بسبب خلافات حول مشروع قانون النظام الداخلي للبرلمان، تشهد تونس حراكا سياسيا لإنقاذ البلاد من أزمة سياسية جديدة في حال لم يتمكن الوزير الأول الجديد الحبيب الصيد، من كسب ثقة نواب المجلس النيابي التونسي. وينتظر أن يعرض الصيد، تشكيلة حكومته أمام نواب البرلمان التونسي بعد غد الأربعاء، للحصول على ثقتهم قبل مباشرة مهامه ووضع تونس على سكة التحول الديمقراطي والإقلاع الاقتصادي بعد مرحلة انتقالية زرعت الشك في أوساط الشعب التونسي. وهي الشكوك التي زادت حدّتها بعد خلافات في وجهات النظر بين مختلف القوى السياسية، وبرنامج الحكومة الجديدة وأيضا عدم توصل مختلف الأحزاب على وضع صيغة توافقية لتعريف المعارضة مما أجل الجلسة العامة للهيئة التشريعية التي كانت ستخصص أيضا لمنح الثقة لحكومة الحبيب الصيد الأسبوع الماضي. وأمام هذه العقبات وجد هذا الأخير نفسه محاصرا أيضا بعامل الوقت، حيث تنتهي المهلة الدستورية المحددة بشهر الممنوحة لرئيس الحكومة المكلف لعرض حكومته والحصول على ثقة نواب البرلمان. ويشد التونسيون جميعهم، طبقة سياسية ومواطنين أنفاسهم بعد أن ساد الاعتقاد أن حكومة الصيد، لن تحظى بالمصادقة بعد أن أبدت قوى سياسية فاعلة رفضها لبعض الوجوه الوزارية التي تم تسريب أسمائها للاضطلاع بمهام وزارية في الحكومة القادمة. ويكون ذلك هو الذي جعل رئيس الحكومة، المكلف يباشر سلسلة مشاورات جديدة مع قيادات مختلف الأحزاب بعد أن كان مقررا أن يعرض تشكيلة حكومته على النواب الأسبوع الماضي، ولكنه تراجع في آخر لحظة بعد أصداء أكدت انه لن يحظى بتأييد هؤلاء. وضم التشكيل الحكومي الجديد كلا من حزب "آفاق تونس" و«الاتحاد الوطني الحر" و«حركة نداء تونس" وشخصيات من المجتمع المدني، وتم تغييب حركة النهضة والحركة الشعبية. وقال رئيس حزب "حركة النهضة" ثاني أكبر قوة برلمانية ب69 نائبا أن "المشاورات بلغت درجة متقدمة لكنها لم تصل بعد إلى النتيجة المرجوة، وهي تكوين حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الأحزاب الكبرى. وهو الطرح الذي عارضه الطيب البكوش، الأمين العام لحركة نداء تونس بعد أن أكد أن "حكومة وحدة وطنية لا معنى لها في الوقت الراهن بقناعة انه يجب أن تكون هناك أطراف في الحكومة وأطراف في المعارضة"، في تلميح واضح الى حركة النهضة القوة السياسية الوحيدة القادرة على أن تكون بمثابة حكما في كل الترتيبات السياسية التي يمكن اتخاذها. ويكون هذا "الوزن" هو الذي جعل راشد الغنوشي، يؤكد أن "حكومة الصيد لا تمثل كل التونسيين"، مطالبا بتعديلات تمكن من التوصل الى وفاق وطني حول تشكيلتها وبرنامجها حتى تحظى بأغلبية واسعة عند تقديمها لمجلس نواب الشعب لنيل ثقتهم. وأضاف انه في حال أبقى الصيد، على تشكيلته الحالية فإن حركته النهضة لن تمنحها ثقتها بقناعة أنها لا تمثل طموحات التونسيين في حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة، وعلى اتخاذ القرارات الصعبة والقيام بالإصلاحات الضرورية في البلاد. ويرى متتبعون للشأن السياسي التونسي، انه يتعين على "نداء تونس" حزب الرئيس الباجي قايد السبسي، اتخاذ موقف من مشاركة حزب النهضة كلاعب أساسي" في معادلة سياسية صعبة التحقق، بينما ترى تشكيلات سياسية ذات الوزن الثقيل أنها تشكلت "دون استشارة الكتل المهمة في البرلمان، فضلا عن التوافق حولها، كما يؤاخذ البعض عليها ضمها وزراء لا يملكون دراية باختصاص الوزارات التي تحصلوا عليها"، فيما يعتبر البعض الآخر أنها "تضم مرشحين تحوم حولهم الشبهات".