يفرض إعلان وزير الشباب والرياضة بأن المنتخب الوطني الأول لكرة القدم سيجري مقابلتيه الوديتين شهر نوفمبر المقبل بملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة، نقطة نظام، لقطع الشك باليقين حيال موقف "الكاف" الحقيقي من غلق ملاعب "الشان" من عدمه في وجه الأندية الجزائرية والمنتخبات الوطنية، دون استثناء. بالعودة إلى تاريخ 13 أكتوبر 2022، نجد بأن بيان الاتحادية الجزائرية لكرة القدم واضح و"لا غبار عليه"، على حد تعبير الحكم الدولي الأسبق محمد زكريني في تعليقه على الحالات التحكيمية، كون هيئة الرئيس جهيد زفيزف، وهي تُعلن، متأخرة ومتأسفة أيضا، نقل مباراة شبيبة الساورة في كأس "الكاف" من ملعب ميلود هدفي بوهران إلى ملعب 8 ماي 1945 بسطيف، استدلت في فحوى ما ذكرته في بيانها بمراسلة الهيئة الكروية القارية التي تكون، حسب "الفاف" دائما، قد أشعرتها وأشعرت لجنة تنظيم البطولة "بوجوب عدم إقامة أية مباراة في كل الملاعب التي ستحتضن مباريات بطولة أمم إفريقيا للاّعبين المحليين، وتحديدا ملعب ميلود هدفي بوهران".
بيان ب"الغلق" وتصريح ب"الفتح"
ورغم أن نافذة "الفيفا" الأخيرة شهدت "استغلال" ملعبي "الشان"، وهما الشهيد حملاوي بقسنطينة وميلود هدفي بوهران بنفس "الكثافة" تقريبا، إلا أن بيان "الأسف" للاتحادية في 13 أكتوبر 2022، ركّز أكثر على ملعب وهران الجديد مقارنة بالملاعب الثلاثة الأخرى المعنية باحتضان العرس الكروي القاري، بل إن "الفاف" وهي تقدّم تبريراتها لشبيبة الساورة، ألقت بالمسؤولية على لجنة التفتيش والمراقبة ل"الكاف" التي تكون، حسبما ذكرته "الفاف" في بيانها السابق، قد أبدت مخاوف حول إمكانية تدهور أرضية ملعب وهران، بفعل كثافة البرمجة خلال نافذة "الفيفا"، بما يفسّر "المسارعة" لغلق ملعب ميلود هدفي في وجه ناد جزائري قبل 48 ساعة عن مباراة قارية للأندية كان يعتزم فيها انتزاع تأشيرة التأهل وتشريف الألوان الوطنية. وما "خفي" عن الاتحادية، وهي تركّز في بيان 13 أكتوبر 2022 عن ملعب وهران، وتشمل، في معرض ما جاء فيه، كل ملاعب "الشان" للقول إنها "مغلقة" ويجب عدم إقامة عليها أية مباراة، لا رسمية ولا ودية، إلى غاية انتهاء البطولة الإفريقية، بأن ملعب الشهيد حملاوي شهد في نفس نفاذة "الفيفا" الأخيرة"، إقامة مباراة للمنتخب المحلي، وهو ملعب سيفتح أبوابه للمنتخب الأول لإقامة ليس مقابلة واحدة شهر نوفمبر المقبل، بل مقابلتين اثنتين، بما يقترب من عدد المباريات التي أقيمت على ملعب وهران، الشهر الماضي، في إطار "وديات" المنتخبين الأول والمحلي. وحين تنشر "الفاف" بيانا رسميا وتنسب فحواه إلى "الكاف" لتبرر "الغلق المفاجئ" لأفضل الملاعب الجزائرية أمام الأندية والمنتخبات الوطنية، فإنها كانت تقصد، حتما، بأن قرار منع إقامة مباريات على ملاعب "الشان" يشمل أيضا المنتخب الأول، كون البيان الذي "منع" نادي شبيبة الساورة، في آخر لحظة، من استقبال منافسه الإيفواري (نادي سبورتينغ غاغنوا) بوهران واضطر إلى لعب المباراة بسطيف، لم يحمل أية استثناءات، بما يجعل اليوم التساؤل مشروعا بشأن عدم نشر "الفاف" بيانا جديدا تشرح فيه أسباب "التراجع الجزئي" عن "قرار الغلق" الذي تم الكشف عنه بتاريخ 13 أكتوبر 2022، على اعتبار أن وزير الشباب والرياضة، عبد الرزاق سبقاق، أعلن قبل يومين من تمنراست عن إقامة المنتخب الأول مقابلتيه الوديتين شهر نوفمبر المقبل بملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة، رغم أنه ملعب "معني" باحتضان مباريات "الشان". واللافت للانتباه في تصريح الوزير سبقاق بخصوص "فتح" ملعب حملاوي أمام المنتخب الأول، عدم إشارته، ولو ضمنيا، إلى تراجع "الكاف" عن قرار غلق ملاعب "الشان" أو حصول "الفاف" عن ترخيص استثنائي لذلك، كون الوزير، وهو يُسوّق لذلك، جعل الاعتقاد يسود بأنه كان أمام المنتخب الوطني عدة خيارات لاستغلال أي ملعب حتى ملاعب "الشان"، وبأن خيار ملعب حملاوي بقسنطينة أملاه الرغبة في تمكين جماهير الشرق من متابعة منتخبهم بالملعب مثل جماهير الوسط والغرب، حتى أن سبقاق قال بالحرف الواحد "..ولأن المنتخب الوطني هذا مِلك لكل الجزائريين، وباقتراح من الناخب الوطني، سيتم تنظيم المقابلة في مدينة قسنطينة في الشرق الجزائري.. نظمنا مقابلات في الغرب ونظمنا مقابلات... (الوسط).. وإن شاء الله سيكون هناك عرس جماهيري كما عوّدنا الفريق الوطني..". ما جاء في مضمون تصريح الوزير بخصوص خيار منتخب بلماضي ملعب قسنطينة، يعطي الانطباع بأنه ليس هناك من جانب "الكاف" ما يمنع من استغلال ملاعب "الشان"، بدليل عدم وجود أي بيان من "الفاف" مماثل لبيان "إعلان الغلق" بتاريخ 13 أكتوبر 2022، لتفسير كلام سبقاق، بما يعيد التساؤل من جديد، ليس بشأن حرمان شبيبة الساورة من ملعب وهران في آخر لحظة ورهن حظوظها للتأهل في كأس "الكاف"، إنما أيضا لأسباب إرغام المنتخب الوطني للمحليين على إقامة معسكره التحضيري، ما بين 26 أكتوبر و3 نوفمبر 2022، ومقابلتيه التحضيريتين أمام منتخبي مالي والنيجر بمدينة طبرقة التونسية وليس بالجزائر، وتحديدا بأحد ملاعب "الشان".
