حذّر وزير الطاقة والمناجم السيد يوسف يوسفي، من إمكانية نفاد احتياطات أهم المعادن في الجزائر في حال عدم بعث الاستكشاف والتنقيب. وقال إن منجم الحديد بالونزة سيُغلَق بعد أربع سنوات في حال عدم اكتشاف احتياطات جديدة، وهو نفس مصير منجم الباريت بتيسمسيلت المعدن المستخدَم في حفر الآبار البترولية. وربط الوزير عودة الاستكشاف والحفاظ على هذه الثروات، بالمصادقة على القانون الجديد، الذي يسمح بتدخّل الدولة وتمويل مثل هذه العمليات. وقال يوسفي ردا على أسئلة أعضاء مجلس الأمة بمناسبة عرض قانون المناجم الجديد أمس بمقر الهيئة التشريعية، إن الجزائر - عكس ما يقال -وضعت استراتيجية لتطوير قطاع المناجم، لكن ذلك مرهون بتطوير "التنقيب والاستكشاف"، مشيرا إلى أن القانون الجديد جاء ل "تصحيح القانون السابق؛ بإقحام الدولة في مجال التنقيب والاستكشاف". وكشف في السياق، أن الوكالة الوطنية للتنقيب لم تشتغل لأكثر من 10 سنوات؛ "لأنها مموَّلة من الدولة"، في وقت لم يقم بذلك المستثمرون الخواص الوطنيون والأجانب. ويشار إلى أن القانون رقم 01-10 المؤرخ في 03 جويلية 2001 الخاص بقانون المناجم، كان يستثني الدولة من تمويل أنشطة البحث المنجمي، تاركا ذلك للمتعاملين الخواص الذين لم يُبدوا أي اهتمام بهذا المجال؛ مما أدى إلى تراجع وركود إنتاج المواد المنجمية غير الموجهة للبناء. ذلك ما أوضحه ممثل الحكومة خلال شرح أحكام القانون لأعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية لمجلس الأمة، حسبما جاء في تقريرها التمهيدي، مشددا على أهمية توفر الموارد البشرية المؤهلة والمتخصصة؛ نظرا لوجود نقص فعلي في هذا المجال بالجزائر، مذكرا بفتح معهد وطني للمناجم العام الماضي. وتحدّث الوزير عن "إمكانات معتبرة" ستجنّد، وترتكز على مجموعة من الإجراءات، منها "تعزيز الإمكانات المادية والبشرية للديوان الوطني للبحث الجيولوجي والمنجمي". كما اعتبر أن خلق وكالتين جديدتين بدل تعديل مهام الوكالة الموجودة سابقا -كما أشار إليه بعض أعضاء مجلس الأمة في جلسة النقاش - هدفه عدم الخلط في المهام؛ باعتبار أن إحدى الوكالتين ستعمل في البحث العلمي، فيما ستتكفل الثانية بمنح الرخص والمراقبة. وبخصوص الانشغال الذي طرحه عدد من أعضاء المجلس والمتعلق بحرمان المنتخبين المحليين من إبداء رأيهم في منح رخص استغلال المناجم، أبدى الوزير تفهّما لهذا الانشغال، مع العلم أن القانون ينص على إشراك الوالي فقط في عملية منح الرخص. وقال يوسفي إنه يحبّذ أخذ آراء المنتخبين في هذا الأمر، واعدا بدراسة كيفية إيجاد حل لهذا المشكل. كما وعد بالدفاع عن مطلب البلديات بالحصول على جزء من الإتاوات والرسوم الخاصة باستغلال المناجم التي توجد فوق أراضيها؛ من أجل مساعدتهم على تنمية مناطقهم، مشيرا إلى أن مثل هذا الإجراء يتم إقراره في قانون المالية. وتحدّث الوزير مطولا عن الثروات الكبيرة التي تمتلكها الجزائر في المجال المنجمي، إذ أعلن في هذا السياق، عن وجود احتياطات هامة من الحديد في تندوف (غار جبيلات ومشري عبد العزيز) وحتى في الهقار، معلنا عن بداية استغلال منجم غار جبيلات بتقنيات جديدة، لفصل الفوسفور عن الحديد من هنا إلى سنتين، والفوسفات في تبسة ومناطق أخرى لم يتم استكشافها بعد، وهو ما يمكّن من تطوير القدرات الجزائرية في صناعة الأسمدة باستغلال الأمونياك - اعتبره مشروعا هاما، قيمة استثماراته تصل إلى 5 ملايير دولار - إضافة إلى اليورانيوم وكذا الذهب باحتياطات قدرها 100 مليون طن قابلة للارتفاع في حال تعزيز جهود التنقيب، مشيرا في هذا الإطار، إلى أنه سيتم إعادة فتح منجم أمسماسة بتمنراست، وذلك بعد "استحداث مؤسسة عمومية ستعمل في إطار الشراكة الروسية على استغلال هذا المنجم من جديد". مواد معدنية أخرى متوفرة بكميات كبيرة في الجزائر مثل النحاس والملح، الذي قال الوزير إن الاحتياطات منه الموجودة فوق الأرض فقط، "تضاهي احتياطاتنا من البترول"، مشيرا إلى إمكانية إنتاج مليون طن من هذه المادة سنويا. كميات كبيرة موجودة كذلك من الباريت؛ إذ يُرتقب فتح منجم جديد خلال هذه السنة، حسب الوزير، الذي أوضح ردا على انشغالات عضو في مجلس الأمة، بأن غلق منجم وادي أميزور "الذي يُعتبر من أكبر مناجم الرصاص والزنك في العالم"، جاء لاعتبارات خاصة بحماية البيئة والسكان، مسجلا بأن طريقة استغلاله يجب أن تكون "عقلانية". وبالنسبة للرخام، قال الوزير إن المناجم الموجودة حاليا لا تغطي سوى 30 بالمائة من حاجيات البلاد من هذه المادة، مشيرا إلى أن الهدف هو الوصول إلى نسبة تفوق 50 بالمائة في السنوات المقبلة. وأعلن من جانب آخر، عن اكتشاف "غبار الماس" في مناطق رملية بالجنوب، لاسيما في رقان وعرق الشاش بأدرار، لكنه لم يتم لحد الآن التعرف على مصدرها الأساس، فضلا عن توفر كميات من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة. ولأن أحد أعضاء المجلس من الجنوب تحدّث عن الوضع في الولاياتالجنوبية وتهميش شبابها، لاسيما في التشغيل رغم تعليمات الوزير الأول، فإن وزير الطاقة والمناجم رد بالتأكيد على أنه من التضخيم القول بأن هناك تهميشا، مشيرا إلى المشاريع العديدة للقطاع في الجنوب، وآخرها كما قال الشروع في التنقيب عن المحروقات جنوب الهقار بالقرب من الحدود مع النيجر. وكشف عن لقاء جمعه الخميس الماضي مع ممثلين عن ولايات جنوبية لاسيما إليزي وتمنراست، مشيرا إلى أنه استمع إلى انشغالاتهم، لكنه لا يمكن القول إننا "حقرنا الجنوب". في السياق، أوضح بأن استغلال القدرات المنجمية الموجودة في هذه المناطق، يتطلب توفر الطاقة والمياه.