سيكون "وسيط الجمهورية" هيئة طعن غير قضائية تساهم في حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وفي قانونية سير المؤسسات والإدارات العمومية، كما لن يفصل "الوسيط" في الطعون بين المرافق العمومية وأعوانها، ولا يمكنه التدخل في أي إجراء قضائي أو أن يعيد النظر في أي مقرر قضائي. ويعين وسيط الجمهورية بمرسوم رئاسي في مرتبة تشريفية لوزير دولة. يصدر قريبا نص تنظيمي يحدد صلاحيات ومهام "وسيط الجمهورية"، كريم يونس، الذي استند رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في تعيينه بناء على المادة 84 التي تنص أن "رئيس الجمهورية، رئيس الدّولة، وحدة الأمّة، وهو حامي الدستور، ويُجسد الدولةَ داخل البلاد وخارجها. له أن يخاطب الأمّة مباشرة"، وكذا بالارتكاز على المطة 6 من المادة 91 من الدستور: "يوقّع (الرئيس) المراسيم الرئاسيّة". غير أن أهم مادة من الدستور التي بها استحدث "وسيط الجمهورية" هي 143 التي تشير إلى أن "رئيس الجمهورية يمارس السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون". ويرى خبراء القانون أن السلطة التنظيمية الواردة في نص المادة هي سلطة دستورية ممنوحة لرئيس الجمهورية يصدر بمقتضاها تنظيمات مستقلة تنظم المسائل والميادين غير المخصصة للقانون. ويوضح خبراء في القانون الدستوري أن "سلطة التنظيم" لها صلة مباشرة بمهمة رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور، المتعلقة بالسهر على استمرارية الدولة والحفاظ على أركانها وعلى توفير كل الشروط اللازمة للتسيير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري والحفاظ على سلامة التراب الوطني ووحدة الشعب وحماية الحقوق والحريات. وفي تفسير الخبراء، فإن هذه المهام لن تتجسد إلا بوجود تنظيم محكم يتم من خلاله ضبط الهيئات والمؤسسات من جهة والوظائف والمهمات، وتعتبر سلطة التعيين بمثابة الوسيلة اللازمة للتمكن من توزيع الوظائف والمهمات، وهذا ما جعلها بمثابة النتيجة المنطقية لسلطة التنظيم التي يمارسها رئيس الجمهورية بمفهومها العام. ويوضع وسيط الجمهورية لدى رئيس الجمهورية ويستمد منه سلطته، حيث تخول ل"الوسيط" صلاحيات المتابعة والرقابة العامة التي تسمح له بتقدير حسن علاقات الإدارة بالمواطنين، إذ يمكن في هذا الإطار لأي شخص طبيعي استنفد كل الطرق ويرى أنه وقع ضحية غبن بسبب خلل في تسيير مرفق عمومي أن يخطر رئيس الجمهورية. ومنحت ل"وسيط الجمهورية" أيضا صلاحيات التحريات التي تسمح له بالتعاون مع الإدارات والمؤسسات المعنية وأن يقوم بالأعمال اللازمة لإنجاز مهامه، ولهذا الغرض يخطر (الوسيط) أي إدارة أو مؤسسة يمكنها أن تقدم له مساعدة مفيدة. وفي المقابل، يمكن ل"وسيط الجمهورية" أن يطلع على أي وثيقة أو ملف ضمن الأعمال المحددة له، وتستبعد من مجال تطبيق صلاحياته الميادين التي ترتبط بأمن الدولة والدفاع الوطني والسياسة الخارجية. ويقدم "وسيط الجمهورية" اقتراحات في التقارير التي يرفعها إلى رئيس الجمهورية وكذا التدابير والقرارات التي ينبغي اتخاذها ضد الإدارة المعنية و/ أو موظفيها المقصرين، حيث يعد أيضا حصيلة سنوية عن أعماله ويرفع تقريرا بشأنها إلى رئيس الجمهورية، غير أن وسيط الجمهورية يرسل، زيادة على التقرير السنوي، إلى الإدارة المعنية بالصعوبات التي يخطر بها، أي توصية أو اقتراح كفيل بتحسين سير المرفق المعني أو تنظيمه. وفي هذا السياق، يتعين على المرفق العمومي الذي يخطره وسيط الجمهورية أن يقدم في الآجال المعقولة كل الأجوبة عن المسائل المطروحة، فيما يمكن ل"الوسيط" أن يخطر رئيس الجمهورية إذا لم يتلق جوابا مرضيا عن طلباته، على أن يزود لممارسة صلاحياته وإنجاز مهامه بالوسائل البشرية والمادية.