تضمن المشروع التمهيدي لقانون البلدية الذي سيعرض على البرلمان خلال الدورة الحالية أحكاما وتدابير جديدة يعول عليها لتحسين تسيير البلدية. وقد أفضت المشاورات التي قامت بها وزارة الداخلية مع مختلف القطاعات المعنية والهيئات الاستشارية والمنتخبين باقتراح آلية قانونية جديدة لإثراء القانون ساري المفعول رقم 11-10، الذي أظهر محدوديته. تدابير جديدة لإعلان رئيس البلدية
أهم ما ورد في النص الجديد أن رئاسة المجلس الشعبي البلدي لا تتحقق إلا لمن تحصل على أغلبية أصوات الناخبين من ضمن القائمة التي تحصلت على أكبر عدد من المقاعد. في حالة تساوي الأصوات، يعلن رئيسا للمجلس المرشح الأكبر سنا. أما في حالة تساوي عدد المقاعد بين قائمتين أو أكثر، يعلن رئيسا المرشح المتحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين ويعلن رئيسا للمجلس المرشح الأكبر سنا في حال تساوي الأصوات. وإذا ما استقال أو توفي المنتخب قبل تنصيبه رئيسا، يتم تنصيب مستخلف له حسب نفس الأشكال والشروط للمنتخب الذي يليه في عدد الأصوات. ويلزم التشريع المنتظر رئيس البلدية ونوابه بأداء اليمين في جلسة علنية وتم إقرار صيغة القسم في محتوى مشروع قانون البلدية بهدف "غرس روح المسؤولية من خلال الوازع الديني والتذكير بضرورة الحفاظ على الأمانة الملقاة عليهم". وأدرجت في هذا الشأن مادة منفصلة تتضمن وجوب تفرغ رئيس المجلس الشعبي البلدي بصفة حصرية وتامة لممارسة عهدته الانتخابية، حيث يوجب القانون أيضا أن تتنافى رئاسة المجلس البلدي مع أي وظيفة أخرى تمثيلية وطنية أو دولية.
الشرطة البلدية تحت سلطة "المير"
يتوفر رئيس البلدية وفقا لما جاء في النص على سلك الشرطة البلدية لتنفيذ صلاحيته في مجال الضبط الإداري. وتقترح الوثيقة الجديدة تقليص عدد نواب رئيس المجلس الشعبي البلدي إلى نائبين اثنين على الأقل إلى أربعة نواب على الأكثر حسب الكثافة السكانية للبلدية بدلا من ستة نواب "بغية إعطاء أكثر هيبة واعتبار لمكانة نائب رئيس البلدية وعدم تمييع المسؤوليات على عدة فاعلين وكذا ترشيد النفقات العمومية". وتضمن القانون أيضا توسيع حالات حل المجالس المحلية، الحل الجزئي والكلي وحل بعض المجالس المنتخبة، مع إمكانية حل المجالس المنتخبة بناء على تقرير من الوزير المكلف بالجماعات المحلية بمرسوم رئاسي. ففيما يتعلق بحل وتجديد المجلس البلدي فإن ذلك يتم بعد ثبوت خرق أحكام الدستور، إلغاء انتخاب كل أعضاء المجلس، استقالة الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، الإبقاء على المجلس الذي يكون مصدرا للاختلالات الخطرة التي تهدد السير العادي للمجلس أو في حالة انسداد شديد يعيق سير المجلس ومكتبه التنفيذي، إضافة إلى اندماج البلديات أو ضمها أو تجزئتها وكذا أثناء حدوث ظروف استثنائية تحول دون تنصيب المجلس إلى جانب تسجيل عرقلة سير المجلس ومكتبه التنفيذي وبعد إعذار يوجهه الوالي للمجلس دون الاستجابة له وأيضا في حالات رفض المجلس أداء المهام المخول له. ولم يتم حل المجلس إلا حينما يرفع الوالي المختص إقليميا قرارا معللا عن الحالة المعنية إلى وزير الداخلية، كما لا يتم قبول ترشح أعضاء المجلس المحل بمناسبة انتخابات إعادة تجديده.
