حطم آرسنال ضيفه ليفربول برباعية مقابل هدف في قمة الأسبوع ال31 من البريميرليج التي جرت على ملعب الإمارات، ليقفز فريق المدفعجية إلى المركز الثاني بشكل مؤقت بوصوله للنقطة ال63 بفارق نقطتين عن مانشستر سيتي الذي سيختتم الجولة مساء الاثنين بمواجهة كريستال بالاس، فيما ظل الريدز كما هو في المركز الخامس وفي جعبته 54 نقطة. المباراة حفلت بالعديد من اللقطات والفرص وكذلك الملاحظات على أداء الفريقين نسردها معًا فيما يلي.. ■ الآن فقط، يُمكن القول بأن آرسنال استعاد أيامه الخوالي، وأعاد إلى الأذهان سحر الجيل الذهبي بقيادة "تيري هنري، دينيس بيركامب، فييرا، روبير بيريس وبقية نجوم العقد الماضي"، فمنذ بداية العام الجديد ومستوى الفريق في تصاعد مستمر، ووضح ذلك من خلال النتائج الإيجابية التي حققها رجال فينجر على المستوى المحلي بالذات، غير أن هذا التحسن تزامن مع عودة المصابين "مسعود أوزيل، رامسي، جيرو، كوسيلني، والكوت وآخرون"، ما ساعد كشاف النجوم على تحقيق هذه النتائج غير المسبوقة بالنسبة لآرسنال في السنوات الماضية، ويكفي أن فريقه أنهى الشوط الأول متقدماً على ليفربول بثلاثية نظيفة، وهو الأمر الذي لم يَفعله ممثل الجزء الأحمر من شمال لندن في حُمر الميرسيسايد منذ بداية البريميرليج في مسماه الجديد مطلع تسعينات القرن الماضي. ■ يُحسب لفينجر أنه حافظ على استراتيجيته ولم يتفنن في التكتيك الذي منحه الفوز في المباريات الماضية، فهو بدأ المباراة بالحارس أوسبينا الذي أزاح تشيزني من عرين الإمارات منذ مباراة موناكو الأولى، وفي الدفاع أبقى على الرباعي "مونريال، ميرتساكر، كوسيلني وبيليرين"، وفي بعض الأحيان يُفاضل بين مونريال وجيبس، وهذا ما جلب الاستقرار للخط الخلفي في الفترة الماضية، أما في الوسط، فهناك صاحب الثلاث رئات "كوكيلين" الذي يشغل مركز لاعب الوسط المحوري في الدفاع وأمامه الرباعي الخارق "سانشيز، أوزيل، رامسي وكاثورلا"، ذلك الرباعي الشامل الذي أصبح العلامة الفارقة لفينجر. ■ نُلاحظ دائماً إبداع سانشيز وأوزيل في تبديل مراكزهما، ونفس الأمر بالنسبة لرامسي وكاثورلا، ففي الحالة الدفاعية يقوم عادةً رامسي بالوقوف جانب كوكيلين على الدائرة لافتكاك الكرة ومنع المنافسين في الاختراق في العمق، كذلك كاثورلا نجح مؤخراً في تطوير نفسه لأداء بعض الواجبات الدفاعية التي ساعدته على تثبيت أقدامه في التشكيلة الأساسية حتى بعد عودة رامسي، والمعروف أنه في السابق كان فينجر يَعتمد إما على القصير الإسباني أو المدريدي السابق، أما الآن، فقد وجد المدرب الفرنسي الحل وأصبح يُشرك الاثنين، وهذا الأمر أعطى إضافة هائلة لآرسنال في النواحي الهجومية قبل الدفاعية، وذلك نظراً لتميز رباعي الوسط ومعهم جيرو على التسجيل من نصف فرصة. أنصار آرسنال يعلمون جيداً أن نقطة ضعف فريقهم في السابق كانت تكمن في الكرات الثابتة، أما الآن فأصبحت تلك الكرات إحدى نقاط القوة بالنسبة لفينجر ورجاله، وشاهدنا كيف اعتاد آرسنال على التسجيل سواء من الكرات الثابتة أو الركنيات في المباريات الماضية، واليوم نجح أوزيل في تأكيد هذه النظرية بالتسجيل من ركلة حرة مباشرة أرسلها بقدمه اليسرى على يمين الحارس البلجيكي "سيمون مينيوليه" الذي