اجتمع عدد من الممارسين والأكاديميين في مجال المسرح أمس، لتكريم الراحل امحمد بن قطاف، في يوم دراسي تكريمي استقبله فندق السفير، وأجمعوا على أن الفنان كان بحق يشكل طفرة ومبدعا خلاقا في مجال الفن الرابع بالجزائر، نحت من أعماله اسما ذهبيا لامعا، وشّح به مسار وتاريخ المسرح الجزائري. ودعا رئيس اليوم الدراسي، الأستاذ والروائي واسيني الأعرج، للحفاظ على الشعلة التي أوقدها امحمد بن قطاف في المسرح الوطني والاستمرار في خطة تشبيب المجال، والاشتغال على أعماله، خاصة أنه المتعدد في الإبداع، فقد كتب العديد من النصوص وأخرج مسرحيات، فضلا عن أدائه التمثيلي المتفرد. وقال الأعرج بأن بن قطاف فتح المجال أمام العديد من المواهب الشابة ووضع الثقة في وجوه جديدة تدين له اليوم بعد أن توهج اسمها مسرحيا، من منطلق أن الراحل كان يحمل رؤية مفادها أن المهرجان الوطني للمسرح المحترف -رغم إقراره بضعف المستوى- إلا أنه خلق حركية من شأنها أن تفرض النوعية مع تعاقب الدورات. وعاد واسيني الأعرج عبر مداخلته إلى مسار شيخ المسرحيين، إذ استهل حديثه بمقولة؛ إن الفنان لا يموت أبدا، وعدد شخصيات رحلت، لكن بقيت مآثرهم، وبن قطاف واحد منهم، ووصفه بالجريء كونه فتح أبواب المسرح في ظل القهر الثقافي الذي مرت به الجزائر، خاصة بعد اغتيال عز الدين مجوبي وعبد القادر علولة، حيث اختارت بعض الأسماء المنفى وفضل هو البقاء والعمل بما هو موجود ومتاح، وأكد الروائي أن بن قطاف بذل جهودا ملفتة تعكس علاقته بالجمال والإنسانية، كما أنه شخصية لا تعوض بسهولة. وذكر المتحدث أن بن قطاف تفطن لغياب النص المسرحي وربط جسورا مع الروائيين لاقتباس أعمالهم وتحويلها إلى عروض مسرحية مدهشة. من جهته، أكد محافظ المهرجان محمد يحياوي أن امحمد بن قطاف تجربة رائدة ومتميزة، وتكريمه اليوم هو تكريم لكل المسرحيين الذين هم بمثابة شموع تضيء طريق الأجيال المتعاقبة، وأبدى المتحدث حرصه على تثمين كل ما يحقق الثقافة الراقية التي بدأ فيها الراحل. وأوضح المحافظ ومدير المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، أن عزمه متواصل لفتح الحوار بين المهنيين المسرحيين والأكاديميين العلميين، أملا في رقي المسرح الجزائري وتفوقه. وتم عرض شريط مصور أعده عزيز لشلح، تضمن مسار امحمد بن قطاف في 13 دقيقة، بداية من أولى أعماله المسرحية، وجوانب من كواليس تدريباته مع الفنانين ومقتطفات من كلماته في مناسبات سابقة تخص مهرجان المسرح المحترف، إذ كان المحافظ السابق، إلى أن وافته المنية شهر جانفي المنصرم. بعدها تداول على الكلمة كل من الأستاذ في النقد المسرحي إبراهيم نوال والممثل والمخرج محمد عباس والمسرحي المغربي عبد الكريم برشيد والتونسي منصف السويسي، للإدلاء بشهاداتهم عن المرحوم فقيد الساحة الثقافية بالجزائر وعميد المسرح الجزائري.