الإبقاء على 50 دولارا سعرا مرجعيا لبرميل النفط أكد وزير المالية عبد الرحمان راوية على استمرار الدولة في سياسة الدعم، وعدم الرفع من نسبة الضرائب بالرغم من الظروف الاقتصادية و المالية الراهنة، مبرزا أهم المحاور المتضمنة في مشروع قانون المالية 2019 ، المتمثلة في ترشيد النفقات، تشديد الرقابة و تأطير التجارة الخارجية، فيما يتوقع انخفاض في قيمة العجز في الميزان التجاري، خلال السنوات 2019-2021 ، من 10.4 مليار دولار، السنة القادمة الى 6.4 مليار دولار التي تعد من بين أهم المؤشرات الايجابية . بالرغم من عدم استقرار سوق النفط الدولية وتأثيراته على الميزانية العامة للدولة، فانه تم رفع التجميد على المشاريع في كل من قطاعي الصحة والتربية والابقاء على المكتسبات الاجتماعية منها الاستمرار في المشاريع السكنية، والاستقرار في الجانب الجبائي، بحسب ما افاد به راوية، أمس، خلال عرضه لنص مشروع قانون المالية 2019 على نواب الغرفة السفلى للبرلمان للمناقشة والمصادقة. توّقع انخفاض معدل التضخم إلى 4.7 ٪ يتوقع مشروع القانون نموا ب 2.9 ٪ لسنة 2019 مقابل نمو خارج المحروقات ب 3.2 ٪ وقد أعد على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط الجزائري ب 50 دولارا و على أساس سعر للسوق للبرميل ب 60 دولارا، كما يتوقع سعر صرف الدينار مقابل الدولار ب 118 دولار، خلال الفترة 2019-2021 ومعدل تضخم ب 4.5 ٪ سنة 2019 و3.9 ٪ سنة 2020 و3.5 ٪ سنة 2021. ومقابل توقع انخفاض صادرات المحروقات ب 1 ٪ من حيث الحجم الى33.2 مليار دولار سنة 2019 ينتظر أن يرتفع النمو خارج المحروقات من حيث الحجم بفضل مساهمة قطاعات البناء و الأشغال العمومية والسكن ب4.7 ٪ والصناعة ب 5 ٪ و الفلاحة ب 3.7 ٪ و الخدمات التجارية ب 4 ٪ والخدمات غير التجارية ب 1.8 ٪. وعلى المدى المتوسط يتوقع، يضيف الوزير أن يرتفع النمو الاقتصادي الى 3.4 ٪ سنة 2020 وإلى 3.2 ٪ سنة 2021 مع نمو متوسط خارج المحروقات ب3.1 ٪ خلال 2020-2021 ، كما يتوقع أن ترتفع صادرات المحروقات من حيث الحجم ب 4.2 ٪ سنة 2020، بإيرادات متوقعة قدرها 34.5 مليار دولار و ب 2 ٪ سنة 2021 بإيرادات قدرها 35.2 مليار دولار. احتياطات الصرف ستتراجع إلى 62 مليار دولار وكانعكاس للتدابير التي اتخذتها الحكومة لتأطير الواردات يتوقع مشروع القانون – كما أوضح راوية - تراجع في قيمة واردات البضائع الى 44 مليار دولار سنة 2019 ، لتنخفض الى 42.9 مليار دولار سنة 2020 و 41.8 مليار دولار سنة 2021. اعتبر الوزير ان كل هذا سيؤثر على الميزان التجاري، الذي سينخفض فيه – بحسب التوقعات – العجز بشكل بطيء وتدريجي، لينتقل من 10.4 مليار دولار سنة 2019 الى 8.2 مليار دولار سنة 2020 و 6.4 مليار دولار سنة 2021، حيث يتوقع مشروع الميزانية انخفاضا متواصلا في رصيد ميزان المدفوعات لينتقل من 17.2 مليار دولار سنة 2019 الى 14.2 مليار دولار سنة 2020 ، ثم الى 14 مليار دولار سنة 2021، والذي سيؤدي الى تقلص احتياطات الصرف الى 62 مليار دولار سنة 2019 والى 47.8 مليار دولار سنة 2020، و 33.8 مليار دولار سنة 2021. ويتوقع مشروع القانون تراجعا ب 10.9 ٪ في نفقات التجهيز مقابل ارتفاع ب8.1 ٪ في نفقات التسيير وهو وما يعطي عجزا في الخزينة بأقل من 10.4 ٪ بالنسبة للناتج الداخلي الخام مقابل اقل من 11٪ في 2018، فيما يتوقع النص ارتفاع نفقات التسيير الى 4.954 مليار دج سنة 2019 وذلك بزيادة 8.1 ٪ ، مقابل نفقات تجهيز ب 7. 3.602 مليار دج بانخفاض يقدر ب 10.9 ٪. توقع تحصيل 4. 3.201 مليار دج من الجباية النفطية أما ايرادات الميزانية المتوقعة سنة 2019 فتقدر ب 9 . 