في حلقة جديدة من سلسلة حلقاتنا حول لاعبي الخضر، نسلّط الضوء هذه المرة على نجم من نجوم التصفيات الأخيرة والذي يمكن اعتباره اكتشافا رغم أقدميّته مع المنتخب، إنه كارل مجاني لاعب موناكو الفرنسي الذي مرّ بمراحل كثيرة في حياته الكروية إلى أن وصل لواحد من صانعي أفراح أنصار الخضر ومعشوقهم الجديد . ولد بليون في الخامس عشر من ماي 1985 في الخامس عشر من ماي الماضي أي قبل أسبوع من الآن أتمّ مجاني التاسعة والعشرين سنة من عمره، حيث ولد لاعب الخضر في ذات اليوم من عام 1985 في مدينة ليون الفرنسية من أب جزائري وأم فرنسية، ينحدر من مدينة بجاية في منطقة القبائل لكن أغلب عائلته تعيش في العاصمة الجزائر حتى أنه من عشاق فريق اتحاد الحراش . عائلته رياضيّة وهو ما ساهم في دخوله عالم الكرة كما أشرنا إليه سابقا فأم مجاني فرنسية والأكثر من ذلك أنها رياضية، حيث مارست رياضة ألعاب القوى من قبل، وبالإضافة إلى أمه يملك مجاني شقيقة صغرى مارست فيما سبق رياضة كرة الماء ولعبت حتى في المنتخب الفرنسي لهذه الرياضة من دون نسيان والده الذي كان ملاكما، كل هذا عنى شيئا واحدا وهو أن مجاني لن يحيد عن المسار العام لعائلته وسيكون رياضيا . بدايته كانت مع سانت إيتيان الفرنسي بداية حكاية مجاني مع الكرة كانت مبكرا جدا، حيث قام جده من أمه بتسجيله في أحد الفرق الصغيرة في ضواحي مدينة ليون وسنه حينها لم يتجاوز ال6 سنوات ولعب لصالح هذا الفريق حتى ال15 سنة، حيث بدأ مسيرته الحقيقية عندما التحق بمركز تكوين الجار سانت إتيان ومكث هناك ثلاث سنوات بين عامي 2000 و2003 تدرج فيها بين صنفي الأشبال والأواسط . ليفربول الإنجليزي لاحظ موهبته وانتدبه وسنّه لم يتجاوز 17 سنة ثلاث سنوات كانت كافية ليثبت مجاني للجميع أنه موهبة قادمة في سماء الكرة وبدأت عديد الفرق العالمية تراقبه خاصة الإنجليزية، إلى أن استطاع أعرق فرق إنجلترا نادي ليفربول من الفوز بخدماته صيف 2003 بوصاية من مدربه الفرنسي آنذاك جيرار أوليي الذي أصرّ على انتدباه . تجربة ليفربول كانت رائعة في بدايتها ومغادرة أولي أفسدت كل شيء الشاب الجزائر بدأ مباشرة في عيش حلم النجومية ومن أول موسم له في النادي الإنجليزي، حيث كان تحت إشراف المدرب الفرنسي جيرار أوليي الذي كان يراقبه ويوجّهه حتى أنه كان يتدرب رفقة الفريق الأول بنجومه ويلعب رفقة التشكيلة الاحتياطية، موسم كان رائعا، غير أن مغادرة أوليي لليفربول أخلطت الحسابات كونه كان يعوّل عليه كثيرا في الموسم الموالي . قدوم بينيتيز لم يكن في صالح الجزائري الذي أعير مرّتين متتاليتين مع قدوم الإسباني بينيتيز الذي لم يكن مجاني ضمن أولوياته قرّر اللاعب المغادرة وطلب الإعارة للوريون الذي كان يلعب في الدرجة الثانية آنذاك وأكمل معه الموسم بصورة قوية ما دفع بينيتيز إلى تغيير رأيه تجاه مجاني وطلب عودته لليفربول، وهو ما كان وقام مجاني بالتربص التحضيري معهم غير أنه طلب الإعارة مرة أخرى بعدما طلبه نادي ماتز الذي كان في ذلك الوقت يلعب في الدرجة الأولى الفرنسية . تجربته مع لوريون شجّعته على الانتقال النّهائي في 2006 بعد تجربتي إعارة تأكّد مجاني أنه لن يدخل أبدا ضمن خطط مدربه في ليفربول لذلك بدأ يفكر مليا في المغادرة وهو ما حصل فعلا نهاية 2006، حيث اتصل به مدرب لوريون آنذاك كريستيان غوركوف وعرض عليه فكرة الانضمام للنادي وهو ما حصل وأمضى مجاني عقدا لثلاث سنوات مطلّقا البطولة الإنجليزية بصفة نهائية . تجربته