l قبل انطلاق النسخة الثالثة من كأس العالم، كان هناك اعتقاد لدى دول أمريكا الجنوبية أن تنظيم المونديال يكون بالتناوب بين القارتين وهو ما فندته «الفيفا»، وتقدمت ثلاث دول بطلب الاستضافة وهي فرنساوالأرجنتينوألمانيا وتمّ اللجوء للتصويت في برلين يوم 3 أوت 1936 وحسمت فرنسا الأمور لصالحها من الدور الأول وهو ما أغضب الأرجنتين والأوروغواي اللتين قررتا المقاطعة وعدم المشاركة في التصفيات. كوبا وجزر الهند الشرقيّة الهولندية أهمّ مفاجآت التصفيات ارتفع عدد المنتخبات المسجلة في تصفيات النسخة الثالثة ليصل إلى 37 منتخبا، يتنافسون على 14 بطاقة ولم تشهد منطقة أوروبا مفاجآت تذكر باستثناء إقصاء يوغسلافيا على يد بولندا برباعية وانسحاب الإسبان بسبب اندلاع الحرب الأهلية وكانت أكبر نتيجة هي فوز المجر على اليونان 11-2 ، وأقصي المنتخبان العربيان الوحيدان في التصفيات مصر بعد انسحابها أمام رومانيا وفلسطين بعد هزيمتها من اليونان، أمّا أكبر حدث في التصفيات هو تأهل جزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا حاليا) إلى النهائيات بعد فوزها على اليابان بالغياب، كما تأهل أيضا المنتخب الكوبي لأول مرة بعد مقاطعة جميع منتخبات أمريكا الشمالية والجنوبية باستثناء البرازيل التي تأهلت أيضا دون أن تلعب. الإبقاء على النظام القديم وعمليّة «إنشلوس» أخلطت الحسابات بعد نهاية التصفيات، اكتمل نصاب المنتخبات ال16 المشاركة في نهائيات مونديال فرنسا وهي البلد المضيف وإيطاليا، ألمانيا، النمسا، بلجيكا، النرويج، البرازيل، بولندا، تشيكوسلوفاكيا، هولندا، سويسرا، المجر، السويد، كوبا، الهند الشرقية ورومانيا، وبعد عملية القرعة في باريس، حدث ما لم يكن في الحسبان بعد حدوث ما يسمى بعملية «إنشلوس» وهي عملية عسكرية سلميّة ضمت بها ألمانيا النازية النمسا لأراضيها وهي العملية التي لقيت ترحيبا كبيرا من قبل النمساويين وهو ما أدى لانسحاب النمسا من النهائيات وضم أفضل لاعبيها لمنتخب ألمانيا وأصبح عدد الفرق المشاركة 15 بدلا من 16مما أخلط حسابات «الفيفا». سويسرا أحرجت ألمانيا في اللقاء الافتتاحي في الدورة الثالثة، كان الأمر يختلف عن الدورات الأخرى بحيث يلعب لقاء الافتتاح حامل اللقب أو البلد المضيف، وهذه المرة لعب الافتتاح بين ألمانياوسويسرا يوم 4 جوان 1938 في ملعب حظيرة الأمراء في باريس وتوقع الجميع فوزا كاسحا للألمان خصوصا بعد ضم أفضل اللاعبين النمساويين لكن سويسرا وقفت الند للند وتعادلت 1-1 وجرى لقاء الإعادة بعد خمسة أيام وفازت سويسرا بنتيجة 2-4 وهو ما جعل المدرب الألماني «سيب هيربرجر» يعلق الخسارة على عاتق اللاعبين النمساويين الذين حسبه لم يدافعوا عن قميص المنتخب الألماني كما كانوا يفعلون مع النمسا. فرنسا دون عناء وكوبا حققت المعجزة احتشدت الجماهير الفرنسية منذ الصباح الباكر في ملعب «كولومب» لمشاهدة منتخبها، يتبارى مع جاره البلجيكي يوم 5 جوان ولم يجد أصحاب الأرض صعوبة في المرور للدور المقبل