6.507 مليار دج منها 2.714 مليار دج جباية نفطية مقيدة في الميزانية، و ينتظر أن تصل الجباية النفطية المحصلة فعليا الى 4. 3.201 مليار دج سنة 2019 ، حيث أشار راوية الى أن تمويل عجز الخزينة بين 2019 و 2021 سيعرف نوعا من الضغط بالرغم من اللجوء الى التمويل غير التقليدي، الذي سيسجل انخفاضا والاقتطاع من صندوق ضبط الايرادات طيلة هذه الفترة . ذكر الوزير بأن مشروع القانون يكرس مواصلة التحكم في الإنفاق العمومي قصد الحد من اثار هذه التوترات على الخزينة العمومية، كما يشكل في العموم استمرارا للجهود التي تبذلها الدولة من أجل التخفيف من الاثار السلبية لانكماش الموارد المالية على الاقتصاد الوطني في سياق يتميز بتوترات على توازنات البلاد الداخلية والخارجية بفعل تراجع أسعار النفط. ويذكر ان لجنة المالية والميزانية قد اكدت من خلال التقرير الذي أوردته على بعض التوصيات التي تراها هامة، منها ضرورة مواصلة آلية تسقيف النفقات العمومية، مع الحفاظ على مستوى معقول للدعم الاجتماعي، ومواصلة تمويل الاستثمارات المنتجة الموفرة للقيمة المضافة للاقتصاد الوطني، وكذا الاستمرار في العمل على إرساء سياسة فعّالة التقدير، تسمح بتحديد الاحتياجات الفعلية للقطاعات سواء ما تعلق بميزانية التسيير أو التجهيز. ...ونواب الغرفة السفلى للبرلمان يثّمنون نص المشروع ثمن نواب المجلس الشعبي الوطني الاجراءات و التدابير المتضمنة في مشروع قانون المالية 2019، وذلك خلال مناقشتهم، البارحة، لهذا النص معبرين عن ارتياحهم لمرور سنة 2018 التي هي وشيكة الانقضاء بسلام من الناحية الاقتصادية، عكس ما كانت تشير اليه بعض التوقعات. أغلب النواب المتدخلين في المناقشة خلال الفترة الصباحية من حزب جبهة التحرير الوطني “الافلان” وحزب التجمع الوطني الديمقراطي “ الأردني “، فيما اقتصر تدخل نائب واحد من حزب العمال و تدخل لنائب من حركة مجتمع السلم. بالنسبة لنواب الحزب العتيد، فقذ اشادوا بالإجراءات التي اتخذتها الدولة من خلال نص القانون ، للحفاظ على سياسة التضامن من خلال الرفع من التحويلات الاجتماعية، حيث سجل النائب عبد الحميد سي عفيف من حزب جبهة التحرير بارتياح عدم المساس بالمكتسبات الاجتماعية للمواطنين بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة ، جراء تراجع اسعار البترول، كما ثمن الاجراءات المتعلقة بتخصيص 300 مليار دج لمخططات التنمية المحلية لصالح البلديات، للتكفل بالجانب التنموي لفائدة مواطنيها. اما النائب محمد قيجي عن التجمع الوطني الديمقراطي، فإن نص القانون و من خلال المؤشرات و التوقعات التي تضمنها جاءت عكس “توقعات بعض الخبراء” التي تنبأت بتدهور اقتصادي رهيب جراء اللجوء الى التمويل غير التقليدي سنة 2018 ، و ببلوغ ارقام قياسية في نسبة تضخم، وتهاوي قيمة الدينار الى الحضيض، مؤكدا ان كل من هذا لم يحدث و قد مرت السنة “بردا و سلاما على الجزائريين” . بالرغم من تثمينها للإجراءات التي ابقت على الدعم الاجتماعي، الا ان النائب نادية شويتم عن حزب العمال لم تتوان عن تقديم ملاحظات و بعض الانتقادات بشان مضمون نص المشروع، مشيرة الى الانعكاسات التي قد تترتب على الجانب الاجتماعي من خلال سياسة التقشف التي تعتمدها، التي ستؤدي الى ارتفاع في نسبة البطالة . في نفس الاتجاه، ذهبت النائب فاطمة سعيدي عن حركة مجتمع السلم التي ارجعت الضغط على ميزانية التجهيز أو على الواردات، وكذا تسجيل نسبة نمو تعتبرها ضعيفة الى الركود الاقتصادي، وتقترح معالجة ذلك من خلال تصحيح سياسة التحويلات الاجتماعية وتقليصها، بالإضافة الى تخصيص تدخلات الدولة في ميزانيات التجهيز في القطاعات الإستراتيجية فقط .