في لوريون كانت فاشلة وانتقل بعد عام واحد إلى أجاكسيو رغم أنه كان يأمل في الكثير من تجربته في نادي لوريون إلا أن مجاني خاب، حيث قضى معهم موسما أول سيئا جدا، ما دفعه للرحيل من الباب الضيق رغم تبقي سنتين في عقده، الوجهة كانت أجاكسيو، حيث عرض عليه المدرب آنذاك «غارنت رور» فكرة تقمص ألوان الفريق، والتحق لاعب الخضر بالفريق الكورسيكي على شكل إعارة في بادئ الأمر وبشكل نهائي بعد ذلك . أجاكسيو أحسن فترات مشواره الاحترافي بعد فترة كانت سيئة من ليفربول إلى الإعارات إلى موسم سيئ مع لوريون وجد الدولي الجزائري أخيرا ضالته في نادي أجاكسيو، حيث لعب له ست سنوات متتالية كانت الثلاث الأولى منها في القسم الثاني قبل أن يحقق الفريق الصعود ولعب معه ثلاث سنوات أخرى في القسم الأول إلى أن رأى أن مغادرته أصبحت واجبة للرفع من مستواه . البحث عن مشروع جديد من بوابة موناكو بعد أن أكّد رحيله عن فريقه بدأت التكهنات بخصوص وجهة مجاني المقبلة، حتى أن البعض أكد أنها ستكون خارج فرنسا لكن اللاعب فاجأ الجميع بالإمضاء في الدرجة الثانية الفرنسية وفي نادي موناكو الفرنسي، مجاني برّر وقتها خياره بالمشروع الرياضي الكبير الذي حمله رئيس النادي لكن الكل أكد أن المال هو سبب رحيله. ستة أشهر مع موناكو تنتهي بالصّعود انتقال مجاني إلى موناكو منتصف الموسم كان مغامرة غير محسوبة العواقب لكن للمتتبعين فقط، لأن اللاعب حسم أموره وحسبها جيدا، فبعد ستة أشهر فقط مع الفريق حقق مجاني الصعود وكسب رهانه الرياضي الجماعي كما أنه شارك في أغلب اللقاءات ليكسب رهانه الفردي أيضا . مشروع موناكو الذي كان سببا في الانتقال إليه و كان سببا في رحيله من سخرية الأقدار أن سبب رحيل مجاني عن أجاكسيو صوب موناكو كان نفسه هو سبب رحيله، فبعد أن كان مشروع النادي هو إيصال الفريق للقسم الممتاز بلاعبين جيدين صار الآن المشروع أكبر ووجب التعاقد مع لاعبين «سوبر» وللأسف مجاني لم يكن من ضمنهم ليغادر الفريق بعد ستة أشهر فقط قضاها معه . موسم كأس العالم يحتّم على مجاني اختيار فريق يلعب له والوجهة اليونان لأن الموسم الحالي كان موسم كأس العالم فإن كل لاعبي الخضر اختاروا أن يلعبوا في فرق تمنحهم الفرصة، وبما أن إدارة ومدرب موناكو كانا واضحين منذ البداية، فإن مجاني عرف أن مصيره مقاعد البدلاء إن بقي مع الفريق لذلك فضل الرحيل صوب ناد جديد ودوري جديد هو الدوري اليوناني . تجربة أولمبياكوس كانت سيّئة جدا واللاعب اضطر للعودة إلى فرنسا حسابات مجاني كانت خاطئة هذه المرة، حيث بقي في نادي أولمبياكوس لمدة ستة أشهر فقط قبل أن يطلب الرحيل رغم أن عقد إعارته يمتد لعام كامل، لاعب الخضر شارك مع فريقه في 4 لقاءات فقط في الدوري وهو معدل متدنّ أدرك بعدها أن مكانته في المونديال مهددة إذا لم يغادر وغادر فعلا وعاد للدوري الفرنسي . في فالنسيان وجد مجاني ضالته في اللعب لكن الفريق سقط في الأخير حياة مجاني الكروية كانت كلها في المؤشر السلبي عدا فترة أجاكسيو، فبعد تجربتين سيئتين مع موناكو وأولمبياكوس ظن كارل أنه سيجد ضالته مع فالنسيان الذي لعب له في الستة أشهر الأخيرة كإعارة لكن العكس هو ما وقع، فرغم أنه وجد وقتا للعب إلا أن مستوى فالنسيان كان سيئا وانتهى الموسم بسقوط الفريق لليغ 2 . تدرّج في كامل فئات منتخبات فرنسا السنية وتلقى تكوينا ممتازا بعيدا عن مشواره مع الفرق نعرّج على مشوار مجاني مع المنتخبات، حيث لعب الجزائري في كامل الفئات السنية