أكد الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، أنه لا توجد أي تخوفات ناتجة عن الانخفاض الأخير في أسعار النفط، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت كل احتياطاتها لمواجهة مثل هذا الوضع منذ عدة سنوات، لاسيما من خلال التحكم في الاقتصاد الكلي الذي تبقى مؤشراته ايجابية وهو ما ستواصل الحكومة على الحفاظ عليه. وشدد في السياق على أن الدولة ستواصل استثماراتها الكبرى في إطار المخطط الخماسي 2015- 2019، لكنها بالمقابل عازمة على الذهاب قدما في سياستها الهادفة إلى تنويع اقتصادها. وهو الهدف من الندوة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية التي افتتح الوزير الأول، مساء أمس، أشغالها في الجزائر العاصمة، بخطاب أوضح فيه أولويات سياسة الحكومة في هذا المجال وتوجهاتها العامة. فاذا كان تراجع أسعار النفط لا يخيف الحكومة، فلأن الجزائر تملك كل الإمكانيات "مادية وبشرية"، والقدرات التي تمكّنها من تحقيق رهان بناء اقتصاد قوي يقوم كما قال السيد سلال على مواصلة الاستثمار في قطاع المحروقات من جهة، والاستمرار في نفقاتها الموجهة للاستثمار العمومي وكذا تشجيع الاستثمار المنتج في شقيه العام والخاص، الوطني والأجنبي وبدون أي تمييز، من جهة أخرى، والهدف هو الوصول إلى تحقيق نسبة نمو قدرها 7 بالمائة في 2019. والأكيد، أن الاقتصاد الجزائري "منفتح" وهو "أمر لا تراجع فيه"، لكنه بالمقابل "اجتماعي" وبعيد عن الليبرالية المتوحشة، إذ أنه –كما أوضح- لا يخضع لأي "عقيدة اقتصادية" غير تلك التي نص عليها بيان أول نوفمبر، والتي تحتفي الجزائر بذكراه الستين. ذكرى يراها الوزير الأول فرصة ل«اندلاع حقيقي لتطور اقتصادي وخاصة صناعي بالجزائر". وهو "أحسن جواب لتضحيات الشهداء والمجاهدين" كما أضاف ما جعله يقول بأن اللقاء "هام جدا". لكن هذا المسعى الذي يقوم على ثلاثة أعمدة وهي العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو (تم التوقيع عليه لدى موثق وستسلّم نسخة منه لمكتب العمل العالمي يوم 12 نوفمبر)، والمخطط الخماسي 2015-2019، وتشجيع الاستثمار المنتج، يحتاج إلى مشاركة كل الفاعلين الذين دعاهم إلى العمل مع الحكومة لتحقيق هذا المسعى، وذلك في جو تطبعه الثقة وبعيدا عن خطابات "التشاؤم" و«الإحباط". ومن باب التفاؤل، أشار إلى بوادر تبشر بالخير في هذا المجال، منها خروج أول سيارة من مصنع "رونو" بالجزائر في العاشر نوفمبر الجاري، وهو تاريخ تدشين مصنعين في مجالي المحروقات والإسمنت. كما ذكر بمشاريع كبرى قيد الإنجاز مثل المحطة الجوية التي تسع 10 ملايين مسافر بالعاصمة، وميناء الوسط وهو الأكبر في الجزائر ويقع بين تنس وشرشال على مساحة 1000 هكتار، وكذا إنشاء أول أكاديمية للعلوم والمعرفة قريبا بالجزائر. كما ذكر بجملة القرارات والإصلاحات التي باشرتها الحكومة لتشجيع الاستثمار منها تلك التي تضمنها قانون المالية 2015، مشيرا إلى أن الهدف المتوخى هو خلق الثروة ومناصب العمل. وإذ اعترف بوجود عراقيل لاسيما الإدارية منها، فإنه أكد العمل على إزالتها تدريجيا لكن دون "انزلاقات"، ودون الابتعاد عن روح السياسة المنتهجة التي ردد في الكثير من المرات أنها "براغماتية". كما شدد الوزير الأول، على الحوار ك«مبدأ أساسي" في عمل الحكومة، لكنه أكد عزم الدولة على تطبيق القوانين "بكل حذافيرها". وقال سلال "أقولها صراحة وبقوة، السلطات العمومية عازمة على الذهاب قدما في سياسة تنويع الاقتصاد الوطني، لكن انخراط الجميع شرط أساسي لتحقيق ذلك"، مضيفا أنه لابد من العمل في جو هادئ ومستقر، ودعم الاستقرار السياسي باستقرار اقتصادي خدمة للمواطنين والشباب خصوصا. وأكد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، أن الندوة ستتناول جملة من المسائل المرتبطة خصوصا بتحسين مناخ الاستثمار المنتج من أجل تنمية مستدامة وقوية، وخلق مناصب عمل بغية مواجهة الرهانات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد الوطني ومجال الصناعة خصوصا. وقال إن الطموح هو تحسين تنافسية ومناخ الاستثمار في القطاع الصناعي من أجل وضع بلادنا في مصاف الدول التي تتمتع بمصداقية وتنافسية كبيرة. وذكر وزير المالية محمد جلاب، من جانبه بالمجهودات المبذولة في قطاعه لتسهيل الاستثمارات والإجراءات المتخذة في هذا المجال والتي أثمرت نتائج ظهرت في ارتفاع القروض الموجهة للاستثمار ب20 بالمائة، كما أشار إلى المبالغ الضخمة الموجهة لتطهير المؤسسات العمومية، وعن التطور الذي شهده القطاع المالي والمصرفي، فضلا عن المؤشرات الاقتصادية الكلية الايجابية التي حافظت عليها الجزائر. وفي تدخله رافع الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي سعيد، لصالح التكامل بين القطاعين العام والخاص وتغيير الذهنيات، كما رافع لصالح الجمع بين النجاعة الاقتصادية والبعد الاجتماعي بعيدا عن الهيمنة الاقتصادية التي تفرضها القوى الكبرى، لذا تحدث عن ضرورة توفر عامل الثقة والتكامل والتناغم. من جانبه طالب ممثل الباترونا من جانبه بضرورة إنجاز الإصلاحات التي وعدت بها الحكومة باعتبارها أولوية، مشيرا في السياق إلى ضرورة تجند الجميع والتزامهم الفعلي من أجل مصلحة الوطن. وأكد أن الباترونا يعد اليوم شريكا وعليه تحمّل مسؤولياته.