بعد سنوات من "تغوَل" بعض أصحاب المال الفاسد الذين لا يترددون في المتاجرة بقوت الجزائريين كلما أتيحت لهم الفرصة، أعلنت السلطات العمومية حربا قانونية ضدهم تمثلت في إصدار قانون جديد، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، أطلق عليه بقانون محاربة المضاربة غير المشروعة والذي بدأ تطبيقه رسميا خلال سنة 2022، بتسليط أشد وأقصى العقوبات على المتورطين في هذه الجرائم تصل حتى السجن المؤبد. لم يتعاف الجزائريون من تداعيات أزمة انتشار وباء كورونا وما ترتب عنها من ندرة بعض السلع والمواد الأساسية والأدوية المستعملة في مكافحة كوفيد-19 حتى وجدوا أنفسهم في مواجهة تقلبات جديدة من ندرة في زيت المائدة وغياب مادة السميد ثم أزمة أكياس الحليب المدعم وبعض المواد الاساسية الاخرى...وجميعها لم تكن بسبب إجراءات الحجر المنزلي وغلق الحدود الدولية وإنما كانت مجرد أزمات "مفتعلة" تقف خلفها عصابات إجرامية صارت تترصد لاغتنام الفرص واستغلال الازمات لممارسة المضاربة غير المشروعة لتوفير أموال على حساب بطون الجزائريين. وتحركت آلة المشرع الجزائري لردع المضاربين مباشرة بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مساء العاشر أكتوبر من عام 2021، حيث وصف خلال لقائه الدوري مع الصحافة المحلية، المضاربين ب "الطفيليين"... "الذين توظفهم عصابات تعمل على خلق البلبلة، و هي عصابات لها خلفية سياسية، سيتم مواجهتها بتجريم هذا الفعل، بعقوبة لن تقل عن السجن لفترة تقدر ب 30 سنة، و هي العقوبة التي يمكن أن تصل حد المؤبد و حتى الحكم بالإعدام". وخلال اجتماع مجلس الوزراء الذي تلى تلك الندوة الصحفية، عرض وزير العدل حافظ الأختام مشروع القانون ليتم المصادقة عليه، ومع بداية السنة الجديدة صدر مرسوم رئاسي في الجريدة الرسمية في عددها رقم 99 ، وضع فيها المشرع الجزائري النقاط على الحروف وحدد الأفعال التي تعتبر ضمن المضاربة غير المشروعة. وبعد أن صار القانون جاهزا بدأت فرق الرقابة وقمع الغش التابعة لمصالح وزارة التجارة بالتنسيق مع مختلف الاجهزة الامنية في التكثيف من الخرجات الميدانية وتنظيم المداهمات لتشديد الرقابة على غرف التبريد وتفريغ المنتجات المخزنة في حال اكتشافها أو اشتبه في كونها محل مضاربة. وخص قانون محاربة المضاربة غير المشروعة عدة أفعال في مقدمتها ترويج أخبار أو أنباء كاذبة أو مغرضة عمدا بين الجمهور بغرض إحداث اضطراب في السوق ورفع الأسعار بطريقة مباغتة وغير مبررة. كما يعد كل من يطرح عروض في السوق بغرض إحداث اضطراب في الأسعار أو هوامش الربح المحددة قانونا، وكل من يقدم عروض بأسعار مرتفعة عن تلك التي كان يطبقها البائعون عادة، مضاربا غير شرعيا. وتحدث القانون على كل من يقوم بصفة فردية أو جماعية أو بناءا على اتفاقات، بعملية في السوق بغرض الحصول على ربح غير ناتج عن التطبيق الطبيعي للعرض والطلب. استعمال المناورات التي تهدف إلى رفع أو خفض قيمة الأوراق المالية. ووفق ذات القانون رقم 21-15 المؤرخ في 23 جمادى الأولى عام 1443 قانون الموافق 28 ديسمبر سنة 2021، تصل العقوبات إلى المؤبد ضد المضاربين في السلع أوالمتورطين بتخزين أو إخفاء مواد من أجل إحداث ندرة في السوق الوطنية واضطراب في التموين. وتطرق القانون إلى الدور الذي تلعبه الجماعات المحلية في مكافحة المضاربة غير المشروعة من خلال تخصيص نقاط لبيع المواد الضرورية أو المواد ذات الاستهلاك الواسع، بأسعار تتناسب مع أصحاب الدخل الضعيف، خاصة في الأعياد والمواسم والحالات الاستثنائية التي تعرف عادة ارتفاعا في الأسعار، وهو ما تم تجسيده من خلال تنظيم أسواق الرحمة للأدوات المدرسية مع الدخول الاجتماعي الأخير. كما تعمل الجماعات المحلية على الرصد المبكر لكل أشكال الندرة في السلع والبضائع على المستوى المحلي، لا سيما منها المواد الضرورية أو المواد ذات الاستهلاك الواسع، مع ضرورة دراسة وتحليل وضعية السوق المحلية وتحليل الأسعار. وتوقف القانون عند نقطة مساهمة المجتمع المدني ووسائل الإعلام في ترقية الثقافة الاستهلاكية وتنشيط عملية ترشيد التوعية بهدف عقلنة الاستهلاك وعدم الإخلال بقاعدة العرض والطلب، لاسيما في الأعياد والمواسم والحالات الاستثنائية وتلك الناجمة عن أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثة.
أرقام عن المضاربة خلال عام 2022 :
86 ألف تدخل في إطار مكافحة المضاربة غير المشروعة. 179 جنحة تتعلق بالمضاربة. 156 محضر متابعة قضائية تم تحريره من طرف فرق أعوان الرقابة. 4962 طن من السلع تم حجزها. 386 ألف لتر من مادة زيت المائدة المدعم تم حجزه بقيمة مالية بلغت 320 مليون دج. 557 ألف تدخل لأعوان الرقابة في إطار محاربة تطبيق الأسعار غير الشرعية للسلع المدعمة. 196 ألف تدخل خاص بمادتي الزيت والسكر. 9.3 مليار دينارا مبلغ السلع من دون فواتير. 133 اقتراح للغلق الإداري لمحلات تجارية. 897 طن من الموز تم حجزه.