في خطوة قاسية ضد الاحتلال الصهيوني، أعلنت دولتا كنداوالسويد، أمس السبت، استئنافهما تمويل وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بعد فترة من التجميد على خلفية ادعاءات الحكومة الصهيونية أن من بين موظفي الوكالة من شارك في هجوم "طوفان الأقصى" في السابع أكتوبر الماضي، دون تقديم أدلة. وأعلن وزير التنمية الدولية الكندي، أحمد حسين، في مؤتمر صحفي، "استئناف تمويل "الأونروا" بعد أكثر من شهر على تعليقه. وذكر أن هذا القرار اتخذ "بسبب الوضع الإنساني الكارثي على الأرض"، مشيرا إلى أن كندا "أول دولة في مجموعة السبع تستأنف التمويل". وقال الوزير الكندي: "راجعنا التقرير المؤقت للتحقيق الذي أجرته الأونروا وقد طمأننا محتواه". كذلك أعلن أن كندا تتشارك مع الأردن وبرنامج الأغذية العالمي لإيصال مساعدات إنسانية جوا إلى غزة التي بات سكانها مهددين بخطر المجاعة، مشيرا إلى أن كندا ستوفر 300 مظلة لإيصال أطعمة وسلع أساسية. من جهتها، أعلنت السويد أنها ستستأنف مساعدتها لوكالة الغوث بمبلغ أولي قدره 20 مليون دولار، بعدما حصلت على ضمانات بإجراء تحقيقات إضافية بشأن إنفاق الوكالة وطواقمها. وقالت الحكومة السويدية، في بيان، إنها "خصصت 400 مليون كرونة "للأونروا" لعام 2024"، مضيفة: "يتعلق قرار اليوم بدفعة أولى قدرها 200 مليون كرونة". وأشارت إلى أنه من أجل الإفراج عن حزمة المساعدات، وافقت "الأونروا" على "السماح بالضوابط وعمليات التدقيق المستقلة لتعزيز الإشراف الداخلي والضوابط الإضافية على الموظفين". وجاء الإعلان السويدي بعدما أعلنت المفوضية الأوروبية مطلع الشهر الجاري أنها ستصرف 50 مليون أورو لدعم "الأونروا" قبل الإفراج المحتمل عن 32 مليونا إضافية. وفي السابع والعشرين من شهر جانفي، أعلنت تسع دول، أغلبها غربية، تعليق تمويلها لوكالة الغوث، ردا على مزاعم صهيونية بحق 12 موظفا يعملون لدى "الأونروا"، رغم قيام الأخيرة بتوقيفهم مؤقتا عن العمل في انتظار استكمال التحقيق الذي خلص إلى أن اتهامات الكيان لا تعدو أن تكون مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كلف مجموعة مستقلة برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا بمهمة تقييم "الأونروا" و"حيادها" السياسي. ونقلت "رويترز" عن الوكالة قولها إن بعض موظفيها الذين أطلق الاحتلال الصهيوني سراحهم في غزة أفادوا بأنهم تعرضوا لضغوط من سلطات الاحتلال ليصرحوا باعترافات كاذبة. وأضافت "أونروا" أن تلك الاعترافات تتعلق بأن الوكالة لها صلات بحماس وأن موظفين تابعين لها شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر الماضي "طوفان الأقصى". ووردت هذه المعلومات في تقرير ل"الأونروا" بتاريخ فيفري الماضي، قالت "رويترز" إنها اطلعت عليه ويتضمن روايات لفلسطينيين بينهم موظفون ب"الأونروا" عن تعرضهم لمعاملة سيئة في السجون الصهيونية. وقالت مديرة الاتصالات في "أونروا"، جولييت توما، إن الوكالة تعتزم تسليم المعلومات الواردة في التقرير غير المنشور المؤلف من 11 صفحة إلى وكالات داخل وخارج الأممالمتحدة، متخصصة في توثيق الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان. وأضافت: "عندما تنتهي الحرب، يجب أن تكون هناك سلسلة من التحقيقات للنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان". وجاء في التقرير أن جيش الاحتلال الصهيوني اعتقل العديد من موظفي "الأونروا" الفلسطينيين وأن سوء المعاملة والانتهاكات التي قالوا إنهم تعرضوا لها شملت الضرب الجسدي المبرح والإيهام بالغرق والتهديدات بإيذاء أفراد الأسرة. كما ورد في التقرير أيضا "أن موظفي الوكالة تعرضوا للتهديدات والإكراه من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء احتجازهم، وتم الضغط عليهم للإدلاء بأقوال كاذبة ضد الوكالة". تأتي هذه المستجدات لتدحض ادعاءات الصهاينة وتفضح نوايا حكومة اليمين المتطرف التي تهدف إلى قطع كل قنوات الإغاثة لسكان غزة المحاصرين أصلا منذ 2007 والذين يتعرضون لإبادة جماعية ممنهجة أمام مرأى العالم. ولا شك أن كذب هذه الادعاءات الصهيونية بحق الوكالة سيدفع بقية الدول إلى رفع تجميدها عن تمويل "الأونروا" تدريجيا، كما سيدفع المجتمع الدولي إلى التشكيك في صحة كل التصريحات والاتهامات التي يدلي بها المسؤولون الصهاينة ويكيلونها للفلسطينيين، ما من شأنه أن يغير الموازين لصالح القضية الفلسطينية. وتوظف "الأونروا" 13 ألف شخص في غزة وتقدم المساعدة اليومية لأكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة. وزاد تجميد التمويل الذي قامت به الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى الضغط على الوكالة التي كانت تعاني بالفعل من ضغوط شديدة خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر. وتأسست "الأونروا" بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1949 وكُلّفت بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في 5 مناطق هي الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.