غادرت أمس البعثة الجزائرية الأراضي البرازيلية عائدة الى الديار بعد مشاركة أكثر من مشرفة في مونديال سيبقى راسخا في الأذهان حققت فيه الجزائر ما لم يكن في الحسبان بتأهل تاريخي إلى الدور الثاني وتسجيل رباعية لم يسبق وأن فعلها أي منتخب عربي ولا إفريقي في مثل هذه المواعيد غادر فرسان الصحراء الأراضي البرازيلية تحت تصفيقات آلاف الأنصار بملعب بورتو أليغري وملايين المحبين من سكان بلد الساحرة كرة القدم الذين احتضنوا الجزائريين بشكل ملفت للانتباه وظلت صيحات الجماهير تدوي مسامعنا "أرجيليا … أرجيليا". ورغم أن راقصي السامبا لم يتلذذوا بالنسوج التي قدمها رفقاء فيغولي ضد شياطين بلجيكا، إلا أن سرعان ما محوا صورة لقائنا الأول وراحوا يهتفون بحياة بلد الشهداء ضد كوريا وروسيا ويعلنون ولاءهم لألوان الراية الجزائرية ضد العملاق الجرماني تحت أنظار ومسمع زعيم الفيفا ورئيسة الحكومة الألمانية، وهو أكبر اعتراف من شعب يعشق الكرة على الأداء الجميل والمردود الكبير لمنتخب شرف الجزائر والعرب. أوبريڤادو… ( شكرا بالبرتغالية) للبرازيل التي كانت مع الجزائر قلبا وقالبا والتي ساندت الخضر من أول يوم وصل إليها محاربو الصحراء، فلا تجد محلا ولا مطعما ولا مكانا عموميا في مختلف مدن هذا البلد – القارة إلا ويقول لك قاطنوه "نحن مع الجزائر" و"حظ سعيد للجزائر… نحن أصدقاء منذ زمن طويل" وكأن البرازيليين يجددون تعلقهم بالروابط السياسية والمواثيق والمعاهدات الدبلوماسية التاريخية بين البلدين قبل الثورة الجزائرية وبعد الاستقلال . عندما تسمع الجماهير البرازيلية تحاول عزف نشيد قسما معنا في ملاعب بيلو أوريزنتي وبورتو أليغري وكوريتيبا، وعندما يكرر عشرات الآلاف أغاني عشاق الخضرة من على المدرجات ويصفقون معهم على وقع " وان ثو ثري فيفا لالجيري" ينتابك شعور فريد من نوعه وإحساس غريب تقشعر له الأبدان ويؤكد بأن كرة القدم هي أقوى سفير يمكن أن يقدم صورة جميلة عن أي بلد. "أوبريڤادو" للبرازيليين الذي أثبتوا للعالم بأنهم مجتمع حي ودولة قوية وأكبر عشاق للساحرة المستديرة على سطح هذه المعمورة، نجحوا في تنظيم المونديال شكلا ومضمونا وحضروا مبارياته بقوة في المدرجات وجعلوا من يومياتنا أعراسا بدون انقطاع . مونديال البرازيل سيظل تاريخيا بالنسبة لنا، ففيه سجلنا ما لم يسجله أي منتخب عربي وإفريقي في مباراة واحدة، وفيه صنع شجعاننا ملحمة جديدة بتخطي عقبة الدور الأول في السادس والعشرين جوان، وفيه لقنا ألمانيا درسا لن تنساه بعد الصفعة التي منحها إياها رفقاء بلومي وماجر قبل 32 سنة… أوبريڤادو البرازيل وموعدنا سيكون بحول الله في روسيا بعد أربع سنوات .