لم يستبعد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، الدكتور محمد بقاط بركاني، أن تلجأ الحكومة لفرض إجراءات الحجر الجزئي المنزلي في ولايات أخرى، وتشديد حظر التجول الليلي في رمضان، بعد عودة مؤشر الإصابات بالفيروس التاجي إلى الارتفاع، وما تطرحه الحالة الوبائية من مخاوف الموجة الثالثة. قال الدكتور بقاط في تصريح ل"الخبر"، أمس، إن ما يقلق اللجنة العلمية لمتابعة ورصد فيروس كورونا هو انتشار السلالة البريطانية المتحوّرة في شهر رمضان، المعروف بقوة الاحتكاك بين المواطنين في الأسواق والمساحات التجارية الكبرى، بالإضافة إلى مراكز البريد والبنوك، وما يقابله من استهتار بالتدابير الوقائية التي تحد من انتشار هذا الوباء القاتل، موضحا "تخلى المواطنون عن إجراءات الوقاية، وفي مقدمتها ارتداء الكمامات، معتقدين أن كورونا وراءنا بعد تراجع عدد الحالات، لكن الحقيقة أن الفيروس لا يزال يعيش بيننا، والحذر أصبح أكثر من مطلوب في ظل انتشار سلالة كورونا المتحورة خاصة البريطانية المعروفة بسرعة انتشارها وخطورتها مقارنة بكورونا الكلاسكية". وأبرز بركاني قائلا: "العودة إلى تشديد إجراءات الجائحة أمر وارد في ثاني رمضان منذ الجائحة لما له من خصوصية لدى الجزائريين، بحكم تنقلاتهم الكثيرة والسهرات الرمضانية، لاسيما تمديد الحجر الجزئي المنزلي في ولايات أخرى، وتشديد حظر التجول الليلي بفرضه بعد الإفطار مباشرة"، مشيرا إلى أن إجراءات الجائحة تكون على مستوى محلي وفي المناطق والبلديات التي تعرف ارتفاعا في عدد الإصابات بالفيروس. وبخصوص حملة التطعيم وتأخر وصول اللقاح، كشف المتحدث أن الجزائر ستستفيد من جرعات أخرى للقاح كورونا قريبا، في انتظار انطلاق تصنيع لقاح "سبوتنيك" الروسي سبتمبر المقبل، ليكشف في السياق أن عدد الأشخاص الملقحين باللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، بلغ 300 ألف شخص، 200 ألف منهم لقحوا باللقاح "سينوفارم" الصيني، والبقية ب"سبوتنيك". وقد استفادت الجزائر منذ 10 أيام حسب بقاط من 328 ألف جرعة من لقاح "أكسفورد أسترازينيكا"، بغض النظر عن التحفظات العالمية على هذا اللقاح، بسبب تقارير عن اضطرابات تتعلق بتجلط الدم، موضحا بهذا الشأن "هي حرب بين المخابر المصنّعة للقاح كورونا وفعالية لقاح أسترازينيكا أهم من "كوفيد 19"، بدليل أنه يشكل النوع الأكثر استخداماً في العالم، وحتى الآن بريطانيا لقحت به 25 مليون نسمة". ودعا الدكتور بقاط المواطنين لتحمل المسؤولية، مؤكدا على أن "أي ممارسات غير عقلانية تعد صارخ للجهود التي تبذلها الدولة في حماية صحة المواطنين من هذا الوباء، وسيعيد البلاد لنقطة بداية الجائحة ويساهم في انتشار موجة ثالثة عنوانها سلالة كورونا المتحورة، مشددا على التقيّد الصارم بالإجراءات الوقائية وعدم التراخي".
عدد الإصابات بكورونا قفز من 8 إلى 26 حالة بمستشفى الرويبة
من جانبه، أرجع البروفيسور كمال جنوحات، المختص في علم المناعة ورئيس المخبر المركزي لمستشفى الرويبة في العاصمة، ارتفاع منحى عدد الإصابات بكورونا إلى لامبالاة الموطنين بالدرجة الأولى وعدم التزامهم بأدنى إجراءات الوقاية وارتداء الكمامة في الأماكن المغلقة، مستدلا بعدد الحالات المسجلة بمستشفى الرويبة بالعاصمة، حيث قفز من 8 إلى 26 حالة في ظرف 8 أيام فقط. ويضاف لهذا السبب، حسب البروفيسور جنوحات، أن المناعة المكتسبة ضد سلالة كورونا الكلاسيكية ليست فعالة مع سلالة كورونا المتحورة، سواء البريطانية أو النيجيرية، اللتين تعرفان انتشارا في الجزائر، حيث سجل مستشفى الرويبة حالتين مشتبه إصابتهما بفيروس كورونا المتحورة، تخضع حاليا للتحليل والبحث من قبل المختصين بمعهد باستور. وتوقّف الأخصائي في علم المناعة عند تأخر وصول اللقاح قائلا "التأخر في استلام اللقاح أكثر، ما يهدد مستقبل جائحة كورونا بالجزائر، وظهور موجة ثالثة وارد وقد تكون أكثر فتكا من التي سبقتها في ظل كورونا المتحورة".