خلّف حادث تحطم طائرة "أنتونوف 140" التابعة لشركة "سباهان إير" الإيرانية أمس بعد إقلاعها من مطار طهران، مقتل كل ركابها البالغ عددهم 48 شخصا، مسجلا بذلك رابع كارثة تصيب نشاط الطيران المدني في أقل من شهر، وخامس حادثة من نوعها في عام 2014، الذي أضحى، حسب الملاحظين، عاما مشؤوما على نشاط الطيران المدني في العالم، بعد أن تم تسجيل وفاة أكثر من 750 شخصا، منهم 450 شخصا في أسبوعٍ واحد. فطبقا لحصيلة نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية أمس، فقد تَسببت حوادث الطيران المدني في العالم منذ بداية السنة الجارية، في هلاك أزيد من 750 شخصا في 5 كوارث جوية أصابت اثنتان منها شركة الطيران الماليزية، التي فقدت في 8 مارس الماضي، طائرتها من نوع "بوينغ 777" في ظروف غامضة، بعد أن أقلعت من مطار كوالا لمبور في رحلة إلى مطار بكين بالصين، وأصبحت فيما بعد تُعرف بالرحلة اللغز، بعد أن اختفت الطائرة وعلى متنها 239 شخصا، ولم يظهر لها أثر حتى الآن رغم حملات البحث المكثفة التي وصلت إلى غاية السواحل الغربية لأستراليا. وتبعت لعنة الحوادث الأليمة شركة الخطوط الجوية الماليزية، التي تعرضت طائرة ثانية تابعة لها ومن نفس الطراز، في 17 جويلية المنصرم، لقصف بصاروخ أرض جو، أُطلق من منطقة تسيطر عليها المنطقة المتمردة الموالية لروسيا، شرق أوكرانيا.وخلّف هذا الحادث المأساوي الذي لايزال التحقيق جاريا بشأنه، هلاك 298 شخصا، من بينهم 193 مواطنا هولنديا، كانوا متجهين من العاصمة الهولندية أمستردام إلى كولالمبور.أياما قليلة بعد هذه الحادثة، وبالتحديد في 23 جويلية الفارط، تسببت عاصفة شديدة في تحطم طائرة من طراز "أتي أر 72-500" تابعة للشركة التايوانية "ترانس أسيا" بجزيرة "بانغو" غرب تايوان، وذلك بعد محاولة هبوط فاشلة. وخلّف الحادث الذي يرجَّح أن يكون سببه المباشر الإعصار الذي اجتاح المنطقة، مقتل 48 راكبا، فيما نجا 10 أشخاص من الموت المحقق. وفي 24 جويلية المنصرم، وهو اليوم السادس والعشرون من شهر رمضان الكريم، تحطمت الطائرة التي استأجرتها الخطوط الجوية الجزائرية عن شركة "سويفت إير" الإسبانية، والتي كانت تضمن الرحلة رقم 5017 بين العاصمة البوركينابية واغادوغو والجزائر العاصمة بمنطقة غوسي شمال مالي، مخلّفة مقتل كل ركابها البالغ عددهم 116 راكبا من 15 جنسية مختلفة. ولازالت التحقيقات التي تشارك فيها مصالح عدة دول، منها الجزائرومالي وفرنسا متواصلة إلى حد الآن لتحديد ملابسات سقوط هذه الطائرة، وهي من طراز "ماك دونال دوغلاس 83"، وكذا الكشف عن هوية ضحاياها، من خلال تحليل عيّنات الأشلاء التي تم تجميعها بموقع الحادث، على إثر الارتطام الحاد بالأرض، والذي أدى إلى تفكك الطائرة إلى أجزاء صغيرة، طبقا للفرضيات المقدَّمة حول هذا الحادث المأساوي، والتي ترجّح أيضا تعرّض الطائرة لعاصفة رعدية شديدة. وفي حين فاق عدد ضحايا الكوارث الجوية التي سُجلت في أسبوع واحد من شهر جويلية المنصرم، 450 شخصا لقوا حتفهم في ثلاثة حوادث، استيقظ سكان العاصمة الإيرانية صبيحة أمس، على وقع حادثة طيران أخرى، إثر سقوط طائرة "أنتونوف 140" على حي سكني قريب من مطار طهران، مخلّفة هلاك ركابها ال48 الذين كانوا متوجهين على متنها إلى مدينة تاباس. وقد عرفت الشركات الإيرانية للطيران العديد من الحوادث خلال العشرية الأخيرة، خلّفت مقتل 900 شخص، وذلك راجع إلى قدم الطائرات التي تستخدمها هذه الشركات، وعدم قدرتها على اقتناء طائرات جديدة؛ بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد. صواريخ "أرض جو".. الخطر الجديد المحدّق بالطيران المدني غالبا ما تُربط الأسباب المؤدية إلى وقوع الكوارث الجوية بالأخلال التقنية المرتبطة بالأعطاب، أو بقدم الطائرات، أو الأخطاء البشرية المرتكَبة سواء أثناء القيادة من قبل الأطقم أو توجيه الطائرات من قبل مراقبي الجو، أو بعمليات الصيانة الدورية، غير أن الخطر الجديد الذي أضحى يهدد نشاط الطيران المدني خلال العام الجاري، هو الاضطرابات الأمنية التي تشهدها العديد من دول العالم، ولا سيما ما يُعرف ببؤر التوتر، حيث أصبحت شركات الطيران تتخوف من التحليق في أجواء هذه المناطق الخطرة؛ خشية استهدافها بصواريخ أرض جو، سواء عمدا أو بالخطأ. وقد دفع هذا الخطر الجديد مؤخرا العديد من شركات الطيران المدني إلى إعلانها تجنّب التحليق في الأجواء العراقية؛ خوفا من تعرضها لصواريخ تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي أظهرت بعض الصور التي عُرضت حوله، امتلاكه لأسلحة متطورة.. كما لازالت بعض الشكوك قائمة حول احتمال تعرّض الطائرة الإسبانية التي استأجرتها الجوية الجزائرية وتحطمت بشمال مالي، لاعتداء إرهابي، أو استهدافها بصاروخ أرض جو، لا سيما أن الحادث وقع في أجواء منطقة معروفة باضطراباتها الأمنية، وبعد أيام فقط من استهداف الطائرة الماليزية بصاروخ في أجواء أوكرانيا، التي تعرف هي الأخرى تدهورا في الوضع الأمني.ورغم كل هذا يبقى واجب اليقظة والمتابعة الصارمة لأشغال الصيانة الدورية والمعاينة التقنية الدقيقة للطائرات قبل كل رحلة، أكثر من ضرورة؛ لضمان رحلات آمنة، طبقا لتوصيات المنظمة العالمية للطيران المدني، التي تجعل من راحة وسلامة المسافرين الهدف الأسمى في تطوير النشاط، وذلك بعد أن كشفت التجربة أن تهاون شركات الطيران سواء في مجال الصيانة أو حتى النظافة، قد يؤدي إلى حوادث لا تُحمد عقباها، وهو ما كاد أن يكون مؤخرا مصير الطائرة التابعة للخطوط الجوية الهندية "ابر انديا"، التي اضطرت للهبوط بعد أن عثر طاقمها على جرذان في المقصورة، فيما كادت شركة "سويفت إير" الإسبانية أن تفقد طائرتها الثانية مطلع الشهر الجاري، إثر اشتعال النيران بإحدى عجلاتها بمطار فرانكفورت الألماني.