أكّد إمام وخطيب مسجد عمر بن الخطاب في أَدَلَيْد وعضو الهيئة الشّرعية ورئيس لجنة الدعوة والحلال في الاتحاد الأسترالي للمجالس الإسلامية، الشّيخ رياض الرفاعي، في حوار خص به "الخبر"، أن الأستراليين شعروا بحزن كبير إزاء الجريمة البشعة الحاقدة الّتي ارتكبها متطرف يميني أسترالي ضدّ مسلمي نيوزيلندا في مسجدي كرايس تشيرش، مشيرا إلى أن "الجميع في أستراليا بكلّ دياناتهم وأصنافهم وقفوا صفّا واحدا في وجه الحقد والجريمة والإعاقة والتشوّه الفكري والحضاري". وأضاف: "هكذا نجتمع ضد الجريمة والحقد، فبالمحبّة سنواجه، بالوحدة سنتحدى وبالسّلام سوف نهزم كل مُعتدٍ". كيف تصفون أجواء شهر رمضان المعظّم في أستراليا؟ لشهر رمضان المبارك أجواؤه الخاصة ليس في أستراليا فحسب بل في كلّ بقاع الدّنيا، يزورها هذا الشّهر المبارك فتهلّ بركاته وتحلّ نفحاته ويعمّنا الله فيه بالخيرات لنحظى بما وعد به عباده المتّقين. كيف ترون تفاعل المجتمع الأسترالي مع المسلمين في هذا الشهر الكريم؟ لقد كان لرمضان هذا العام في أستراليا نكهته الخاصة، فلقد شاهدنا شوق المؤمنين وتسابقهم لفعل الطّاعات والمبادرة في الخيرات. ولعلّ ذلك بسبب ما عانوه في العام الماضي من حرمان بسبب الوباء الّذي طال العباد والبلاد. ففي السنة الماضية حُرِم النّاس من الجمعة والجماعة والتّراويح وبهجة رمضان والعيد، وكنت ترى الحسرة والحزن باد في حديث الكثير الّذين كنّا نتّصل بهم أو يتّصلوا بنا من وقت لآخر، ولكن عندما دخل رمضان هذا العام وأعلنا عن دخول الشّهر ونحن بين جمع المسلمين في المسجد رأينا الفرح والبهجة والسّرور قد عمّ وساد في الأجواء، لحظة لم نكن نتوقّعها وكنّا نخاف أن تكون حلمًا أو خيالاً، ولكن الحمد لله كانت حقيقة وواقعًا ونعمة عظيمة، نسأل الله العفو والمعافاة والسّلامة من كلّ ما يؤرّق العباد ويقلقهم. ما مدى تأثر مسلمي أستراليا بإجراءات غلق المساجد والمراكز الإسلامية؟ تأثّر المسلمون كثيرًا عند قرار الحكومة بغلق المساجد، لكنّهم تقبّلوا القرار لأنّ في ذلك محافظة على السّلامة ومصلحة العباد والبلاد، وأنشأنا أنشطة تواصل مع النّاس في رمضان عبر الفيسبوك عبر برنامج "رمضان تي في" حيث كنّا نُطلّ من خلاله على النّاس بمواضيع مختلفة دينية واجتماعية وطبية وترفيهية وبرامج كثيرة أخرى الّتي من شأنها أن لا تقطع علاقتنا مع النّاس، وقد لاقت إعجابًا ورواجًا لدى مجتمعنا المسلم في أدليد ولاية جنوبأستراليا وسائر الولايات الأسترالية. وكنّا أيضًا نستقبل اتصالات النّاس عبر الهاتف وعبر الواتس آب، حيث أنشأنا أيضًا شبكة واتس آب لنتمكّن من التّواصل مع أكبر عدد ممكن من أبناء مجتمعنا. ما التحديات التي تواجه العمل الإسلامي ومؤسساته في أستراليا؟ إنّ للعمل الإسلامي تحدياته الّتي لا تخفى على أحد، وأهمّها تلك الفُرقة الّتي تعيشها مجتمعاتنا بشكل أو بآخر، وهذا يعود في بعض الأحيان لوجود الكثير من العرقيات المختلفة المهاجرة إلى أستراليا والّتي لها طريقة عيشها وتفكيرها وعملها وربّما لا تتوافق مع طباع الآخرين، وكان بإمكاننا أن نحوّل عامل التنوُّع هذا إلى عامل غِنًى وإثراء نستفيد من خلاله من التنوّع والمزيج الفكري الّذي نسعى ليكون عامل بناء لا عامل هدم يعيق حركة تقدّم المسلمين وبناء مجد تليد في بلد ديمقراطي وفيه من العدالة ما يُعطيهم مساحة كبيرة من الحرية والإمكانيات وقدرة على العمل الجاد والفعّال. وممّا تفتقده المجتمعات المسلمة في أستراليا القيادة الواحدة الواعية القادرة على أن تجمع ولا تفرّق وكذلك الإمكانيات المادية واجتماع الطاقات لتصبّ ليس في مصلحة وخدمة المجتمعات المسلمة بل سيطال ذلك كلّ أستراليا وأنا أعني ما أقول. ما مدى تأثير أحداث مجزرة كرايس تشيرش على وضع المسلمين في أستراليا؟ كان لأحداث كرايس تشيرش بالغ الأثر في نفوسنا على الضحايا الّتي أريقت دماؤهم دون أيّ ذنب إلّا أنّهم قالوا ربُّنا الله، رحم الله الشّهداء وشفى الله الجرحى وبلسم الله جراح المتألّمين من أهالي الضحايا. لقد شعر أهل أستراليا ببالغ الحزن والأسى على هذه الجريمة البشعة الحاقدة الّتي أقلقت الجميع في أستراليا، ولكنّها جمعت الأستراليين جميعًا بكلّ دياناتهم وأصنافهم ليقفوا صفًّا واحدًا في وجه الحقد في وجه الجريمة في وجه الإعاقة والتشوّه الفكري والحضاري، فما كنت ترى ساحة من ساحات أستراليا ولا مسجدًا من مساجدها إلّا وأمَّه أهلنا الأستراليون حاملين زهورهم ودموعهم على الوجنات يعتذرون لنا عمّا فعل ذاك السّفيه المجرم. هكذا نجتمع ضدّ الجريمة والحقد، فبالمحبّة سنواجه، بالوحدة سنتحدى، بالسّلام سوف نهزم كلّ مُعتدٍ.