قال سيدنا عمر بن عبد العزيز ”يحدث للنّاس من أقضية على قدر ما أحدثوا من فجور”. وقال سيدنا سفيان الثوري: ”الفقه رخصة من ثقة، أما التشدد فيحسنه كل أحد”. وفي ظل هذا الواقع المعاش الّذي انتشر فيه فيروس كورونا المستجد أمليت عدّة إجراءات صحية لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار، ومن هذه الإجراءات ما يتعلّق سواء بجانب التغذية أو النّفس أو الاحتكاك، وهذه كلّها ظواهر لها متعلقات بجانب شهر رمضان سواء من جهة الصّيام أو من جهة الصّلاة. ويمكن أن نجمل هذا في النقاط التالية: صيام شهر رمضان فرض عين على كلّ مسلم صحيح بالغ، لا يسقط عنه إلّا بعذر شرعي. أثبتت الدراسات العلمية وقرارات منظمة الصحة العالمية أنّه لا علاقة للصّيام بفيروس كورونا. المرجع لأيّ مريض ممّن وجب عليه الصّيام، أن يكون قرار الطبيب المختص الثقة في الصّيام من عدمه هو المقدّم، وهو الّذي تُبنَى عليه الفتوى. كلّ دواء غير مغذي ولا يصل إلى المعدّة ولا يحقن عن طريق الدم، فلا حرج فيه ولا يفطر. كلّ دواء أمكن تناوله قبيل الفجر، وإن امتدّ مفعوله فيما بعد فلا حرج فيه. كلّ دواء وجب تناوله في أوقات الصّيام، صاحبه يأخذه من غير حرج ولو مع الأكل ثمّ يقضيه لاحقًا. يجوز للمرأة تقديم أو تأخير دورتها الشهرية، تبعًا لحاجتها الملحة، بعد استشارة طبيبة أخصائية، وأن تبقى على الأصل هو الأفضل لها. المرأة الحامل أو المرضعة، إذا وجدت من نفسها مشقّة، أو خوفًا على جنينها، أو خوفًا على عدم إرضاعه، فلها جواز الفطر مع القضاء لاحقًا. روائح الطعام والذوق كلّها معفو عنها بالنسبة للمرأة عند طبخها. من أكل أو شرب ناسيًا، فعليه القضاء، ومَن تعمَّد فعليه القضاء والكفّارة. الأصل في صلاة التّراويح أن تُصلّى في البيوت ما لم تعطّل المساجد، والواقع أنّ حتّى الفرائض عطّلت في المساجد بسبب فيروس كورونا، فما بقيَ إلّا صلاة الفريضة والنّافلة بما فيها التّراويح في البيوت. يجوز صلاة التّراويح بما تيسَّر من الحفظ ولو الفاتحة مع سورة واحدة في جميع الرّكعات، ومَن صلّى التّراويح من المصحف جاز له بشرط حسن قراءته وعدم لحنه فيه. يجوز للصبيّ المميّز الحافظ للقرآن أن يُصلّي بأهل بيته التّراويح. يجوز للمرأة الحافظة أو المتقنة للقراءة، أن تؤمّ النّساء، بشرط أن تقف في وسطهنّ، وهذا خلاف مشهور المذهب. يجوز قيام اللّيل وقيام ليلة القدر في البيوت بما تيسّر من الرّكعات، ولو ركعتين بنية قيام اللّيل. الأصل إخراج زكاة الفطر من قوت أهل البلد وهو الطعام [الكسكس]، كما يجوز إخراجها نقدًا، وهذا حسب حاجة الفقير، أو ما تيسّر للمُخرج، وذلك يومًا أو يومين قبل صلاة العيد. التبرُّع بالدم أو إخراج عيّنات من أجل الفحص لا يُبطِل الصّيام. وفي الأخير، نسأل المولى تبارك وتعالى أن يتقبَّل منّا ومنكم الصّيام والقيام، وندعو بما كان يدعو به سيّد الخلق صلّى الله عليه وسلّم، فعَنْ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلاَلَ قَال: ”اللّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ رَبِّي وَرَبُّكَ الله” أخرجه أحمد (تحت رقم:1397). *أستاذ الشريعة والقانون - جامعة وهران