يعرض المدير العام لشركة "هواوي الجزائر" للاتصالات، آلاكس ديا، في حوار خص به "الخبر"، خطة الشركة في مرافقة الجزائر ووزارة البريد في مشروع الرقمنة، والعمل على تجسيده ميدانيا من خلال اقتراح ثلاث مراحل أساسية تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق رهان الرقمنة وتطوير جل القطاعات الاقتصادية المرتبطة بها، كما يكشف عدم تأثر نشاط "هواوي" جراء تداعيات فيروس كورونا بفضل خبرتها في ضمان استمرار النشاط عبر تقنية التواصل عن بعد. حضرتم مؤخرا اجتماعا مع الوزارة الوصية، ما هي أهم الاقتراحات التي قدمتموها؟ هو اجتماع ناجح جدا، لاسيما أنه عقد في وقته المناسب، حيث أنه يأتي تزامنا مع هذه الفترة التي يعيش فيها العالم أزمة صحية نتيجة تابعات فيروس كوفيد 19، وكان لابد من الاجتماع مع المتعاملين الفاعلين في ميدان الرقمنة لتحديد واقتراح الحلول الممكن الوصول إليها، والاستماع والوقوف على جميع الإشكالات التي تواجههم في النشاط، على الرغم من أننا نؤكد بأن شركة هواوي تيليكوم الجزائر لم تتأثر بتداعيات الأزمة الصحية بفضل مجموعة التدابير المتخذ لحماية موظفيها وضمان مواصلة النشاط، كما هو الشأن بالنسبة للتركيز على العمل عن بعد لتفادي الاحتكاك وانتقال محتمل للعدوى.
كيف تنظمون العمل بهذه الطريقة؟ شركة "هواوي" تتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال، حتى قبل ظهور أزمة فيروس كورونا، حيث نظمنا منذ بداية وباء كوفيد 19 مثلا أكثر من 100 ملتقى واجتماع بتقنية التواصل عن بعد، ما يجعل نشاط الشركة لا يتوقف مهما كانت الظروف، وبالتالي الالتزام بجميع العقود بين هواوي وزبائنها، بفضل الأرضية الرقمية الأحدث التي تتمتع بها، في وقت تعاني جل المؤسسات تباطؤا في النشاط جراء الظروف الاستثنائية التي يفرضها الوباء. بالموازاة مع ذلك، أعتقد أن هذه الفترة مناسبة لتنظيم اجتماع مماثل من ناحية أنها تنسجم مع توجه الجهات الوصية لتحقيق التحول المنشود وتجسيد رهان الرقمنة في الجزائر، باعتباره خطوة ذات أولوية قصوى في التحول الاقتصادي وتحقيق التنمية لقطاعات كثيرة، وفقا للتعليمات والرؤى التي عبّر عنها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في العديد من اجتماعاته، والتحرر تبعا لذلك، تدريجيا، من التبعية للاقتصاد المبني على البترول، والتي نعتقد بأن دور "هواوي" سيكون مهما ومحوريا في تحقيقها، حيث تكشف المؤشرات بأن مردودية الاستثمار في القطاعات التقليدية ستتراجع، إذ لن ينتج واحد دولار في المرحلة المقبلة سوى 3 دولارات على أقصى تقدير، بينما ستصل مردودية 1 دولار في مجال تكنولوجيات الاتصال الحديثة وقطاع الرقمنة إلى 20 دولارا، وهو ما يكشف ضرورة الإسراع في وضع الأسس الكفيلة بتجسيد هذا المشروع الهام في الجزائر، من خلال ضمان انسجام الرؤى بين التوجه العام للوزارة الوصية والمتعاملين المنوط بهم ترجمته، على رأسهم شركة هواوي الجزائر للاتصالات.