لا حل ولا تجديد للمجلس البلدي إلا بمرسوم رئاسي
تشترط أحكام المشروع أن يتم حل المجلس وتجديده بموجب مرسوم رئاسي بناء على تقرير وزير الداخلية. وفي هذا الشأن يعين الوالي، في حال حل المجلس، خلال عشرة أيام التي تلي حل المجلس الشعبي البلدي مندوبية تسيير انتقالية تتكون من الأمين العام للبلدية رئيسا، ومن اثنين إلى ستة مساعدين إلى حين تنصيب مجلس جديد. في حال غياب الأمين العام للبلدية، يمكن للوالي تعيين موظف مؤهل خلال فترة التسيير التي تضمنها مندوبية التسيير الانتقالية ويتولى الرئيس نفس مهام المجلس وكذا رئيسه. وتخضع قرارات مندوبية التسيير المؤقتة وكذا رئيسها لأشكال الرقابة نفسها المطبقة على المجلس ورئيسه والمنصوص عليها في هذا القانون. كما لا يمكن لمندوبية التسيير الانتقالية صرف أموال من الميزانية خارج الموارد المتاحة في السنة المالية الجارية دون رخصة من الوالي، كما لا يمكنها إجراء أي تصرف أو نقل ملكية عقارية للبلدية. ومن أجل تجديد المجلس المحل، تجري انتخابات في أجل أقصاه ستة أشهر ابتداء من تاريخ الحل وطبقا للقانون المتضمن نظام الانتخابات. وبذلك لا يمكن إجراؤها خلال السنة الأخيرة من العهدة الانتخابية الجارية. أما في حالة ظروف استثنائية تعيق إجراء الانتخابات على مستوى البلدية وبعد إعلامه من السلطة الوطنية المكلفة بالانتخابات، يعد وزير الداخلية تقريرا يعرضه على مجلس الوزراء ويعين الوالي متصرفا لتسيير شؤون البلدية. يمارس المتصرف تحت سلطة الوالي السلطات المخولة للمجلس ورئيسه بموجب التشريع والتنظيم ساري المفعول. بالنسبة للبلدية التي لم تجر فيها انتخابات لظروف استثنائية يعين الوالي متصرفا لتسيير شؤونها من بين الموظفين أو الأعوان العموميين أو من شخصيات المجتمع المدني ذوي الخبرة والكفاءة في تسيير الشؤون العمومية المحلية. وفي جانب المسؤليات فإن البلدية بموجب المشروع مسؤولة قانونا عن الأخطاء التي يرتكبها رئيسها ومنتخبو والبلدية ومستخدموها أثناء ممارسة مهامهم أو بمناسبتها، وكل قرار صادر عن رئيس البلدية لا يأخذ بالحسبان آراء المصالح التقنية المؤهلة ويلحق أضرارا مادية أو مالية بالمواطن والبلدية أو الدولة يعرض مرتكبه للعقوبات المنصوص عليها في التشريع ساري المفعول.
إلزامية رقمنة أرشيف ووثائق البلدية
يوجب القانون على البلدية اتخاذ التدابير الضرورية لرقمنة أرشيفها وتأمين موروثها الأرشيفي وتثمينه. ويحدد المشروع التمهيدي قواعد لتسيير الأرشيف ويشير إلى أن وثائق الحالة المدنية التي تجاوزت القرن ومخططات وسجلات مسح الأراضي التي لم تعد مستعملة منذ ثلاثين (30) سنة على الأقل وكل الوثائق الأخرى المحفوظة في أرشيف البلديات إجباريا محل تدابير استثنائية لحفظها والمحافظة عليها من طرف البلدية. ويلزم النص أيضا "المير" باتخاذ كل تدبير يراه مفيدا لحفظ الوثائق التي تكتسي أهمية خاصة، لاسيما سجلات الحالة المدنية ومخططات وسجلات مسح الأراضي والوثائق المالية والمحاسبية وكل الوثائق التي تكتسي قيمة تاريخية. وفي حال تخلف "المير" عن القيام بذلك، يقوم الوالي بإعذاره من أجل اتخاذ التدابير الضرورية بهدف حماية أرشيفها.
