استجمع نواب شجاعتهم، فيما تلفظ العهدة البرلمانية الحالية أنفاسها، داعين لتعديل حكومي مستعجل، وإبعاد وزراء لم يقدموا، حسبهم، الإضافة لقطاعاتهم، وخصوا بالذكر وزراء الصناعة والموارد المائية والشباب والرياضة، الغائبين عن الجلسة، بشكل يثير تساؤلات إن لم يكن هناك إيعاز، أو لإدراكهم أن الأمر لم يعد كما كان سابقا. أبدى متدخلون في مناقشة مشروع قانون المالية 2021 بالمجلس الشعبي الوطني، أملهم في عودة الرئيس تبون من رحلته العلاجية بألمانيا سريعا للذهاب إلى تعديل حكومي، لأن الحكومة الحالية عاجزة عن احتواء الأزمة، على حد تعبير أحد النواب. وأشار النائب، حكيم برى، في تدخله، إلى أن الحكومة الحالية تعد أضعف الحكومات، مضيفا أن سلبيات الوزراء أكثر من إيجابياتهم، متحدثا عما أسماه وجود حكومة ظل جديدة ثانية تنافس حكومة الوزير الأول، على شاكلة ما جرى في العهد السابق. وقال النائب: "خرجنا من قصة الأخ المستشار (السعيد بوتفليقة) ورجعنا لقصة الصديق المستشار"، ودعا البرلماني السلطة لقراءة موضوعية للمقاطعة الشعبية للاستفتاء على الدستور، منبها إلى أن الشعب عاقب الحكومة بسبب كذبها عليه. وفي هذا الصدد أشار برلماني عن حركة مجتمع السلم إلى أن نتائج الاستفتاء الشعبي حول الدستور أظهرت حجم الهوة الشاسعة بين المواطن ومنظومة الحكم، مطالبا بانتخابات تشريعية مسبقة دون تدخل الإدارة لأجل استرجاع الثقة. وهاجم النائب لياس سعدي بقسوة أعضاء في الحكومة، وخص بالذكر وزير الموارد المائية الذي رفض دعوة اللجنة المالية، بحجة المرض، لكنه ظهر في اليوم الموالي في اجتماع رسمي مع المديرين الولائيين للقطاع، وهاجم النائب المعروف بتدخلاته الصريحة وزير الصناعة الذي لم يستطع لا توفير سيارات أقل من 3 سنوات، ولا سيارات جديدة ولا إنتاج محلي، متسائلا إذا لم يكن هذا الوزير يعمل ضد الرئيس؟ ووُصف وزير الصناعة من قبل النائب عبد الغني دويشر ب"المتعجرف"، متهما إياه بممارسة سياسة إغلاق على المستثمرين الوطنيين والأجانب، متسائلا عن خلفيات هذه القرارات المعتمدة من قبله، وإن لم تكن له أجندة أخرى. وسجل نواب افتقاد عرض وزير المالية للأرقام والتوقعات، ونبه النائب صالح دخيلي، عن التجمع الوطني الديمقراطي، إلى غياب أجوبة عما تعتزم الحكومة القيام به لمواجهة ملف عجز الميزانية المقدر ب22 مليار دولار، وغياب حصيلة مالية ل38 صندوق تخصيص التي تقرر حلها بموجب قانون المالية 2021. وسجل البرلماني الحاجة إلى وقف المظالم التي طالت إطارات في الدولة، والحاجة لمراجعة معايير التعيين في المناصب، مبرزا أن مواجهة الأزمة تتطلب تعبئة جماعية. واختار نواب التركيز على سوء إدارة الحكومة لملف عودة الرعايا العالقين في الخارج، والقضايا الاقتصادية، ونبهت البرلمانية سامية خليفي لمجموعة من التجاوزات في إدارة صندوق التعاون الفلاحي، وسجل آخرون عجز الحكومة عن اقتراح حلول عقود ما قبل التشغيل، وملف الدعم الاجتماعي والسيولة المالية، وفي هذا الصدد، نال وزير الصحة انتقادات حادة من النواب وخصوصا النواب عن ولاية جيجل، حيث سجل البرلمانيان فايزة بوحامة وعبد الناصر حمدادوش تأخر الوصاية في الاستجابة لنداءات النجدة التي أطلقها المشرفون على قطاع الحصة في الولاية التي سجلت بها إصابات قياسية بالوباء في ظل نقص الهياكل. وطالب نواب بالإفراج عن مشاريع مجمدة وخصوصا في قطاع الصحة والأشغال العمومية، ومنها الطرقات، واقتراح سياسة جديدة في مجال السكن وتكريس المعاملات المصرفية الإسلامية. وانتقد متدخلون عن نواحي الجنوب والمناطق الحدودية المقترحات التي تقدمت بها الحكومة في المجال الضريبي، ممتدحين الجهد الذي بذلته اللجنة المالية بالمجلس لمراجعة الاختلالات التي تضمنها النص. ويشير النواب هنا إلى تعديل المادة 8 من المشروع فيما يتعلق بالمنطقة الخاضعة لأحكام القانون المتعلق بعلاقات العمل والمادة 18 المتعلقة بالرسم على استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات لكل خروج إلى خارج البلاد، وتحديدها بمبلغ 500 دج للمركبات السياحية و3500 دج للسيارات النفعية والشاحنات التي يقل وزنها عن 10 أطنان، و12000 دج للشاحنات التي يزيد وزنها عن 10 طن والحافلات. وفي عرضه لأحكام القانون، جدد وزير المالية أيمن عبد الرحمن التأكيد على حجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الجزائري الذي يعيش ظرفا استثنائيا، يتميز، حسبه، باقتران عاملين رئيسيين وهما الركود الاقتصادي العالمي والأزمة الصحية الشاملة التي لم يسبق لها مثيل. وقال "إن مشروع قانون المالية لسنة 2021 يتوقع استقرار السعر المرجعي لبرميل النفط الخام عند 40 دولارا"، مضيفا أن "استقرار سوق برميل النفط سيكون بفارق 5 دولارات للبرميل مقارنة بالسعر المرجعي، أي ب45 دولارا أمريكيا خلال الفترة 2021-2023". وشدد أن "تدابير مشروع قانون المالية 2021 ركزت على استعادة مبادئ التقويم الميزانياتي وتحسين الوعاء الجبائي مع تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع عمليات التصدير عبر تعزيز تبسيط الإجراءات الجبائية والجمركية من خلال التدابير المقترحة لإعطاء دفع للاستثمار".