كسبت المخرجة إيلزا حمنان، سهرة أوّل أمس، بالمسرح الوطني ”محي الدين بشطارزي”، رهان تقديم الفرجة من خلال عرض مسرحية ”ابن بطوطة”، في عمل إبداعي استنفذ كلّ أرجاء المسرح من الشرفة والرواق وبين المقاعد وكذا الخشبة، وبعثت أطوار قصته حركة وجلبة كبيرتين استمتع بهما الجمهور، جعلتهم مشدوهين طيلة فترة العرض. "ابن بطوطة” مسرحية تؤرّخ لمسار هذا الرحّالة الكبير الذي ذاع صيته في القرن الرابع عشر، وجعلت المخرجة إيلزا حمنان، وهي فرنسية –جزائرية من المسرح فضاء يمثّل العالم الذي زاره هذا الرحالة العربي الشهير، وأنجزت عملا فنيا فريدا يسرد في طابع خيالي جزءا من حياة الرجل الذي كان يريد اكتشاف مكة عام 1325 م فتأخذه المغامرة إلى أرجاء العالم. ويروي العمل، الذي أنتجه المسرح الجهوي ”عبد المالك بوقرموح” ببجاية، سيرة شخصية ”ابن بطوطة” التاريخية التي تعدّ أسطورة، وجابت المسرحية في رحلتها حول العالم الموجود في رأس ”جوزي” دون أن يبرح مكانه، أخذته إلى بغداد والإسكندرية وجزر الملديف وغرب إفريقيا وغيرها من الأماكن، وتتراكم الأحداث في مخيال ”جوزي” (أدى الدور الممثل فريد شرشاري) الذي يسافر معه في هذه الرحلة المجنونة عدد من الشخصيات. اعتمدت المخرجة على البطولة الجماعية، فالشخصيات الثماني التي أحيت المسرح في كلّ زواياه، أدّت أدوارها بكيفية متناهية، كانوا بمثابة الجمل ولكلّ فرد منهم لفظ وكلمة، وهذا التشبيه يمثّل كذلك واحدة من المشاهد البديعة التي ميّزت العرض، والمسرحية فيها الكثير من الحيوية أضفت الفرجة والبهجة، إستمتع بها الحضور. استغلت المسرحية سينوغرافيا تمثّل مسرحا والشخصيات كأنّها في حصة تدريبية، المسرحية بدأت وسط دخول تلقائي للجمهور، يتراءى الوالج للمسرح أنّ العرض لم يبدأ بعد وأنّهم يتدرّبون لحظات قبل العرض، لكن يكتشف بعد حين أنه يشارك في العمل وأنّ المسرحية بدأت وسط ديكور يمثّل خشبة المسرح بكلّ أكسسواراته الممكن أن تكون. يعاب على العمل وضع موسيقى توحي بالتشويق في مشاهد توحي بالمناجاة في إحدى مشاهد العرض، كما أنّ الإضاءة لم تساهم بالشكل الايجابي في تعزيز القيمة الفنية للمسرحية، واستعانت المسرحية بالأدوات الأولى والتقليدية للمسرح وهي الأقنعة التي كانت حاضرة بقوة.