تأهّل المنتخب الغاني إلى الدور ثمن النهائي “زعيماً” لمجموعته الثانية، عقب فوزه السهل على نظيره النيجري بثلاثية نظيفة اليوم الإثنين في ختام منافسات الدور الأول من كأس أمم أفريقيا المقامة حالياً بجنوب أفريقيا وتتواصل حتى العاشر من شباط/فبراير القادم. ووقّع أهداف اللقاء لفائدة “النجوم السوداء” كل من جيان أسامواه (6) وكريستيان أتسو (23) وجون بوي (49). واستناداً إلى النتائج المسجّلة في ختام منافسات هذه المجموعة الثانية، احتلّت غانا الصدارة برصيد 7 نقاط، ومالي وصيفة ب4 نقاط والذين تأهّلا، بينما غادرت النيجر (المتذيّلة بنقطة) ورفيقتها الكونغو الديمقراطية (الثالثة ب3 نقاط)من الدور الأول لهذه النسخة التاسعة والعشرين. وبالتالي سيتواجه المنتخب الغاني مع الرأس الأخضر في مواجهة تعدّ في المتناول مبدئياً، في حين يصطدم المنتخب المالي بصاحب الأرض والضيافة جنوب أفريقيا، ضمن برنامج مواجهات الدور ثمن النهائي الذي سيُلعب في الثاني من شباط/فبراير القادم. تاريخ لا يرحم قبل دخول قمة ختام الدور الأول في المجموعة دخل المنتخبان الغاني ونظيره النيجر بمعطيات وحوافز مختلفة، تماماً، حيث كانت النجوم السوداء “المتصدّرة” تبحث عن تعادل يبوّأها ضمان التأهل رسمياً، في حين كانت النيجر متذيّلة الترتيب فب المجموعة تغرق في الحسابات وفرضيات التأهل التي كانت تفرض بداية تحقيق فوز على غانا وانتظار النتيجة النهائية لمواجهة مالي والكونغو الديمقراطية التي كانت تُلعب توازياً في ملعب “موزيس مابيدا” بدوربان. علاوة على وضعها المعقّد في إحداثيات المجموعة الأولى، لم ترحم مؤشرات التاريخ ودلالات الأرشيف منتخب النيجر الذي يشارك للمرة الثانية في تاريخه توالياً عقب كان 2012، حيث لم يحقّق الفوز إطلاقاً على المنتخب الغاني في مجموع 10 مواجهات جمعتهما على مدار تاريخهما، حيث انهزمت “بلاد البن” في 9 مناسبات كاملة، ولم تحقّق غير تعادل واحد، كما تكبّدت شباكها 35 هدفاً، ولم تردد سوى بأربع أهداف فقط. بداية جارفة لم يكن الغانيون على استعداد لإضاعة أية دقيقة تخوّل لهم الارتياح مبكراً وتأمين مآلهم في هذه المواجهة الختامية من الدور الأول وسعوا منذ البداية إلى تسليط ضغط رهيب على دفاعات منتخب النيجر، لإجبارها على ارتكاب الأخطاء، وهو ما حصل فعلاً ومع أول العمليات الهجومية المنسّقة توغّل ألبير أدوماه من الجهة اليسرى لدفاع المنافس وأهدى توزيعة ذكية للخالي من كل رقابة، المهاجم المحنّك للعين الإماراتي أسامواه جيان الذي سدّد بيمناه كرة قويّة معلنة افتتاح النتيجة مبكّراً لل”بلاك ستارز”. بعد هذا الهدف حاول النيجريّون ردّ الفعل عبر هدف أبيض بتوقيع كوفي دانكوا محترف الترجي الجرجيسي التونسي، غير أنّ الحكم السنغالي بادارا دياتا اعتبر وجود خطأ في التداخل بين مهاجم وقائد النيجر موسى مازو والحارس الغاني عبدول فاتاو داودا (9). عقب إحراز الهدف الافتتاحي لم تتوقف الماكينة الغانية عن العمل، بل على العكس ضاعفت من جهودها لتدوين هدف ثانٍ يريح أقدامهم ويحبط عزائم المنافس الذي كشف عن مكامن ضعفه الكثيرة، خاصة على مستوى منطقتي الوسط والدفاع اللتين عانتا معاناة مضنية من تحرّكات الثلاثي السريع ألبير أدوماه محترف بريستول سيتي الإنكليزي، ونجم يوفنتوس الإيطالي كوادو أسامواه وجاره في الكالتشيو المنتمي لنادي أودينيزي إيمانويل أغييمانغ بادو، هذا الأخير الذي يعتبر أفضل لاعبي الكان حتى الآن. الرغبة الجامحة لأبناء المدرب جايمس كواسي أبياه في تضعيف النتيجة، كانت واضحة وكان السعي إلى بلوغها على قدر العطاءات المقدّمة من قبل اللاعبين، ليكون سيناريو الهدف الثاني أمراً منطقياً للغاية بالنظر إلى موازين اللقاء المختلّة بين المنتخبين، فبعد عمل هجومي منسّق استهلّه كريستيان أتسو محترف بورتو البرتغالي (معوّض واكاسو موبارك في هذه المباراة) الذي مرّر إلى جيان المتمركز في الجناح الأيسر، قبل أن يهدي الأخير عرضية دقيقة لأتسو نفسه الذي لم يجد أية صعوبة في تدوين الهدف الثاني وأول أهدافه في البطولة، بعد