرتبة 166، إلا أن ترتيب الجزائر لم يتغير في تقرير 2020 مقارنة ب2019، حيث ظلت الجزائر قابعة في المرتبة 157 من مجموع 190 دولة. وتظل الجزائر متأخرة في الترتيب الإقليمي، حيث جاءت في المرتبة 14 عربيا بعد كل من الإمارات والبحرين والمغرب والعربية السعودية وعمان والأردن وقطر وتونس والكويت ومصر وفلسطين ولبنان وموريتانيا، ولم تتجاوز سوى 5 دول هي السودان والعراق وسوريا وليبيا واليمن. كما تأخرت الجزائر عن العديد من الدول الإفريقية. ووفقا لتقدير هيئة "بروتون وودز"، فإن مسار الاستثمار والأعمال منذ بدايته يعتريه الكثير من العقبات، وهو نفس تقدير منتدى الاقتصاد العالمي أيضا الذي صنف الجزائر، في تقريره الصادر هذه السنة، ضمن البلدان التي تواجه العديد من المخاطر والشكوك التي تقوض هذا المحيط بالنسبة للمستثمرين المحتملين، وحددت 5 مخاطر تواجه مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر. وعدّد التقرير المخاطر الخمسة التي يمكن أن تؤثر على مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر، ويأتي الفشل في الإدارة والحوكمة والتسيير في مقدمة التحديات الخاصة بالجزائر، تليها انعكاسات تقلبات وصدمات أسعار الطاقة، ثم قصور وفشل المنظومة المالية والمصرفية، ثم تحديات العامل الأمني الذي يُنظر إليه على أساس ظاهرة إقليمية بالنظر إلى ما تعرفه المنطقة من مخاطر عدم استقرار، وأخيرا القضايا المتصلة بالغذاء والأمن الغذائي. وبالنسبة للبنك الدولي، فإن مسار الأعمال والاستثمار في الجزائر يظل على غرار مسار المقاتل مرهقا ومعقدا، فقد جاءت الجزائر في المرتبة 152 في مؤشر الشروع في الأعمال أو تجسيد المشروع، حيث يجتاز المستثمر أو المتعامل 12 إجراء لبدء الشركة وتشغيلها بشكل قانوني، مقابل 6.5 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بداية بالتسجيل المسبق أو الابتدائي على سبيل المثال، التحقق من الاسم أو الحجز، والتوثيق، ثم التسجيل في المدن الكبرى، في إشارة إلى المركزية الإدارية، وتشمل تدابير تخص الضمان الاجتماعي، وتقدر مدة الإجراء بنحو 18 يوما، لا يشمل الوقت المستغرق لاستكمال الإجراءات الفترة المخصصة في جمع المعلومات مع بداية كل إجراء في يوم منفصل، أي لا يمكن استكمال إجراءين في يوم واحد أو فترة واحدة، وبالنسبة لتكاليف المشروع فإن الكلفة تستثني العمولات والرشاوى التي يمكن أن تترتب عنها زيادة في الأعباء. أما المؤشر الثاني فيتعلق بالتعامل مع رخص البناء، حيث صُنفت الجزائر في المرتبة 121 بعدد إجراءات تقدر ب19 إجراء مقابل 15.7 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومتوسط زمني يصل 131 يوما، وتقدر كلفة المرحلة بنحو 6.5% من قيمة المستودع أو الوحدة، وصُنفت الجزائر في مرتبة متأخرة في مؤشر نوعية مراقبة البناء ب12 من مجموع 15. بعدها يأتي مؤشر الربط بالكهرباء الذي احتلت فيه الجزائر المرتبة 102 ب5 إجراءات و84 يوما، مقابل الرتبة 165 في مؤشر تسجيل وتقييد الملكية و10 إجراءات بمتوسط 55 يوما. ولا يزال النظام المصرفي والبنكي يشكل إحدى الحلقات الأضعف في مسار الاستثمار والأعمال، حيث صُنفت الجزائر في الرتبة 181 في مؤشر الحصول على القروض، ومؤشر 10 من 100، كما احتلت المرتبة 179 في مجال حماية المستثمرين الذي يمثلون نسبة الأقلية بمؤشر 20 من 100. وسجلت هيئة "بروتون وودز" عدة نقائص متصلة بالنظام المصرفي والبنكي، حسب عملية سبر آراء واستبيان، إذ أشارت إلى غياب توزيع البيانات على كل من الشركات والأفراد، وعدم توزيع بيانات الائتمان الإيجابية والسلبية على حد سواء والحصول على المعلومات الائتمانية للمقترضين. إلى جانب ذلك، يمثل النظام الجبائي أيضا نقطة ضعف، إذ صنفت الجزائر في المرتبة 158، علما أن الضغط الجبائي في الجزائر يظل مرتفعا نسبيا بقرابة 18%، وتمثل اقتطاعات الأجراء نسبة تقدر بنحو 30% من إجمالي التحصيل الجبائي والضريبي. أما فيما يتعلق بالتجارة عبر الحدود أو التجارة الخارجية للسلع والبضائع أو الخدمات، فإن تصنيف الجزائر جاء ضمن مجموع 190 دولة في الرتبة 172 بمسارات معقدة في مجال التصدير، في وقت صُنفت في المرتبة 113 في مؤشر تنفيذ أو تجسيد العقود، وفي المرتبة 81 في تسوية المنازعات أو الوضعيات المعسرة.