خرج الحكم الفيدرالي خالد سعدي عن المألوف وقرر تعليق صافرته نهائيا بعد 28 سنة من التحكيم في مختلف المستويات، وبعث هذا الحكم برسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الفاف يصف فيها المسؤول الأول عن التحكيم الجزائري ونعني به بلعيد لاكارن، بشتى النعوت، لكن ما يشد الانتباه في رسالة سعدي التي نزلت على مكاتب بعض وسائل الإعلام، هو تحدثه عن وجود مافيا حقيقية في التحكيم الجزائري، مضيفا بأن: «نظام الجهوية وعصابات المافيا والرشوة هم السمة السائدة في الجزائر منذ سنوات»، مؤكدا بأنه «ليس حكما مرتشيا لذلك تعرض للتهميش من قبل جماعة غليزان والرئيس لاكارن، وسيعتزل التحكيم وهو بريء من أي تهمة تلصق به». قد يقول قائل بأن الحكم سعدي شجاع في رسالته التي يؤكد فيها تفشي ظاهرة الرشوة وسط الحكام، وقد يقول قائل بأن هذا الحكم لا يختلف عن الآخرين ولكنه فجر غضبه بعدما تغلبت جماعة على حساب جماعة أخرى في خارطة التحكيم الجزائري، ويجب أن نوضح هنا بأن سعدي سبق وأن تهجم على مجيبة عندما كان يسير لجنة التحكيم قبل لاكاران. ولن نبيض صورة سعدي بسبب رسالته الشجاعة بل ما قاله هذا الحكم في رسالته يتوجب على الفاف فتح تحقيق معمق بشأنه، إذا كانت الاتحادية الكروية تريد فعلا محاربة الرشوة في عالم التحكيم، وليس سعدي وحده من يستطيع كشف المستور، فهناك الكثير من الحكام النزهاء يبحثون عن الحماية من «الفوق» لفضح هذه العصابات المرتزقة. فقد أصبحت تعيينات الحكام في الدوري الأول والثاني تتأرجح بين يدي «الحجاج والحاجة وأولادها»، حسب بورصة الأورو والدولار وقيمة المباريات، ولا يخشى أي حكم من المتابعات ولا العقوبات كونه سيكتفي بما يأخذه من رشاوى ضمن لقاء واحد في الشهر، وما عليه سوى إعلان ضربة جزاء هنا أو تغاضيه عن أخرى هناك، وحتى حكام التماس أصبحوا يتفاوضون بالشكارة على التسللات مثل ضربات الجزاء والقائمة طويلة طول احتجاجات مدربي النوادي نهاية كل أسبوع. ورغم أن لاكارن أصبح يقرر لوحده تقريبا في قضية التعيينات إلا أن محيطه المباشر في لجنة التحكيم رفقة سكرتيره يعرفون كيف يزجون بالأسماء في المباريات التي يريدون خدمة مسيريها وهو مصدر آخر لتلقي الرشاوى، فالذي يعين الحكم يتلقى الرشوة وسائق السيارة التي تنقل الحكم يستلم الرشوة وينقلها من مكان لآخر، والذي يراقب الحكم يضع إصبعه هو الآخر في العسل، وبالتالي الكل متورط في فضائح الرشوة، ونأتي اليوم ونقول لماذا تدهور حال الكرة الجزائرية وأصبحت الألقاب توصف ب «التايوان» وبطل الجزائر يعجز عن الصمود في أصغر بلدان إفريقيا و مئات لاعبي الدوري المحترف عاجزون عن خطف أنظار المدرب الوطني، والحبل على الجرار.