أوضحت وزارة المالية في بيان لها أمس، مضمون المادة 20 من قانون المالية التكميلي لسنة 2008، المتعلقة بإلغاء الاحتكار الذي تمارسه المديرية العامة للضرائب في مجال المتاجرة بالكحول الصافي (الكحول الاثيلي)، وذلك في ظل تنامي المواقف الرافضة لهذا القانون. وأشار البيان في هذا الشأن إلى أن هذه المادة التي تعدل أحكام المادة 73 من قانون الضرائب غير المباشرة، تلغي الاحتكار الذي تمارسه المديرية العامة للضرائب في مجال المتاجرة بالكحول الصافي، وذلك بمنح ترخيص للمتعاملين الخواص مقابل دفتر الشروط لممارسة هذا النشاط في جميع مراحله (الإنتاج والاستيراد والتصدير والمتاجرة)، كما هو الشأن بالنسبة لمصلحة الكحول التابعة للدولة، وقد جاء في المادة المذكورة أنه فضلا عن هذه المصلحة التابعة للدولة "فإن عمليات استيراد وإنتاج وبيع الكحول من طرف الأشخاص الطبيعيين والمعنويين تتم عن طريق الحصول على اعتماد من الإدارة الجبائية بعد الاكتتاب في دفتر الشروط" وتحدد هذه المادة أن ضبط شروط ممارسة النشاط وكيفيات الحصول على الاعتماد وكذا بنود دفتر الشروط تتم "بموجب قرار من الوزير المكلف بالمالية". كما حرصت الوزارة على التوضيح في بيانها أن التدبير الجديد الذي يرفع الاحتكار على هذا النشاط يهدف بالأساس إلى ضمان التموين الدائم للاقتصاد بمادة الكحول الصافي ذات الاستعمال الصناعي والصيدلاني.وهو ما سيفسح المجال أمام القطاع الخاص لاستيراد وتصدير وتوزيع وإنتاج هذه المادة التي تعتمد عليها عدة صناعات وفي مقدمتها صناعة الأدوية والمستحضرات المنزلية، والتي لم تستطع مصلحة الكحول التابعة لوزارة المالية، تغطية وفرتها بالشكل الكافي والاستجابة بالتالي للطلب المتزايد على هذه المادة. وبموجب القانون الجديد يحق للمتعاملين الخواص إنتاج واستيراد وتوزيع الكحول الصافي بعد الحصول على موافقة إدارة الضرائب، والخضوع لدفتر شروط محدد. غير أن القانون الجديد يلقى معارضة من عدة فعاليات سياسية ترى في الأمر خطورة على اعتبار أن تحرير هذا النشاط سيؤدي إلى تفشي نشاط بيع واستيراد وتوزيع المشروبات الكحولية، الذي سبق وان عارضته ودفعت على حظره في وقت سابق. ولم تتأخر الأحزاب السياسية المعترضة على هذا الإجراء عن التعبير عن استيائها ورفضها لهذه المادة الجديدة التي تم إدراجها في قانون المالية التكميلي لسنة 2008، حيث انتقدت حركة النهضة الأحكام والرسوم الضريبية الجديدة التي جاء بها القانون المذكور "وما نص عليه من ترخيص الحكومة للخواص بإنتاج واستيراد وتصدير المشروبات الكحولية"، ودعت نواب البرلمان إلى إسقاط هذه المادة ورفضها. وعلى صعيد مماثل وصف حزب العمال قرار إلغاء الاحتكار على تجارة واستيراد الكحول بالقرار "غير المبرر والخطير" كما اعترضت حركة مجتمع السلم على القرار واعتبرته قرارا خاطئا لا يخدم مصلحة الشعب الجزائري، متعهدة بالعمل على إبطاله في الدورة البرلمانية التي تنطلق شهر سبتمبر المقبل. وأمام النقاش الحاد الذي أثاره إلحاح وزارة المالية على تحرير نشاط استيراد الكحول والذي ترى فيه مطلبا اقتصاديا ضروريا، ووقوف بعض الأحزاب السياسية في وجه هذا الإجراء لاعتبارات أخلاقية بالدرجة الأولى، لما قد يشمله من انحرافات على حد رؤيتها، تتوقع بعض المصادر المتابعة للملف إمكانية احتواء هذا الخلاف من خلال ضبط النشاط المعني، وحصره في تخصصات ذات الاستعمال الصيدلاني والصناعي يحددها دفتر الشروط، وهو ما يرتقب أن يشكل أبرز النقاط التي ستتناولها جلسات المناقشة العامة لقانون المالية التكميلي.