للمنتخب الفرنسي بداية من الأشبال مرورا بالأواسط وحتى الآمال، مجاني لعب لمنتخبات فرنسا بين عامي 2000 و 2006 وتلقى تكوينا ممتازا جدا . كان قائدا لكل منتخبات فرنسا وتوّج معها بعدّة ألقاب مسيرة مجاني مع منتخبات فرنسا كانت حافلة، حيث كان قائدا لكل الفرق التي لعب لها وفي كل الأصناف حتى أنه كان قائدا لعدة لاعبين لعبوا للخضر مثل حسان يبدة ومراد مغني، مجاني توّج مع منتخبات فرنسا بعدة ألقاب منها دورات تولون لسنتي 2005 و2006 كما كان معهم نائبا لبطل أوروبا في 2002 مع الأشبال . قانون «الباهاماس» كان طوق نجاته وبفضله لعب لبلده الأصلي لعب مجاني وتألقه مع المنتخبات الفرنسية بمختلف أصنافها لم يسعفه للعب مع المنتخب الأول وهذا بسبب تدني المستوى الذي يلعب له وكان منفذه الوحيد هو العودة للأصل واللعب مع منتخب الأجداد المنتخب الجزائري الذي استطاع بفضل قانون «الباهاماس» ولوجه رفقة كثير من اللاعبين . ماي 2010 الشيخ سعدان يقرّر استدعاء مجاني لأوّل مرة يوم الثلاثاء الحادي عشر من ماي عام 2010 سيبقى خالدا في ذهن مجاني من دون شك، ففي هذا التاريخ أعلن الناخب الوطني الأسبق رابح سعدان عن قائمة اللاعبين الذين سيدخلون تربص "كرون مونتانا" ويمثلون الجزائر في المونديال ورغم أن مجاني لم يشارك في تأهيل الجزائر لهذا المحفل إلا أنه كان من بين المدعوين . كأس العالم لا حدث بالنسبة للاعب وأول ظهور لمجاني كان ضد الغابون رغم أنه استدعي للمشاركة في المحفل العالمي إلا أن مجاني لم يحظ بشرف المشاركة في اللقاءات الثلاثة التي لعبها الفريق الوطني ضد كل من سلوفينيا، إنجلترا والولايات المتحدةالأمريكية وانتظر إلى ما بعد المونديال وبالضبط للقاء الجزائر ضد الغابون الذي كان بوابة لظهوره الأول مع الخضر . شارك في 24 لقاء مع الخضر وسجّل هدفا واحدا لقاء الغابون كان بوابة مجاني لمسيرة مظفرة، ففي الأربع سنوات الأخيرة التي لعبها مجاني مع الجزائر شارك في 24 لقاء وسجل هدفا واحدا كان حاسما ضد المنتخب البوركينابي في لقاء الذهاب الذي انتهى بخسارة الخضر بثلاثة أهداف مقابل هدفين، مجاني حمل شارة القائد في لقاء واحد من ضمن 24 كان ضد المنتخب البينيني في مارس من 2013 . تصفيات كأس العالم كانت ورقة عبوره نحو قلوب الجزائريّين رغم أنه ولج تشكيلة الخضر في 2010 إلا أن مجاني انتظر إلى غاية تصفيات كأس العالم الحالية ليظهر للجميع معدنه الأصلي، مجاني شارك في الثماني لقاءات التي لعبها المنتخب في مشواره نحو المونديال وكان أبرز اللاعبين وأكثرهم مشاركة حتى أن أنصار الخضر صاروا يفضلونه على لاعبين أقدم منه كحليش أو لاعبين خريجي البطولة الوطنية كبلكالام . مونديال البرازيل فرصة للتّأكيد مع الخضر مشوار مجاني مع الفرق أو مع المنتخب صار شيئا من الماضي ولاعب الخضر وجّه تفكيره نحو المستقبل والمستقبل هو كأس العالم في البرازيل بعد أقل من شهر واحد، خريج مدرسة سانت إيتيان سيحاول تأكيد مستواه الذي أظهره في التصفيات ولو أن فارق المستوى كبير جدا بين التصفيات والنهائيات . مجاني متفائل ويريد رؤية الخضر في الدور الثاني مع بحثه عن التأكيد على مستواه يبحث مجاني أيضا على مساعدة الخضر للمرور للدور الثاني، كارل وفي بعض تصاريحه السابقة أبدى بعض التفاؤل في المرور للدور المقبل وتجاوز عتبة منتخبات قوية مثل روسيا، بلجيكا وكوريا الجنوبية كحلم وإنجاز تاريخي للخضر عطفا على إقصائه في كل مرة من الدور الأول في المشاركات السابقة .