توجت أشغال الندوة الوطنية حول التقييم المرحلي لإصلاح المدرسة، بحزمة من التوصيات انصبّت جميعها على ضرورة التغيير وإعادة النظر في مختلف جوانب المنظومة التربوية، وعلى رأسها عصرنة التسيير، مراجعة طرق وشروط وظروف تكوين المكونين وتكوين العنصر البشري، فضلا عن إزالة الفوارق بين تلاميذ منطقة الشمال والجنوب ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص في التعليم، وتعميم مرحلة التعليم التحضيري على المستوى الوطني. وسيتم قريبا تنصيب أفواج ستتكفل بدراسة التوصيات المنبثقة عن الندوة لتحديد أولوياتها وآجال تطبيقها حسب المستشار بالوزارة، الذي أكد أنه لا بد من الابتعاد عن التسرّع في التطبيق تفاديا لتكرار أخطاء الماضي. وأجمع المشاركون في اختتام الندوة الوطنية التي دامت يومين وحضرها أزيد من 300 مشارك من أساتذة وخبراء ومفتشين وإطارات في التربية، في توصياتهم المنبثقة عن ثماني ورشات عمل، على ضرورة مراجعة تنظيم الامتحانات الرسمية والكتاب المدرسي والبرامج البيداغوجية، فضلا عن ضرورة عصرنة التسيير البيداغوجي. كما اقترحوا عقد ندوة وطنية حول الحكامة والعصرنة، إلى جانب إعداد ميثاق أخلاقيات المهنة التربوية وإعادة بعث مرصد وطني للتربية والتكوين، إلى جانب الضرورة الملحة للتكفل بتكوين الأساتذة بطرق حديثة وعصرية لمواكبة التطورات، لاسيما في اللغات (الفرنسية والإنجليزية) التي تعرف بعض المناطق في البلاد عجزا فادحا في هذا المجال قصد تحسين المستوى، إلى جانب مكافحة التسرب المدرسي خاصة في الطورين الابتدائي والمتوسط. وأخذ محور البرامج والتدابير المرافقة للتعليم، حيزا كبيرا في اقتراحات المشاركين، بلغت نسبة 50 بالمائة لما لها من دور أساسي في عملية الإصلاح حسب السيد فيرد بن رمضان، الذي أشار أيضا إلى تكوين المكونين الذي اعتبره أيضا من أهم المحاور والتحديات التي ترفعها الوزارة، مشيرا إلى أن هذه الاقتراحات تعتبر من أولويات إصلاح المدرسة على المدى المتوسط والبعيد. وأضاف عضو اللجنة خلال ندوة صحفية نشطها مساء الإثنين، بثانوية الرياضيات بالقبة، عقب اختتام الأشغال أن الإجماع وقع أيضا حول إشكالية غياب الاستقرار في المنظومة، حيث ألح المشاركون على ضرورة العمل بكل الوسائل لضمانه بصفة نهائية وليس مرحلية، مضيفا أن الكل يعترف بأن هذه المنظومة لم تحقق بعد الأهداف المرجوة منها خاصة في نوعية المستوى والتحصيل، وهو ما تبرزه النتائج المتحصل عليها في كل سنة في الامتحانات لا سيما امتحان شهادة البكالوريا. واعتبر المتحدث من جهة أخرى أن الفارق الكبير الحاصل في التعليم بين الشمال ومنطقتي الجنوب والهضاب، أدى إلى تسجيل نتائج ضعيفة للغاية ولسنوات عديدة بهذه المناطق ما جعلها تتربع على عرش الفشل على حد قوله، متسائلا إن كان يعقل أن يذهب طفل إلى السنة الأولى وبحوزته حصيلة من المعلومات اكتسبها في القسم التحضيري ليدرس مع تلميذ لم يتلق أي تحصيل"؟ علما أن 56 بالمائة فقط من التلاميذ يستفيدون حاليا من التعليم التحضيري قبل توجههم إلى الطور الابتدائي. وتضمنت التوصيات التي جاءت انطلاقا من نتائج الاستشارة الوطنية حول تقييم إصلاحات المنظومة التربوية التي انطلقت في جانفي 2013، ودامت سنة كاملة، ضرورة التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى جانب تكوين معلمين مختصين في تسيير الأقسام التحضيرية، وإحداث تخصص في جامعة التعليم العالي والبحث العلمي يتكفل بالتكوين في المجال التربوي وفي الأطوار الثلاثة. أما بخصوص المدارس الخاصة فشددت التوصيات على ضرورة تكثيف وتعزيز مراقبة مدى تطبيق القوانين في تسييرها، مبرزين في نفس الوقت أهمية إنشاء مؤسسة خاصة بتسيير الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى التطرق لإشكالية الدروس الخصوصية التي يرى المشاركون أن تحسين مستوى التدريس والتكوين هو السبيل الكفيل بالقضاء على الظاهرة.