تعامل ساذج من دفاع النيجر وحارس مرماه كاسالس داودا (22). إثر تخلّفه بهدفي جيان وأتسو في 20 دقيقة فقط استفاق “غزلان داما” كما يُلقّب منتخب النيجر، وهو مايعني “الغزال المُهر”، من سباته الشتوي في هذا الشوط، وظهر في أوّل عملية هجومية منظّمة عبر توغّل في العمق من موسى مازو الذي استثمر سرعته وأهدى عرضية دقيقة لرأس الحربة عيسى موديبو سيديبيه لكنّ هذا الأخير وصل متأخّراً لتضيع الفرصة الوحيدة الذي نسجها هجوم النيجر طيلة 45 دقيقة كاملة. ومع اقتراب الشوط الأول من خاتمته لم نشهد أية مستجدّات تستحق الذكر غير تهديد أخير من متوسط الميدان إيمانويل بادو الذي حاول مباغتة كاسالي داودا بقذيفة قوية، لكنّ حارس النيجر أبده في صدّها وتفادي الثلاثية موقتاً (42)، ليُعلن الحكم بادارا دياتا، عن نهاية النصف الأول من موقعة نيلسون مانديلا باي بتفوّق غاني سهل، بينما كانت النتيجة في دوربان تؤشر إلى تعادل إيجابي بين نسور مالي والكونغو الديمقراطية. رغم الغيابات ما لُوحظ في هذا الشوط الأول أنّ منتخب غانا دعّم الفكرة القائلة بأنّه لا يتأثّر بالغيابات الحاصلة في صفوفه، فرغم تخلّف واكاسو موبارك نجم إسبانيول برشلونة الإسباني الخاضع لعقوبة الإنذار الثاني، وتواصل غياب متوسط الميدان المميّز أنطزني أنان لاعب أوساسونا الإسباني، دون الحديث عن ثنائي مرسيليا الممتنع عن الحضور في هذه النسخة من الكان والحديث عن أبناء القيدوم عبيدي بيليه، أندري وجوردان آيو، إضافة إلى ابتعاد جملة من النجوم الآخريم على غرار ميكايل إيسيان (ريال مدريد الإسباني) وكيفن برانس بواتنغ (ميلان الإيطالي). وبالتالي يمكن القول أنّ غانا منتخب “ولاّد” للنجوم ولا يقف فعلياً لا نظرياً فحسب، على أيّ إسم مهما كان تأثيره أو قيمته في المجموعة، وهي سمة يفتقدها أغلب منتخبات القارة. مرحلة الإجهاز في الشوط الثاني كرّر الغانيون سيناريو الشوط الأول بنسخة كاربونية حيث تمكّنوا من مباغتة منافسهم النيجري بصفعة ثالثة، مثّلت عنوان الإجهاز على آمال خصمهم وبشكل نهائي في هذه المواجهة. وباستخدام سلاح الكرات الثابتة، نجح الغانيون في تصدّر عناوين المباراة مجدّداً ومن مخالفة حرّة غير مباشرة نفّذها كوادو أسامواه على مستوى القائم الثاني ليتلقّاها جيان برأسه في مرحلة أولى أخفق حارس النيجر في التعامل معها ليعيدها بدوره أمام “المتربّص” والمدافع المتقدّم جون بوي ويضعها في شباك خالية معلناً نهاية المباراة منطقياً (49). وتواصل الاجتياح الغاني لمنافسه الضعيف الذي لم يجد أية أساليب أو وسائل تخوّل له أن يواجه الغانيين بندّية، ليستسلم للواقع الحال، الذي كام في كلّ مرّة ينذر باهداف غانية قادمة غير أنّ التسرّع الغاني في الخط الأمامي وعدم التركيز والاستسهال أيضاً معطيات منعت النتيجة من أن تكون أثقل، وأبرز ما يفسّر هذا الكلام تلك الفرصة التي أهدرها جيان أسامواه أمام مرمى خالٍ تقريباً إثر عرضية من كوادو أسامواه (63). تحويرات بلا جدوى الحالة الرثّة التي أصبح عليها الفريق النيجري دفعت بمدربه الألماني غيرنوت روهر للإسراع بضخّ دماء جديدة بهدف تفادي مهزلة قد تحصل على مستوى النتيجة، فأقحم أمادو كادر مكان محمد باشار (60)، وبوبكر إيسوفو مكان إيسياكا كوديزي (61)، غير أنّ لا فائدة حصلت من هذه التحويرات، إذ واصل لاعبو النيجر في حالة التيه والضياع التي طبعت مردودهم خاصة أمام منتخب غاني منظّم جسّد الفوارق الكبيرة على المستوى الفنّي بين المنتخبين. من جهته، زجّ المدرب الغاني جايمس كواسي أبياه ببعض التغييرات بهدف إراحة نجومه لموقعة ثمن النهائي التي ستجمعه بالرأس الأخضر “العنيد”، فأدخل سولومون أسانتي مكان ألبير أدوماه (63)، وإيمانويل كلوتي عوضاً عن “القائد” أسامواه جيان (78)، وتحويرات أبياه أيضاً لم تمكّن غانا أيضاً من تسجيل أهداف أخرى، لكنّها سمحت لها بإنهاء مواجهتها براحة كبيرة، لتوجّه “النجوم السوداء” إنذاراً شديد اللهجة إلى كافة المنتخبات المشاركة والتي ترشّح نفسها لنيل اللقب وعلى رأسها “أفيال كوت ديفور”.