حيّا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة الدولية المدمجة لتحقيق الاستقرار في مالي "مينوسما" ألبير جيرار بيرت كوندرس، جهود الجزائر لتكريس السلم والأمن في مالي، معربا عن أمله في أن تفضي الجولة الثانية من المفاوضات الجوهرية بين فرقاء مالي، إلى نتائج إيجابية، من شأنها أن تعبّد الطريق أمام إنجاز خطوات مشجعة لإيجاد حل نهائي للأزمة التي تعصف بهذا البلد. وقال المسؤول الأممي في تصريح ل "المساء" على هامش انطلاق الجولة الثانية من الحوار المالي الشامل أول أمس بفندق الأوراسي، إن مؤشرات إيجابية بدأت تلوح في أفق جولات الحوار المالي الشامل بعد إبداء الحركات السياسية العسكرية والحكومة، إرادة في التوجه نحو الأمام، مؤكدا أن الجزائر نجحت مجددا في إقناع الفرقاء للاجتماع ومناقشة العوائق التي تحول دون التوصل إلى تسوية نهائية للملف. وأضاف السيد كوندرس: "رغم صعوبة المهمة إلا أن الأشواط التي قطعناها كفريق للوساطة، تنبئ بتحقيق المزيد من الإنجازات"، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة ملتزمة بدعم مساعي الجزائر، التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها إلى حد اليوم؛ من منطلق أن مطلب السلم بات ملحّا في الوقت الراهن؛ ليس في مالي فحسب، وإنما على مستوى منطقة الساحل ككل. وأوضح رئيس بعثة "مينوسما" أن من مصلحة الجميع دعم جهود الجزائر ورؤيتها لإحلال السلم في هذا البلد الذي يقع في منطقة حساسة، مضيفا أن منظمة الأممالمتحدة واعية بالتحديات التي تواجه المنطقة، ولا تحتاج للمزيد من التعقيدات التي أفرزتها الأوضاع المضطربة على مستوى دول الجوار، مثلما تعرفه الأوضاع في ليبيا مثلا. وبخصوص مجريات الجولة الثانية من الحوار المالي التي انطلقت بالجزائر، أشار كوندرس إلى أنه لا خيار أمام الماليين سوى الالتفاف حول حل يرضي الجميع، مؤكدا أن هذه الجولة تشكل فرصة سانحة لهم للانخراط فعليا في مساعي البحث عن مخرج نهائي للأزمة في هذا البلد، في ظل الدعم الدولي الكبير الذي تحظى به المفاوضات التي تنصبّ عليها أنظار الشعب المالي، الذي يتطلع للعيش الكريم، والمجموعة الدولية التي تتوق لإحلال السلم في هذه المنطقة الحساسة. ويرى الممثل الأممي أن أكثر ما تحتاجه المرحلة الراهنة هو أن يقف الماليون بكل أطيافهم، في موقف موحد وترك السلاح جانبا؛ كونه لا يحل المشاكل، مؤكدا أنه لا مناص من الالتفاف حول جهود السلم والمصالحة ونسيان الخلافات، التي من شأنها تعكير الأجواء وتعقيدها. وعن سؤال حول سعي بعض أطراف الجوار للتشويش على مسار الجزائر، أوضح كوندرس أن المصلحة تقتضي فسح المجال أمام فرص السلام، وتمكين الماليين من التفرغ لأولوية تكريس السلم والمصالحة الوطنية، وأن أية محاولة للتأثير على ما سيتم تحقيقه من خطوات في هذا المجال، لن يخدم استقرار المنطقة ككل، مشيرا إلى أن مسار الجزائر يحظى بإجماع دولي قوي، وهو ما يُلمس من خلال مكونات فريق الوساطة. وفي رده على سؤال حول مقتل أعضاء من "المينوسما" مؤخرا في مالي، عبّر السيد كوندرس عن أسفه لمثل هذا الحادث الأليم، منددا، في هذا الصدد، بالأعمال الإرهابية التي تطال أشخاصا يحملون رسالة السلام، غير أنه أشار إلى أن الأمن والسلم له ثمنه في كل مكان. وذكّر، في هذا الصدد، بمقتل الدبلوماسيين الجزائريين؛ حيث عزّى في هذا الصدد عائلتي الضحيتين قساس وتواتي، في حين وجّه تهانيه للمفرَج عنهما بعد أكثر من ثلاث سنوات من الاحتجاز. وفي هذا الصدد، أشاد رئيس "المينوسما" بالجهود التي تبذلها الجزائر في مكافحة الإرهاب، مؤكدا أن تعاطيها مع مسألة الدبلوماسيين المختطَفين يعكس نجاعة عقيدتها في محاربة هذه الآفة بعدم دفع الفدية للإرهابيين. وعبَّر عن أمله في أن تحذو دول أخرى حذو الجزائر في الامتناع عن دفع المبالغ المالية للإرهابيين، مقابل الإفراج عن الرهائن، مثلما تنص على ذلك لائحة لمنظمة الأممالمتحدة؛ كون ذلك يعزّز من شوكتهم لتنفيذ مخططاتهم في تهديد الأمن والاستقرار العالمي. يُذكر أن المرحلة الأولى للحوار المالي الذي جرى من 17 إلى 24 جويلية بالجزائر، تُوجت بالتوقيع على وثيقتين من طرف الحكومة المالية وست حركات سياسية عسكرية لشمال مالي، تتعلقان بخارطة الطريق الخاصة بالمفاوضات في إطار مسار الجزائر وإعلان وقف الاقتتال. فبالإضافة إلى الحكومة المالية تتمثل الحركات الستة الموقّعة على الوثيقتين، في كل من الحركة العربية للأزواد، والتنسيقية من أجل شعب الأزواد، وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة، والحركة الوطنية لتحرير الأزواد، والمجلس الأعلى لتوحيد الأزواد والحركة العربية للأزواد (المنشقة).