سنتحدث عنه في السلبيات. ■ إيجابية أخرى بالنسبة لآرسنال، تكمن في وفرة البدلاء، في السنوات الماضية وحتى في النصف الأول من هذا الموسم، كان الفريق يُعاني دائماً من ضعف دكة البدلاء بسبب كثرة الإصابات من جانب، ولعدم وجود بديل على نفس مستوى اللاعب الأساسي من جانب آخر، أما الآن، فما أكثر البدلاء وما أكثر اللاعبين الذين يُقاتلون من أجل الحصول على مكان في قائمة ال18 لاعباً، واليوم شاهدنا كيف أن الأداء لم يتأثر بعد مشاركة المدافع الجديد باوليستا على حساب كوسيلني مع بداية الشوط الثاني، وأيضاً الفعالية الهجومية لم تتأثر بخروج أوزيل ورامسي ومشاركة فلاميني وويلبيك على حسابهما، والدليل على ذلك أن الفريق أضاف الهدف الرابع في الدقيقة الأخيرة. صحيح الحارس أوسبينا لم يتعرض لاختبارات مُحققة بنسبة 100%، على اعتبار أن الفرص التي أتيحت لليفربول في الشوط الأول أهدرها ستيرلينج وماركوفيتش بغرابة شديدة، لكنه بدا واثقاً من نفسه، ووضح ذلك من خلاله تعامله الجيد مع التصويبات التي أمسكها بدون معاناة، فضلاً عن تميزه بخروجه من مرماه في الوقت المناسب كما فعل مع ستيرلينج في مشهد الانفراد الصريح في الشوط الأول. وبوجه عام…يُمكن القول بأن فريق آرسنال بأكمله كان في أفضل حالاته على الإطلاق، حتى المدافعين كانوا في الموعد، وشاهدنا تقدمهم الرائع إلى الأمام لعمل الزيادة الهجومية، كما فعل بيليرين في مشهد الهدف الأول الذي أحرزه على طريقة كبار المهاجمين وليس على طريقة المدافعين، واليوم كان أداء الفريق في القمة –بدون مبالغة-، لذا نجح المدفعجية في رد الدين لحُمر الميرسيسايد بعد خماسية العام الماضي، وهذه تُعتبر رسالة واضحة وصريحة من آرسنال، مفادها أنه على استعداد لقلب الموازين في البريميرليج، إذا تعثر تشيلسي في الجولات القادمة، علماً بأنه لو استمر الوضع كما هو عليه، ستكون موقعة آرسنال ضد تشيلسي المُقرر لها الأسبوع بعد القادمة، نقطة تحول في البطولة. قبل الحديث عن سلبيات ليفربول العديدة، يجب أن نتوقف عن أداء الحارس "سيمون مينيوليه" الذي كان أحد نقاط القوة في ليفربول الموسم الماضي، واليوم شاهدنا مستواه الكارثي الذي كلف الفريق هذه الخسارة الفادحة، بالتأكيد هذا ليس مينيوليه الذي كان من أفضل حراس مرمى البريميرليج في المواسم الماضية، ويكفي أنه يتحمل مسؤولية الهدف الأول بنسبة تَصل لأكثر من 80% بسبب رد فعله البطئ جداً، والأسوأ يبقى في تعامله مع تسديدة سانشيز التي أحرز منها الهدف الثالث، فلو كان الحارس البلجيكي في نصف مستواه، لما استقبلت شباكه أهداف بهذه الطريقة التي تَمر على حارس شاب. ■ السؤال الذي يَفرض نفسه بقوة في الوقت الراهن…من المسؤول عن ذبح ليفربول؟، هذه الهزيمة لا تعني ضياع ثلاث نقاط فقط، بل تعني انتهاء حلم العودة لدوري أبطال أوروبا الموسم المُقبل، فبعد السقوط أمام مانشستر يونايتد في الجولة الماضية، اعتقد الجميع أن الريدز سينتفض أمام المدفعجية، لكن جاءت صدمة الأربعة التي صاحبها أداء باهت للغاية، وهل هذا بسبب توابع الخسارة أمام الغريم الأزلي؟ أم بسبب تأثر الفريق بالغيابات المتمثلة في المعاقبين ستيفن جيرارد ومارتن سكرتل بعد قمة الشياطين؟ أم من فلسفة المدرب برندان رودجرز وتفننه الزائد في آخر مباراتين؟؟ أعتقد أن المدرب يتحمل الجزء الأكبر، كيف لا وهو من أربك حسابات فريقه بلمساته الغريبة أمام مانشستر يونايتد في المباراة الماضية، تلك المباراة التي أشرك خلالها رحيم ستيرلينج كلاعب جناح أيمن ومعه كوتينيو في هذا الجانب، وأبعد الوسط عن ستوريدج تماماً، فكانت النتيجة الخروج بلا نقاط أمام اليونايتد، واليوم تفنن أكثر باللعب بثلاثة مدافعين فقط أمام وسط خارق كوسط آرسنال لديه أربعة مبدعين قادرين على ضرب وخلخلة أي دفاع في العالم، حتى أن أسلوب اللعب بالمهاجم الوهمي الذي ساعده على تحقيق سلسلة من الانتصارات الرائعة، تخلى عنه اليوم ولعب بماركو فيتش وستيرلينج في الهجوم، ومن سوء طالعه لم يستغل كلا اللاعبين الفرص السهلة التي اتيحت لهما في بداية المباراة، وبعدها دفع الفريق الثمن باستقبال ثلاثة أهداف دفعة واحدة في آخر 7 دقائق من المباراة. أسوأ ما في ليفربول على الإطلاق، كان غياب اللمسة الأخيرة، فماركوفيتش تفنن في التمرير السيئ لكل رفاقه بدون استثناء، كما أن الثنائي الأخطر ستيرلينج وكوتينيو كان بعيد عن بعضه، وهذا أفقد الريدز أكثر من 50% من قوته الهجومية، وأيضاً الفريق بأكمله اعتمد على الهجمات المرتدة بشكل مبالغ فيه، ما سهل المهمة على لاعبي آرسنال الذين لديهم قدرة هائلة على الاستحواذ على الكرة وتمريرها بشكل دقيق وسليم في الثلث الأخير من الملعب، فضلاً عن وجود "مغناطيس" اسمه كوكيلين نجح في تعطيل هجمات ليفربول المرتدة، بفضل تفوقه على كوتينيو وعدم منحه المساحة الكافية للانطلاق أو للتمرير لستيرلينج. علامات تعجب واستفهام حول أداء المدافع الأيسر الشاب ألبيرتو مورينيو، فهذا اللاعب أثبت بشكل عملي أنه لا يزال يفتقد خبرة المواعيد الكبرى، ووضح للجميع أنه من السهل اختراقه دفاعياً كما حدث في بداية الموسم أمام السيتي وريال مدريد، واليوم أكد بيليرين المعلومة بتفوقه على مورينو بتسجيل هدف وإرسال أكثر من عرضية أربكت الدفاع، لذا أتصور أنه من الأفضل أن يجلس هذا الشاب على مقاعد البدلاء بالذات أمام الفرق الكبيرة، إلى أن يكتسب الخبرة التي تؤهله فيما بعد لخوض مثل هذه المباريات. أيضاً دفاع ليفربول لم يكن جيداً بما فيه الكفاية، ولاحظنا ضعف كولو توريه أمام سانشيز وغياب التفاهم بينه وبين ساخو الذي كان خارج الخدمة تماماً هو الآخر، وما يدعو للدهشة أن رودجرز لم يُفكر في الدفاع بلوفرين في الشوط الثاني حتى بعدما لجأ لأسلوب 4-4-2، وشخصياً أتصور أن لوفرين لم يُقنع مع الريدز بسبب اعتماد رودجرز على ثلاثة مدافعين، وهي ليست مثالية بالنسبة للدولي الكرواتي المعتاد على طريقة 4-4-2. للمباراة الثانية على التوالي غاب الإبداع عن ليفربول، عكس ما كان عليه في بداية العام، وشاهدنا الإصرار على أسلوب جذب قلبي الدفاع إلى الأمام ثم التمرير في العمق لستيرلينج، صحيح آرسنال وقع في الفخ في الدقائق الأولى، لكن بعد ذلك فهم فينجر ورجاله اللعبة جيداً، وبعد ذلك عاد رامسي وكاثورلا إلى العمق للضغط على اللاعب الحائز على الكرة في وسط ليفربول، وأيضاً كان يعود معهما أوزيل، ورغم ذلك واصل الفريق الضيف اعتماده على هذه الحيلة التي أصبحت مكشوفة، حتى النهاية، وكأن الفريق لا يملك حلول أخرى.