بعد فوزهم 1-3 ، كما فاز حامل اللقب المنتخب الإيطالي على النرويج بصعوبة بعد الوقت الإضافي 1-2، أما البرازيل فتأهلت على حساب بولندا في مقابلة مجنونة انتهت 5-6، وأخفقت هولندا في تخطي تشيكوسلوفاكيا وانهارت في الوقت الإضافي وانهزمت 3-0 ، واستطاع المنتخب الكوبي أن يحقق معجزة لم تكن في الحسبان بعد تخطيه لرومانيا في ملعب «تولوز» وهذا بعد نهاية اللقاء الأول بالتعادل 3-3 وفي لقاء الإعادة، فاز الكوبيون بنتيجة 1-2 ، ولم تستطع جزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا حاليا) أن تحذو حذو كوبا وانهارت أمام الخبراء المجريين بسداسية دون رد . إيطاليا تخطّت أصحاب الأرض والسويد استعرضت عضلاتها أبرز لقاءات الدور ربع النهائي، كان دون شك بين فرنساوإيطاليا بملعب «كولومب» أمام حوالي 60 ألف متفرج يوم 12 جوان، وانتهى الوقت الرسمي بالتعادل1-1 وفي الوقت الإضافي، قلب لاعب لازيو سيلفيو بيولا الموازين وسجل هدفين لتتأهل إيطاليا 3-1 ، كما واصلت المجر تألقها وأقصت سويسرا 0-2، وتأهلت أيضا البرازيل بصعوبة أمام تشيكوسلوفاكيا في لقاء الإعادة 1-2 بعد نهاية اللقاء الأول بالتعادل هدفا في كل شبكة، أما بالنسبة للسويد المعافاة في الدور الأول فقد استعرضت عضلاتها أمام كوبا وسحقتها بنتيجة 0-8. المجر في النّهائي دون عناء والبرازيل دفعت ثمن سوء تقدير مدرّبها في المربع الذهبي الذي لعب يوم 16 جوان، لم يجد المنتخب المجري صعوبة في تخطي عقبة السويد والوصول لأول مرة للنهائي بعد النتيجة العريضة 1-5 وتألق المهاجم زسينغلار مسجل «هاتريك» في الشباك السويدية، وفي مرسيليا ترقب الجميع لقاء القمة بين إيطاليا والبرازيل، ويومها قرّر مدرب البرازيل إراحة نجم وهداف الفريق ليونيداس للمقابلة النهائية في تصرف غريب وهو ما سهل المهمة نوعا ما على الإيطاليين وفاز رفقاء جوزيبيمياتزا2-1 وتأهلوا للنهائي لثاني مرة. إيطاليا احتفظت بلقبها وحارس المجر أشفق على لاعبيها جرى النهائي يوم 19 جوان على الملعب الأولمبي في باريس، واستطاع «الآتزوري» الحفاظ على لقبه ليكون أول منتخب يفوز بالمونديال خارج أرضه بعد فوزه على المجر 2-4 وسجل كولوسي وبيولا هدفين لكل منهما في حين سجل هدفي المجر ساروزيوتيكوس، وصرح «أنتل زيرب» حارس المجر أنه أنقذ أرواح اللاعبين الإيطاليين وأشفق عليهم ولم يلعب بكل قوته بعد البرقية التي وصلتهم من موسيليني تحت عنوان (النصر أو الموت) . ليونيداسدا سيلفا الهداف الذي لا يعرف طريق المرمى إلا حافيا أحد أبرز نجوم النسخة الثالثة، كان دون منازع الهداف البرازيلي ليونيداسدا سيلفا لاعب فلامينغو وهداف مونديال 38 بثمانية أهداف وبسبب عدم إقحامه في نصف النهائي، خسرت البرازيل وكان معروفا عنه أنه يلعب حافيا ولما تم فرض الحذاء عليه كان يجد صعوبة في التسجيل، ولد ليونيداسدا يوم 6 سبتمبر 1913 وتقمص ألوان عدة فرق، أبرزها فلامينغو وفاسكودي غاما وبوتافوغو، أنهى مشواره الكروي في ساو باولو سنة 1950 وتوفي قبل عشر سنوات.