كلّف الرئيس التونسي المنتخب الباجي قايد السبسي أمس، الحبيب الصيد وزير الداخلية الأسبق، بتشكيل أول حكومة في الجمهورية التونسية الثانية. وقال الصيد الذي سبق وشغل عدة مناصب في عهد نظام زين العابدين بن علي المطاح به أمام الصحافيين بقصر قرطاج، "لي الشرف أن أُستقبل من قبل رئيس الجمهورية، الذي كلفني بتشكيل حكومة الجمهورية الثانية". وأضاف أن "المشاورات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ستنطلق" بدون أن يقدم مزيدا من التفاصيل. وسارعت حركة النهضة القوة الثانية في البرلمان التونسي، إلى الترحيب بتكليف الصيد بتشكيل الحكومة، وأبدت استعدادها للتعاون التام معه. وقال زيد لدهاري المتحدث باسم النهضة: "كان لدينا موقف مبدئي قبل الانتخابات بأننا مع حكومة وفاق وطني... وسنبقى على نفس الموقف بتعيين رئيس حكومة، ونحن سعداء للتحدث معه". وكان حزب الرئيس السبسي "نداء تونس"، قد طرح اسم الصيد الذي شغل منصب وزير الداخلية بعد ثورة الياسمين لرئاسة الحكومة الجديدة مباشرة بعد احتلاله المرتبة الأولى في التشريعيات التي نُظمت شهر أكتوبر الماضي. ويحسم اختيار الصيد البالغ 65 عاما، جدلا كبيرا شهدته الساحة السياسية التونسية في الفترة الأخيرة بشأن اختيار شخصية من داخل حركة نداء تونس أو من خارجها، والذي، على ما يبدو، أثار خلافات داخل الحزب نفسه. وأقر محمد الناصر نائب رئيس حزب نداء تونس ورئيس البرلمان، أن تكليف الصيد بتشكيل الحكومة الجديدة أثار جدلا داخل حزبه؛ من منطلق أن بعض الأعضاء كانوا يفضلون أن يكون رئيس الوزراء ينتمي للحزب، وفق ما يقتضيه الدستور، الذي يمنح للحزب الفائز بالتشريعيات، حرية تعيين رئيس الوزراء، ولكنه برر اختيار الصيد، وهو شخصية مستقلة من خارج نداء تونس نظرا لكفاءته وتجربته، خاصة لمعرفته بالمجال الأمني. ووفقا للفصل 89 من الدستور التونسي، فإن الصيد أمامه مهلة شهر واحد بداية من التكليف الرسمي لتشكيل الحكومة القابلة للتجديد مرة واحدة، لتعرض بعد ذلك الحكومة الجديدة على مجلس نواب الشعب لنيل الثقة. وفي حال تجاوز الآجال المحددة بدون تشكيل الحكومة أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس النواب، فإن الرئيس يقوم في أجل مدته عشرة أيام، بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية "الأقدر" من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر. ويتولى رئيس الحكومة المكلف تشكيل طاقم من وزراء وكتّاب دولة باستثناء وزارتي الخارجية والدفاع، اللتين يتم التشاور حولهما مع الرئيس. وتعرض الحكومة برنامج عملها على مجلس نواب الشعب لنيل ثقته بالأغلبية المطلقة، وفى حالة حصولها على الثقة يتولى الرئيس فورا تسمية رئيس الحكومة. يُذكر أن الصيد كان قد شغل منصب وزير الداخلية في حكومة السبسي لدى تولي هذا الأخير رئاسة الوزراء مباشرة بعد الإطاحة بنظام بن علي، ولكن أيضا عمل مستشارا مكلفا بالشؤون الأمنية لدى الوزير الأول النهضوي حمادي الجبالي، كما شغل منصب رئيس مكتب في وزارة الداخلية في عهد بن علي، وأيضا كاتب دولة في وزارة البيئة.