ترقية الاستثمار وتهيئة مناطق النشاط
ومما جاء في الوثيقة الأولية للقانون اتخاذ البلدية كافة التدابير قصد ترقية الاستثمار الاقتصادي المحلي والمقاولاتية، وهي مطالبة بتسهيل ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين للاستقرار على إقليمها. ومن أجل ذلك تلزم البلدية بالسعي إلى تهيئة مناطق النشاطات المصغرة الموجهة لاستقبال مشاريع الاستثمارات التي تبادر بها المؤسسات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
فتح المجال للبلدية المبادرة بالاستثمار
ويتيح المشروع للبلدية أن تبادر بمشاريع استثمارات منتجة للمداخيل. كما يمكنها، حسبما ورد في الوثيقة التي تحوز عليها "الخبر"، أن تبادر وتعمل على إنشاء وترقية مؤسسات صغيرة ومتوسطة ومؤسسات ناشئة في إطار الشراكة مع القطاع العام أو الخاص لإنجاز واستغلال مشاريع منتجة للمداخيل، على أن تضمن البلدية تمويل كل مشروع استثمار منتج قبل انطلاقه. ويكون تمويل هذه المشاريع، حسب ذات المصدر، عبر ميزانية البلدية عن طريق القروض أو عن طريق التعاقد أو عن طريق اتفاقيات الشراكة مع القطاع العام أو الخاص. ويوجب القانون أيضا أن تضمن البلدية قدرات تسديد القرض، عندما يكون مشروع الاستثمار المنتج ممولا عن طريق قرض. يمكن للبلدية اللجوء إلى الاقتراض من مؤسسة بنكية أو مالية لإنجاز استثمارات منتجة للمداخيل، على أساس مخطط تمويل وتسديد المصادق عليه بموجب مداولة للمجلس وموافقة الوالي المختص إقليميا. وفي هذا الباب، تخضع مداولة المجلس المتعلقة بإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة أو إنجاز وتمويل مشاريع الاستثمارات المنتجة لرقابة المطابقة المسبقة وكذا المصادقة بقرار من الوالي. ويمنح قانون البلدية للمجلس المنتخب مزاولة ترقية برامج السكن وتهيئة الظروف التي تسمح بالترقية العقارية وتثمين الإطار المبني. يمكن للبلدية اتخاذ أي مبادرة لإنجاز برامج السكن والمساهمة في برامج القضاء على السكن الهش والمبادرة بكل نشاط لإعادة الهيكلة الحضرية وإعادة تأهيل المباني أو الأحياء في إطار متطلبات وتوجيهات أدوات التعمير والاستعانة بالممتلكات العقارية التابعة للأملاك الخاصة للدولة المتواجدة بإقليم هذه البلدية.
إنشاء مؤسسات عمومية بلدية
ويمكن للبلدية في هذا الإطار أن تنشئ مؤسسات عمومية محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي قصد تسيير مصالحها العمومية. تأخذ شكل مؤسسة عمومية ذات طابع إداري أو ذات طابع صناعي أو تجاري. ويتيح المشروع أيضا للبلدية تحديد الأتاوى أو التعريفات الواجب دفعها من قبل المواطنين، مقابل الخدمات المقدمة في إطار تسيير أملاكها وسير بعض المرافق العمومية. ويخضع قبول الهبات والوصايا الواردة من الخارج من قبل البلدية، حسب الوثيقة، للموافقة المسبقة لوزير الداخلية بعد استشارة وزارة الخارجية. وفي مجال التسيير والرقابة تخضع البلدية للرقابة المالية القبلية لجميع نفقات مستخدمي قسم التسيير وكذا نفقات قسم التجهيز والاستثمار وأيضا للرقابة المالية اللاحقة على النفقات الأخرى لقسم التسيير.