في هذا السياق، كيف يمكن لهواوي تيليكوم الجزائر مرافقة الحكومة في تجسيد مشروع الرقمنة؟ أولا، نعمل على ضمان استمرار العمل خلال فترة الوباء، على الرغم من أن الحديث عن الرقمنة في هذا الوقت بالذات ضروري بالنسبة لنا، حيث نسعى إلى نقل تجربة وخبرة هواوي المتواجدة في أكثر من 170 بلد حول العالم، نجحت في المساهمة في تحقيق التطور الرقمي لها. أما بالنسبة للجزائر، فإن تحقيق رهان الرقمنة يمر، حسب اعتقادنا، عبر ثلاث مراحل أساسية، الأولى تتعلق بوضع المنشأة القاعدية الضرورية، لاسيما المراكز الكبرى للثابت والنقال، التي نعتقد أنها موجودة بفضل الاستثمار الذي قامت به شركة اتصالات الجزائر على مدار 30 سنة، على الرغم من أنّها مطالبة بالإسراع في تطوير الشبكة واستخدام التقنيات الحديثة، على غرار الألياف البصرية لتحمل التدفق العالي للإنترنت، حيث قامت المؤسسة مؤخرا برفع حجم التدفق من 2 إلى 8 جيغا، وبالتالي رفع حجم الترددات، لتحمل ما تتطلبه التكنولوجيات الحديثة في مجال الرقمنة والاستفادة من خدماتها، بينما تفرض في اعتقادنا توسيع حجم التغطية المتعلقة بشبكة النقال، تحضيرا للمرحلة المقبلة الخاصة بتفعيل شبكة الجيل الخامس. المرحلة الثانية: تشجيع الشركات الناشئة لإنشاء التطبيقات واستخدامها على نطاق واسع. أما المرحلة الثالثة؛ فترتبط بتأهيل الموظفين وتحسين أداء الموارد البشرية للشركة وضمان الاستجابة للمعايير المعمول بها على الصعيد الدولي.
في هذا المجال، تعتمد هواوي الجزائر للاتصالات على خطة واضحة في مجال تكوين الموارد البشرية الخاصة بها، كيف ذلك؟ تتواجد هواوي للاتصالات في الجزائر منذ 21 سنة، وقد وضعت منذ البداية خطتها لنقل التكنولوجيا إلى الكفاءات المحلية ورفع نسبة الاعتماد عليهم من سنة إلى أخرى، من خلال تفعيل دور التكوين المتواصل للكفاءات، لضمان الاستثمار في السوق الجزائرية على المدى الطويل. وعلى هذا الأساس، حوالي 83 بالمائة من موظفي وعمال الشركة من الكفاءات المحلية والمتخرجين من مختلف المعاهد والجامعات الجزائرية، وإدماجهم في شركتنا عقب الاستجابة للمعايير الموضوعة للتوظيف وخلق ما يشبه نظاما شاملا ومتكاملا بين الموظفين، يجمع بين الكفاءة وقيم الشركة، بالإضافة إلى تفعيل الشراكة بين هواوي وبعض الوزارات. وتترجم هواوي الجزائر للاتصالات هذا التوجه من خلال 5 برامج أساسية، الأول هو "بذور المستقبل" الذي أنشئ بالتعاون مع وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال (معهدا تكنولوجيات الإعلام والاتصالات بوهران والكاليتوس بالعاصمة)، من خلال اختيار الطلبة الأوائل للاستفادة من تكوين في الصين، وهو برنامج سار منذ 2015، وبالبرنامج الثاني هو "أكاديميات تكنولوجيا الإعلام والاتصال"، حيث وقّعت هواوي اتفاقية مع وزارة التعليم العالي سنة 2018، ويوجد حاليا أكثر من 10 أكاديميات، ومن المنتظر أن تصل إلى 25 مع نهاية السنة الحالية. البرنامج الثالث لتنمية الموارد البشرية يتمثل في المسابقة العالمية لهواوي التي شارك فريق الجزائر للمرة الأولى في مواجهة 61 بلدا، وتحصل الفريق الجزائري على المرتبة الأولى، الأمر الذي أسعدنا، وهذا العام قمنا بنهائي توّج من خلاله ثلاثة طلبة سيمثلون الجزائر على الصعيد الدولي، وهي المسابقات التي من شأنها خلق نوع من الاحتكاك مع الطلبة الأجانب والاستفادة من تبادل الخبرات. أما البرنامج الرابع؛ فهو معرض التشغيل الذي تنظمه هواوي مع شركائها، أين يتم توظيف عشرات الموظفين الجدد. إلى جانب البرنامج الخامس والأخير المتعلق بتكوين المكونين من الأساتذة والإطارات، بالإضافة إلى مهندسي تقنيي الشركاء والزبائن، لضمان الاستجابة للمعايير الدولية التي تشدد هواوي على الالتزام بها.
ما هي كلمتكم الأخيرة؟ تسعى هواوي الجزائر للاتصالات إلى مرافقة الجزائر في مسار الرقمنة إلى غاية تحقيقه، والمواصلة في الاستثمار على المدى الطويل، ونعتقد أن دور الإعلام جوهري وهام لإيصال هذه الفكرة وأداء دور همزة الوصل بين الشركة وشركائها وزبائنها، وكل الفاعلين في الميدان، من خلال تسليط الأضواء على الإستراتيجية التي تتبناها الشركة وتسعى إلى تحقيقها لدعم التطور الاقتصادي المرهون في الوقت الحالي بالتطور التكنولوجي.