قالت الأكاديمية كريمة آيت دحمان، إن الكتابة حول تاريخنا تمثل أفضل رد لكل من يشكك فيه، ويبث أفكارا خطيرة عنه، مثلما فعله الرئيس الفرنسي والتيار اليميني الفرنسي المتطرف، مضيفة أنها كتبت مؤلفها "جرائم حرب فرنسا في الجزائر (1830-1847)" الصادر عن المؤسسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار "أناب"، لأجل هذا الغرض، بالإضافة إلى التعريف ببدايات جرائم المحتل الفرنسي لشبابنا. أضافت الدكتورة اللغوية كريمة آيت دحمان، خلال الندوة التي نشطتها، أول أمس، بمكتبة "شايب دزاير"، حول كتابها "جرائم حرب فرنسا في الجزائر (1830-1847)"، أن الجيل الجديد يتأثر جدا بالإعلام، لهذا قررت أن تكتب عن تاريخ بلدنا، ردا على أكاذيب طالته، مشيرة إلى تناولها حقبة محددة، انطلاقا من بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر إلى غاية استسلام الأمير عبد القادر، خشية على حياة أبناء جلدته. وتابعت أنها اعتمدت في كتابها هذا على أرشيف فرنسي، خطه المحتل من عسكر ومؤرخين، وكذا على رسائل رسمية وُجهت إلى سلطان فرنسا آنذاك. مشيرة إلى عدم وجود وسائل للقيام بعملية الإحصاء في تلك الفترة، لذلك تعددت الأقاويل حول عدد سكان الجزائر عام 1830، فبعض المصادر الفرنسية، قالت إن عددهم بلغ من 400 ألف إلى ثلاثة ملايين، قُتل أكثر من نصفهم في بداية الاستعمار، في حين أكدت مصادر أخرى، أن عددهم بلغ عشرة ملايين نسمة. كما أكدت المتحدثة، فظاعة جرائم المحتل الفرنسي فور احتلاله للجزائر، مضيفة أن الجزائريين يعرفون أسامي جنرالات فرنسيين، لكن لا يدركون مدى فظاعة ما ارتكبوه من المآسي ضد الجزائريين، الذين كانوا يلقبونهم ب"عرب" و"مسلمين" و"أهالي"، في حين أطلقت صفة "الجزائري" على الأوروبيين القاطنين بالجزائر. وعبرت اللغوية عن حيرتها، وحتى أسفها من موقف الكاتب فكتور هيغو المساند للاحتلال الفرنسي بالجزائر، والجرائم المرتكبة هناك باسم الشرف الوطني والنصر الفرنسي، وكذا عن علاقته بالجنرال السفاح بيجو، رغم ادعائه الإنسانية. بالمقابل، ذكرت آيت دحمان، أن إعادة فرنسا بعض جماجم الثوار إلى الجزائر، واعترافها بقتل الشهيد العربي بن مهيدي وما ارتكب في مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس، جيد، لكن على فرنسا التفكير في الجالية الجزائرية التي تعيش هناك، وكذا في أبناء المهاجرين وأحفادهم، من خلال أداء عمل دبلوماسي، يُمكنها من تسيير العلاقة المعقدة بين الجزائروفرنسا. في إطار آخر، أشارت المحاضرة إلى المعاناة الكبيرة التي عاشها الأمير عبد القادر، والتي أجبرته على الاستسلام حفاظا على أرواح الجزائريين، خاصة بعد اتفاق سلطان المغرب مع المحتل الفرنسي، مضيفة أن الأمير أدرك خسارته السياسية والعسكرية للحرب. وأكدت قلة الكتابات التي تناولت ما قاساه الأمير عبد القادر، بعد وضعه السلاح. ورفضت الكاتبة ما أشيع عن الأمير، بأنه كان على علاقة بالماسونية، وأنه كان صديقا لفرنسا، مؤكدة أن التيار الماسوني من تواصل معه، بعد إنقاذه للمسيحيين بدمشق. وأضافت أن الأمير كان عدو فرنساالمحتلة رقم واحد، فهو من أنشأ الدولة الجزائرية الحديثة ورافع من أجل الجنسية العربية، وكان شخصية محترمة جدا على الصعيد الدولي. وهنا تدخل المؤرخ فؤاد سوفي، وأكد استحالة أن يكون الأمير عبد القادر ماسونيا، لأنه مسلم صوفي، بينما من ينخرط تحت لواء الماسونية، عليه أن يكون ملحدا، كما تحدث عن صعوبة تحديد عدد الجزائريين في بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، حيث كشف الكاتب والمناضل حمدان خوجة، أن عدد الجزائريين آنذاك كان عشرة ملايين نسمة. من جهته، قدم الكاتب محمد بلحي، ملاحظة حول عنوان الكتاب، الذي يوحي، حسبه، إلى أن جرائم فرنساالمحتلة توقفت عام 1847، مذكرا بالعديد من المقاومات والمجازر التي ارتكبها المحتل بعد هذا التاريخ، مثل مقاومة أحمد باي والشيخ بوعمامة ومحرقة الأغواط عام 1852، لتتدخل الكاتبة وتؤكد أنها اختارت أن تكتب عن فترة محددة لتاريخنا، على أن يكتب آخرون، وقد فعل العديد منهم، عن المراحل الأخرى من تاريخ احتلال فرنسا للجزائر، خاصة المجهولة منها.