وعلى خلاف "الخط الأحمر" الموضوع تحت المنتخب الأول، وبالبنط العريض، والاعتراف بحقيقة أن المنتخب الوطني هو مِلك لكل الجزائريين لتبرير أو تفسير "الاستثناء" في استغلال ملعب "الشان" بقسنطينة، فإن نفس اللون الأحمر لم يظهر له أثر، ليس على نادي شبيبة الساورة ممثل الكرة الجزائرية فحسب، إنما أيضا على منتخب جزائري آخر يختلف عن المنتخب الذي سيستغل ملعب حملاوي بقسنطينة في "اسم المدرب" وفي سُلّم ترتيبه أو ربما في تسميته (واحد منتخب أول وآخر منتخب محلي)، كون منتخب مجيد بوقرة، صاحب لقب بطولة العرب للأمم في آخر وأفضل نسخة (2021)، لم يكن ليحظى بنفس الامتياز والاهتمام "الرسمي"، ليجد نفسه، وهو يستعد لتمثيل الجزائر في بطولة إفريقية رسمية مقررة أصلا بالجزائر، يُحضّر لها خارج الجزائر ودون جمهور، مرة أخرى، على خلاف منتخب بلماضي بطل أمم إفريقيا في النسخة ما قبل الماضية 2019 الذي يستغل مرافق الجزائر "الرسمية لبطولة الشان"، حصريا، حتى في المباريات الودية التحضيرية.
درس الجغرافيا في المسافة بين القالة وطبرقة
وجب التوقف أيضا عند بيان "الفاف" بتاريخ 16 أكتوبر 2022 الذي يحمل "تبريرا" مؤسفا يحمل حرجا، على ما بدا، للاتحادية، بشأن نقل منتخب جزائري خارج الجزائر للتحضير لمسابقة مقررة داخل الجزائر، حيث جاء في نص البيان "..المنتخب الوطني المحلي سيدخل في معسكر تحضيري من 26 أكتوبر إلى 3 نوفمبر 2022 بتونس.."، لتضيف الاتحادية في بيانها، وهي تسعى لاحتواء الفضيحة، عبارة "وتحديدا بمدينة طبرقة الحدودية التي تبعُد ببضعة كيلومترات عن القالة.."، وكأنّ "الفاف" بصدد تقديم درس في الجغرافيا. الفقرة الأخيرة من البيان هو الذي يكشف درجة الحرج لدى مسؤولي "الفاف"، كون هذا التدقيق في وصف مكان تواجد مدينة طبرقة التونسية والتركيز على المسافة التي تربطها بمدينة القالة الجزائرية، يعطي الانطباع بأن من صاغ البيان اقترب من القول للجزائريين بأن المعسكر التحضيري سيجري "تقريبا" في الجزائر، خاصة وأن التدقيق لم يكن له جدوى أو محلا من الإعراب، طالما أن كل الجزائريين الذين يقضي العديد منهم عطلتهم الصيفية بتونس، يعرفون طبرقة ويُدركون المسافة بينها وبين القالة، كون طبرقة هي أهم معبر حدودي للسياح الجزائريين في رحلتهم إلى تونس. وجب على الاتحادية، اليوم، تقديم توضيحات حول ما يبدو بأنه كيل بمكيالين بين مَن يمثلون الجزائر كرويا، سواء على مستوى الأندية والمنتخب، وعليها "قسرا" قطع الشك باليقين بشأن "معايير" الخطوط الحمراء التي توضع تحت "معشوق جماهير" بالتحديد دون بقية الأندية التي تحظى بنفس العِشق الجماهيري، بل وتعتبر، بدورها، مِلكا للشعب "العاشق" الذي لا يبدو بأنه يختار مواضع "الخط الأحمر" بين الأندية الجزائرية والمنتخبات الوطنية.