كان سكولاري يدرك قبل الهزيمة ضد الألمان أن كثيرا من البرازيليين لا يقاسمونه الرأي حول الكيفية التي اتبعها في إعداد الفريق الوطني لبلده، وهو الذي نال معه لقب كأس العالم سنة 2002، في دورة كوريا الجنوبية ضد نفس المنتخب الذي هزمه أول أمس، بملعب ناسيونال غارينشا أمام دهشة مواطنيه الذين لم يصدقوا في الوهلة الأولى ما كان يحصل لتشكيلتهم قبل أن يستفيقوا من أوهامهم ويقروا بأن الألمان كانوا أحسن من "السيليساو" في كل الجوانب ويستحقون الانتصار الكاسح الذي صنعوه. فكيف للمدرب سكولاري يقول البرازيليون أن يقوم بإبعاد لاعبين لا يزالون في أوج عطائهم رغم تقدمهم في السن، وقد جاءت الانتقادات لاذعة لا سيما من اللاعبين القدامى الذين حملوا في السابق ألوان التشكيلة الوطنية وأشهرهم ملك الكرة العالمية بيلي، الذي قال قبل انطلاق المونديال أنه كان يتمنى أن يقوم سكولاري، باستدعاء بعض اللاعبين الذين يكتسبون خبرة دولية طويلة، وذكر بشكل خاص كاكا وروبينيو، غير أن ملك كرة القدم اعترف أن أصعب شيء في البرازيل هو كيفية تشكيل فريق وطني بسبب تواجد لاعبين ممتازين في كل منصب، ونفس الشيء ذهب إليه كارلوس روبيرتو، حيث قال اللاعب الدولي البرازيلي السابق لريال مدريد أن "سكولاوي صعب المزاج ولا يتراجع عن قراراته، فهو يرى ما يناسبه ولا يمكنك مناقشة قراراته، الفريق الوطني الحالي افتقر إلى تواجد عنصر منظم في وسط الميدان يوجه اللعب نحو الأمام، وكان لا بد من استدعاء لمثل هذه المهمة كل من كاكا ورونالدينهو وروبينيو". وبغض النظر عن الاختيارات التي قام بها المدرب سكولاري لجلب أنسب اللاعبين، فإن الجميع في البرازيل كان متخوفا على مستقبل الفريق الوطني ورسموا له صورة سوداء حتى قبل أن يشارك في نهائيات المونديال الحالي، وربطوا ذلك بالمستوى الضعيف لكثير من اللاعبين الموجودين ضمن التشكيلة وكانوا بعيدين عن أن يلعبوا في صفوفها سواء لعدم اكتسابهم التجربة أم لتدني مستواهم، فضلا عن أن الفريق البرازيلي لم يقم بتحضيرات في المستوى المطلوب، فكانت مبارياته الودية قليلة لم تسمح للاعبيه بتقوية استعداداتهم لهذا المونديال، كما أن هناك من بين اللاعبين الدوليين من التحق بالفريق الوطني وهو منهك القوى بعد موسم شاق قضاه مع ناديه، بينما البعض الآخر لم يبلغ حجما كبيرا من التنافس، وقد خلقت هذه العوامل تذبذبا كبيرا في طريقة اللعب التي انتهجها المدرب سكولاري، وظهر ذلك بشكل واضح خلال مباريات الدور الأول والثاني من كأس العالم 2014، حتى أن البرازيل كاد يودع هذه المنافسة العالمية في مباراته ضد منتخب كولومبيا الذي أرغمه على لعب الوقت الإضافي، ولم يتأهل منتخب "السامبا" في الأخير سوى بالضربات الترجيحية. كما أن الأغلبية الكبيرة من البرازيليين يعتقدون أن فريقهم الوطني لا يمكنه أن يسترجع قوته المعهودة إذا ما استمر المدربون المتعاقبون على عارضته الفنية في تجاهل اللاعبين المحليين، ففي الخمسينيات والستينيات والسبعينيات صنع المنتخب البرازيلي شهرته من قوة البطولة المحلية، ولا زالت هذه الأخيرة في نظر النقّاد الحل الوحيد للبرازيليين لإعادة بناء مجدهم الضائع. سكولاري يتحمّل الهزيمة ويعتذر قال مدرب البرازيل في نهاية المباراة ضد ألمانيا، أنه يتحمّل المسؤولية كاملة لما وقع لتشكيلته أمام "المانشافت"، وبرر ذلك بالقول خلال الندوة الصحفية التي أعقبت تلك المباراة: "لقد كنت المسؤول الوحيد عن التشكيلة في كيفية انتقاء اللاعبين قبل المباراة وفي رسم الخطة التكتيكية، ولذلك أتحمّل هذه الهزيمة الكارثية، بالرغم من أن هناك أخطاء يمكن أن نتقاسمها مع اللاعبين، لكن في النهاية أنا المسؤول عما حدث في المباراة".وأضاف فيليبي سكولاري، أن كل شيء تحول بسرعة إلى الأسوأ بعد تلقي فريقه الهدف الأول الذي أحدث على حد قوله خللا كبيرا في صفوف فريقه، مشيرا إلى أن الفريق الألماني استغل بشكل جيد الارتباك الذي حصل في فريقه، ومضيفا: "لم يكن لنا أي رد فعل بعدما تلقينا الهدف الأول، إنني متأسف لكوننا لم نصل إلى المباراة النهائية ولا أجد أي كلمات سوى التوجه باعتذاري للجماهير البرازيلية التي كانت تشجع الفريق في أوقات صعبة".واعترف المدرب البرازيلي بقوة المنتخب الألماني، قائلاً إن البرازيل خسر أمام منتخب رائع ومميّز وعرف كيف يستغل الأخطاء المرتكبة من طرف فريقه".كما أشار سكولاري أن الأهداف الأربعة الأولى التي سجلت ضد فريقه أربكت عناصر تشكيلته، وأنه عجز عن القيام بالاستبدالات في تلك اللحظات للم شمل تشكيلته واضطر إلى انتظار بداية الشوط الثاني لإجراء تغييرين. وأقر المدرب البرزيلي بفقدانه للأمل انطلاقا من الهدف الثالث، وكان من الصعب على فريقه استرجاع أنفاسه وهو متأخر بخمسة أهداف كاملة، مشيرا أن لاعبيه حاولوا بناء اللعب و خلق الفرص التي لم تكلل بالنجاح بسبب أداء الحارس الألماني الذي منع البرازيل من تسجيل هدفين في بداية الشوط الأول مما أحبط معنويات لاعبي السيليساو. وأضاف "نعم هي الهزيمة الأسوأ وهي أسوأ لحظة عشتها في حياتي، لكنها حدثت وعلينا أن نتقبّلها لأن كل شيء سيستمر وحياتي ستستمر، فالهزيمة لن تنهي حياتنا".