استطاع الفنان التشكيلي المتألق صاحب تقنية الفن الغرافي على الرمال، ميلود تونسي أن يبهر زوار المعارض التي يشارك فيها، معلقين على أعماله بقولهم «ما شاء الله».. وقد طور مهاراته الإبداعية بعد سنوات من إطلاقه لهذا الفن الذي يعتبره عصارة دراسته للبرمجة العصبية التي ساعدته على معرفة كيفية توسيع الإدراك، ليتحرر هذا الفن الذي كان قابعا بداخله لسنوات، وتتحرر معه جماليات الألوان والظلال في صورة متناغمة حبكت أبجدياتها حبات الرمال المختلفة الألوان، التي جمعت عبر ربوع الوطن لتشكل لوحة فنية تسر الناظرين. وجدنا السيد ميلود تونسي بمعرض الصناعات التقليدية مهتما بصناعة إحدى لوحاته الساحرة، وعلى يمينه أزيد من 30 لونا من الرمال، ولوحات معروضة تحاكي الأزمنة والأمكنة والعمران، فمنها ما يعود للأزمنة القديمة وأخرى لأماكن طبيعية ساحرة على غرار الشواطئ الجزائرية، الصحراء، الموانئ والحياة الهادئة بين دروب القصبة والمساجد العتيقة التي تحمل في جوهرها روحانية تشعرك بالهدوء والسكينة وأنت تنظر إليها. والمميز في الأمر أن التقنية التي يستعملها الفنان تجعل للرمال ألوانا، ظلالا وضياء، وهو سر بهاء لوحاته. حول هذا الفن الذي سكن وجدانه خاصة أنه داعب الريشة لأزيد من 35 سنة في عالم الفن التشكيلي يقول: «عندما لامست أناملي الرمال أدركت أن سحرها لا يتوقف في الأماكن التي توجد بها، فهو ممتد في كل الأماكن التي تحل بها، فأصبحت تشكل جوهر اللوحات التي أعدها علما أن دراستي للبرمجة العصبية وخاصة الشق المتعلق بالإدراك، جعلني أطلق هذا الفن الذي رسمته وزارة السياحة لأكون أول مصنف جزائري ومغاربي، علما أن اللوحات التي صنعها تعكس المعالم التاريخية للجزائر، وهذا فخر كبير بالنسبة لي وللأرض الطيبة التي أنتمي إليها». وحول تفاعل الجمهور مع لوحاته، قال محدثنا: «في بداية مساري كان هناك تخوف من قبل الجمهور، حيث كانت تطرح عليّ الكثير من الأسئلة على غرار عمر اللوحة، والوقت الذي تأخذه حتى تكتمل، وكيفية استعمال الرمال، لكن الآن وبعد أن شاركت في العديد من المعارض وتعرّف الناس على الفن الغرافي، بات معروفا لديهم ومحبوبا، بحيث أصبح العارفون به يختارونه كهدايا قيمة ترسل لمختلف أصقاع الأرض، خاصة أن الرمال تتحول في هذه اللوحات إلى معالم تاريخية». وبخصوص التقنية التي يعتمدها قال السيد ميلود: «الفن الغرافي يحتاج إلى الصبر والقوة الروحية، ومحبتي لوطني وتاريخنا المجيد، جعلتني أعمل على تقريب الصورة لأذهان الغير، فمن خلالها سيفهم مشاهد الصورة كيف هي الجزائر، جمالها، أرضها الساحرة وتاريخها العريق، ولا أخفيكم أنني تواصلت مع عدة ولايات لتعليم هذه التقنية للشباب، وقد استجابت 5 ولايات وأنا بصدد تعليم هذه التقنية لأبنائنا فيها». وحول جماليات الألوان التي تطبع اللوحة والظلال التي تميزها، قال الفنان: «تقنيا، طورت اللوحات، فقد أصبحت الآن قادرا على عكس الضوء والظل من الرمال، وأصبح لدي 75 لونا أعمل عليها، فوجودها يساهم في ثراء اللوحة، وقد جلبت الرمل الأخضر بتدرجاته، من تندوف، وهو من النوع الفريد، علما أنني اتفقت مع حرفيين من مختلف ولايات الوطن على إرسال مختلف ألوان الرمال لي وقد وفقت في ذلك والحمد لله، الألوان الأخرى للرمل أحصل عليها من ولايات أخرى، كما فتحت ورشة ببسكرة الساحرة التي تحصلت فيها على 38 لونا من الرمال».